أعاني من كثرة الفشل رغم اجتهادي ومساعدتي للغير، فما العمل؟
2020-10-20 03:31:52 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أعاني من كثرة الفشل في كل أعمالي بالرغم من الجهد الصادق أمام الله، وخاصة في دراستي أبذل مجهودا ممتازا، ولكن النتيجة دائما التوبيخ، مع ذلك منضبط في كل ما أمر الله به، وبار بوالدي -والحمد لله-، ولا أعرف سبب الفشل وعدم التوفيق، أشرح لزملائي ما يصعب عليهم، فيفلحون وأفشل، علما أني أجتهد بكل صدق وأمانة، فهل هذا من سوء الحظ؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك التوفيق والنجاح.
لقد سُررنا – أيها الحبيب – بما قرأنا ممَّا وصفت به أحوالك، من أنك حريصٌ على طاعة الله وبِرُّ والديك، وإعانة أصدقائك وأصحابك، وهذه كلُّها خصال خير ستجرُّك إلى مستقبل أفضل -بإذن الله تعالى-، وإن تأخّر عنك ذلك، أو ابتلاك الله تعالى بفواتِ بعض ما تُحب، أو وقوع بعض ما تكره، فإن الابتلاء قصير، والجزاء الحسن أمده طويل.
فأحسن بالله تعالى الظنّ، واعلم أنه سبحانه لا يُضيع أجر من أحسن عملاً، فإنه عزّ وجل أخبر بذلك ووعد في كتابه، فقال: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنَّا لا نُضيع أجر من أحسن عملاً}، فأحسن الظنَّ بالله وسترى كل خير، فإنه سبحانه وتعالى أهلٌ للظنِّ الحسن، فقد قال سبحانه في الحديث القدسي: ((أنا عند ظنّ عبدي بي، فليظُنَّ بي ما شاء)).
والمؤمن – أيها الحبيب – ينبغي له دائمًا أن يُراجع نفسه إذا فاته بعض المحبوب أو وقع عليه مكروه، أن يتفقّد أحواله، فإذا وجد خللاً أصلحه، وإذا وجد تقصيرًا في حق الله تعالى أو في حقوق الناس جبَرَه، وإذا وجد ذنبًا تاب منه واستغفر، وهذه من أعظم الحِكَم الإلهية في المصائب وفوات المحبوبات، يُذكِّرُ الله تعالى بها هذا الإنسان ليرجع إلى الله تعالى، فقال: {ولقد أخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون}.
فاللجوء إلى الله تعالى والتضرُّع إليه، والشعور بالفقر والحاجة والمسكنة، والتذلُّل والتواضع بين يدي الله، من أعظم الثمار التي يُريد الله تعالى سَوْقَ الإنسان إليها بابتلائه، بفوات محبوباته أو بوقوع المصائب عليه، فلا تحرم نفسك هذا الخير الكثير، الجأ إلى الله، ودوام على الاستغفار، وتذلَّل إليه، وادعوه دعاء المضطر المحتاج، وستجد أن الله تعالى يفتح أمامك من أبواب السعادة أضعاف أضعاف ما كنت تتمنّاه، وكم من محبوب يفوت على الإنسان فيسُوقُه ذلك الفَوْتِ إلى محبوبات أعظم وأجلَّ ممَّا فاته، فلله تعالى الحكمة البالغة فيما يُقدِّره على عباده، فهو أرحم بك من نفسك، وأعلمُ بما يُصلحك، وقد قال الله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
وممَّا ينبغي أن تتنبّه له – أيها الحبيب – أن القدر أمرٌ غيبيٌّ لا تعلم ما قدَّره الله وما كتبه لك، فلا تجعل من الحوادث السابقة مثبطًا على الأخذ بالأسباب، ابذُلْ ما بيدك من الأسباب، واسعَ فيما تُريد تحصيله من الخيرات، ثم فوض الأمور إلى الله سبحانه وتعالى أولاً وآخر، وستصل إلى ما قدّره الله لك، والقدر قد فُرِغَ منه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة))، وقال: ((رُفعتِ الأقلام وجَفَّت الصُّحف))، وقال: ((جفَّ القلم بما أنت لاقٍ يا أبا هُريرة))، فما قدَّره الله تعالى لك سيأتيك، ولكن عليك أنت أن تأخذ بأسبابه المشروعة، فإذا حُرِمتَ شيئًا بعد ذلك فاعلم أن الله تعالى لم يحْرِمْكَ إلَّا ليُعطيكَ أضعاف أضعاف ما فاتك.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يُقدّر لك الخير حيث كان.