ابنتي تتحسس من أي شيء وتشتكي لأتفه الأسباب.

2020-11-12 04:16:17 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم .

نحن نعيش في الغربة، لدي ثلاث بنات، ابنتي الوسطى لعمر١٠ سنوات، منذ ولدت وهي هادئة ومطيعة ومتفوقة إلى أن أصبحت بعمر ٨ سنوات بدأت تتعبني كثيراً.

خطها أصبح سيئاً جداً، ودائمة المشاكل بالبيت والمدرسة، في المدرسة تتحسس من أي شيء وتشتكي لأتفه الأسباب، ولا تتقبل التوبيخ من المعلمة، تريد فقط أن نمدحها!

بالبيت دائمة المشاكل مع أختها التي تكبرها بسنتين، حتى أصبحت أشعر أني أعيش في محكمة كثيرة الغيرة من أختها، وحساسة جداً، تبكي لأتفه سبب، وإذا طلبت منها أن تساعدني ولو بشيء بسيط تقول: طيب، ولا تفعل شيئاً، حتى غرفتها دائماً فوضوية لأبعد حد.

تعبت نفسياً ولم أجد حلاً للموضوع، كل يوم أنهار عصبياً بسبب مشاكلها، فإما أن تتشاجر مع أختها أو تجلس تبكي، لأنها تريد شيئاً ولم أعطها إياه، وتظل تلح حتى أصيح في وجهها.

كل يوم أقرر أني لن أعصب ولكنها تضطرني، دائماً أفضلها عن أختها وأميزها فقط لكي لا تتحسس وتغار، ومع ذلك إذا فعلت أي شيء يسير لأختها تبكي وتنزعج.

أرشدوني ما الحل؟ لأني أحياناً أفقد أعصابي وأضربها، وجزاكم الله خيراً.

أرجو منكم إرسال الجواب للإيميل، لأنه بعد تحديث موقعكم لم أعد أستطيع البحث برقم الاستشارة.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك.
سيدتي الفاضلة: إن قواعد التربية وعلم النفس تقول: إن السلوك الذي نعززه ونوجه انتباهنا إليه يتكرر مع الوقت، بينما السلوك الذي نتجاهله ونتصرف وكأنه لم يحصل يخف ويختفي مع الزمن، وأريد أن أطمئنك أن هناك أملاً كبيراً جدًا في حسن تدبير التعامل مع طفلتك، من خلال حسن الفهم لمرحلة الطفولة المتوسطة التي تمر بها ابنتك وهي من عمر سنوات إلى سنة.

هذا يتطلب منك أمرين:
الأمر الأول: ضرورة تعلم مهارات تربية الأطفال والتعامل معهم، وما هي احتياجاتهم في كل مرحلة، وكيفية تلبية هذه الاحتياجات دون أن نضطر للضرب أو التدليل، وسواء تم هذا التعلم من كتب تربية الأطفال، أو من خلال دورات تدريبية متخصصة للآباء والأمهات في مهارات تربية وكيفية التعامل معهم، وهذا سيساعدك على حسن توجيهها بالطريقة الصحيحية.

الأمر الثاني: ضرورة التحلي بالصبر والهدوء أثناء التعامل مع بناتك، والابتعاد عن الشدة والتعنيف، فهذا لا يزيد إلا عنادًا وصعوبة.

ما تقومين به كما ذكرت وقلت: ( دائماً أفضلها عن أختها وأميزها فقط لكي لا تتحسس وتغار)، إنه لأمر خاطئ وضار جدًا، ولذلك أود أنّ أُخبرك عن مرحلة الطفولة المتوسطة، وماذا يحصل من تطورعلى الصعيد العقلي والجسدي والاجتماعي والعاطفي والانفعالي، وبعض الأمور التي عليك القيام بها لتدعمي وتحفزي هذا التطور:

- عليك بإفساح المجال ليكون للآخر دور وتأثير إيجابي على التطور عند طفلتك، مثل معلمتها وأقرانها، فكلهم يلعبون أدواراً مهمة في هذه المرحلة، فالأم لم تعد محور الكون بالنسبة لأطفالها في هذا العمر.

- عليك التركيز على أمر مهم وهو تطور تقدير طفلتك لذاتها وأحاسيسها بشكل صحي وسليم.

- بالنسبة إلى التطور العقلي، فهذه الفترة تتسم بنمو سريع للدماغ والمهارات التأسيسية اللغوية، مثل القراءة والرياضيات والكتابة، ويمكن للأطفال في هذه المرحلة تعلم أي لغة جديدة، ولديهم أيضاً مخزون من الكلمات، والذي يبدأ بالظهور عن طريق استعمالهم له في تواصلهم مع الآخرين.

