ضميري يؤنبني بالسكن مع زوجي بعيداً عن والديه
2020-10-22 05:04:39 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
أنا متزوجة منذ سنة، وفي بداية زواجي عشت مع والد زوجي، ثم بدأت المشاكل مع حماتي لا يعجبها العجب، لو أشعل أصابعي شموعاً لا تقتنع.
كانت تشتكي لابنها مني، وتحرضه علي، لكنه لم يكن يستمع لأنه يعي جيداً بأساليب أمه ومعاملة عائلته.
كانت تتركه يغادر البيت وتعاملني أسوأ المعاملة رغم أنني أبرها، وبعد مدة اشتدت المشاكل وطلبت حماتي من زوجي الانفراد بسكنه، والآن أصبحت تتكلم عني وعن عائلتي، وتتهمنا بالسحر وغيره من أسوأ الكلام.
الآن أنا يؤنبني ضميري، وأحيانا أقول في نفسي: إنني سبب في ابتعاد زوجي عن والديه، وأبقى ألوم نفسي.
سؤالي: هل صحيح الطريق الذي أنا فيه أم أنا حقاً أبعدته عن والديه؟ وما رأيكم في الموضوع؟!
وشكراً?
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جهينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك -أختنا الكريمة- ورداً على استشارتك أقول:
هنالك من الأمهات من يصبن بالغيرة الشديدة من زوجات الأبناء لأنهن يعتقدن أنهن أخذن أبناءهن، وأن الأبناء صاروا يميلون لزوجاتهم أكثر منهن، وهذا قد يكون مجرد توهم ليس له حقيقة، فإن استطاعت الزوجة التعامل بالحسنى مع حماتها وتجنبت كل ما يثير غيرتها استطاعت أن تجتاز هذه المشاكل، خاصة إن تعاملت مع حماتها كتعاملها مع والدتها.
بالمقابل هنالك حموات طباعهن نكديات فعلاً، فلا يعجبهن العجب ولا الصيام في رجب كما يقال، وهذا النوع يحتاج إلى صبر ونفس طويل في التعامل معه.
أياً كانت حماتك فإن كان الأمر كما ذكرت في استشارتك ولم تتسببي في تلك المشاكل فلا عتب عليك، وتأنيب ضميرك يدل على حسن خلقك، وخوفك من الله تعالى.
الأصل أن يسكن الولد المتزوج في بيت مستقل حتى يبتعد عن المشاكل من جهة، وحتى تأخذ زوجته كامل راحتها معه ويأخذ كامل راحته معها، ومن العادات غير الحميدة أن يتزوج الولد ويسكن في بيت أهله، لأن ذلك يتسبب في مشاكل قد تصل إلى حد العقوق والعياذ بالله.
الرجل في تقديره يريد البر بوالديه ولكنه يسيء إليهم من حيث يظن أنه يحسن.
حالكم الآن في البيت المستقل هو الوضع الطبيعي لكل زوجين ثم مصير الزوج أن ينفرد ببيت مستقل إن كثرت أسرته، ولن يستطيع البقاء طيلة العمر مع أهله.
عليك أن توصي زوجك ألا يقطع والديه من الاتصال والزيارة والسؤال عن حاجتهما، وأن يقوم بخدمتهما حتى لا يترسخ في ذهنهما أنك تسببت في قطيعة الأرحام، فحثيه على ذلك.
أنصحك أن تترقبي الأجواء المناسبة فتبعثي لحماتك بهدية رمزية من باب قوله عليه الصلاة والسلام: (تهادوا تحابوا) ولا تقطعيها من الزيارة إن رأيت أن الوضع مناسب.
عليك ألا تكترثي بكلامها فيك أو في أسرتك، واحذروا من ردة الفعل، وعليكم بالصبر عليها، فهي آثمة في اتهامها ولكم الأجر على صبركم.
مما لا شك فيه أن الشيطان يريد تأجيج المشاكل والتحريش بينكم، فعليكم أن تقطعوا عليه الطريق، وألا تحققوا له ما يصبو إليه.
اهتمي بنفسك فأصلحيها من جميع النواحي، واعتني بزوجك وقومي بواجباتك على أكمل وجه، فهو جنتك أو نارك كما ورد في الحديث.
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة لله، وتحيني أوقات الإجابة، وسلي الله تعالى أن يشرح صدر حماتك وأن يلهمها الرشد، وأن يغفر لها، وسلي الله تعالى أن يرزقك السعادة مع زوجك، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
عليك أنت وزوجك بالرقية صباحاً ومساءً، فتحصنوا بذكر الله من شر كل ذي شر من شياطين الإنس والجن، واجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لك التوفيق.