من الأمور التي عليك القيام بها لتدعمي وتحفزي تطور طفلتك يكون من خلال إعطائها فرصة لتتكلم وتعبر عن رأيها، وعدم مقارنتها بشقيقتها أو بأي طفل آخر.

أما بالنسبة إلى التطور الجسدي، اعلمي أن عظام الطفل ما زالت تنمو في هذه المرحلة العمرية، لذا انتبهي إلى أنها لا تحتمل الكثير من الضغط، ويقول الأطباء: إن النمو يكون بطيئاً ولكنه مستمر، ويزداد الطول كما أنّ الأسنان اللبنية تتساقط بينما تظهر مكانها الأسنان الدائمة، وعادة الأطفال في هذا العمر لديهم الكثير من الطاقة ويحبون الحركة واللعب كثيراَ.

هنالك بعض الأمور التي عليك القيام بها لتدعمي وتحفزي تطور طفلتك، ومنها: تحديد الوقت التي تقضيه خلف شاشات الأجهزة الاكترونية، تناول أطعمة نغذية ومتوازنة، علمي طفلتك أهمية النظافة الشخصية وكيفية المحافظة على جسدها.

الآن ندخل في صلب المشكلة لنصل إلى الحل.

بصراحة غاليتي: إن أسلوبك الخاطئ في التربية هو من حول طفلتك الهادئة إلى طفلة محترفة في الإلحاح والتذمر، فهي تستخدم هذين الأسلوبين كأسلوب ضغط تستخدمه لأنها تعرف يقيناً أنك ستهزمين حيال أسلوبها، وهو أسلوب ينفع وبه ستحقق لنفسها ما تريد.

أما بالنسبة لك فإن هذا الاستسلام هو الخيار الأفضل والأسهل لك، لأنه يمنحك السلام والهدوء والفرصة لأن تتحول إلى طفلة متذمرة محترفة بامتياز.

إليك بعض الاسترايجيات التي ستساعدك إن شاء الله تعالى:
استخدمي كلمة (لا) عندما يكون الوضع يتطلب ذلك، وربما تبدو هذه الكلمة بسيطة، إلا أنها من أكثر من الوسائل فعالية لوقف تصرف طفلتك؛ إذن بُنتي يمكنك أن تعتبري أنّ المفتاح لفعالية هذا الأسلوب هو التمسك بكلمتك، يعني عندما تطلب طفلتك شيئاً لا تريدين إعطاءها إياه، يجب أن تكون استجابتك بطريقة حازمة ومصممة وبدون تردد.

إن رأيت بأنها بقيت مستمرة بإلحاحها، فهنا عليك إخبارها بأنك ستسحبين منها امتيازاً أو أمراً تحبه، مثل استخدام لعبتها أو مشاهدتها للتلفاز.

إن بقيت على نفس الحال وبقيت مستمرة بطلبها بعد أن أخبرتها بأنك لا توافقين عليه هنا عليك باتباع خطوة تركها وحدها في الغرفة، وانسحابك إلى غرفة أخرى، وانشغلي بأمورك ولكن عليك التأكد أنها ضمن محيط نظرك.

إن وجدت إيجابية في تصرفها قومي بتعزيز هذا السلوك، وذلك بشكرك لها والثناء عليها، فهذا يجعلها أكثر عرضة لتكرار هذا الأسلوب الإيجابي.

تذكري ابنتي استجابتك لطفلتك عندما تطلب ما تريد عن طريق الإلحاح والتذمر، فأنت تقومين بمكافئة سلوكها الخاطئ وترسيخه.

تنظيم وقت الوالدة هو أمر مهم، فإن هي نظمت أمورها في البيت ووقتها فتلقائياً ذلك سيؤثر على نفسيتها وهدوئها.

لا تنسي أنّ التطور الاجتماعي والعاطفي والانفعالي يكون من خلال تأمين الدائرة الاجتماعية لطفلتك؛ فإن الأطفال يطورون الصداقات ويحبون النشاطات، واللعب ضمن المجموعات ويستطعون تحمل المسؤوليات، ويبدأ مفهوم الذات بالتكوين لديهم، وأيضاً يتعلمون كيفية التعامل مع مشاعرهم، وهي مهارة من المهم جداً تطويرها.

أسأل الله لكم التوافق والألفة، والمحبة بينك وبين أسرتك الكريمة يا أم محمد.

www.islamweb.net