تردد الفتاة في الزواج من شاب صاحب خلق ودين
2003-02-23 20:15:43 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله.
في الحقيقة أحب موقعكم جداً، وأحترمه، ولهذا قررت أن أرسل مشكلتي لعلي أجد عندكم الجواب الشافي.
أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة، تقدم لخطبتي شاب ذو خلق طيب ومتدين كما سمعنا ممن سألنا، ولكن المشكلة في الموضوع كما يراها جميع أهلي أنه الولد الوحيد لأبويه، وله ست أخوات بنات، هذا مما يعني أن الأمر يتطلب فتاة ذات قدرات ممتازة على التأقلم وكسب محبة أخواته البنات.
أمي ترى أني لست تلك الفتاة، فهي تقول: إني انطوائية، وجدية، ولا أحب كثرة الكلام، وأحب الوحدة والمطالعة، ولا أحب كثرة الخروج من البيت، سواءً للزيارات أو للتسوق، كما أنني حساسة جداً، ولا أحب أسلوب النصح العلني، فأنا أعتبره كإهانة، وهذه فعلاً حقيقة شخصيتي، أي: أني أختلف عن أغلب بنات جيلي أو من هم في سني، فهم يحبون الفسح والكلام والنكت، ويجيدون فن العلاقات الاجتماعية، ولكني لست مثلهم كما تقول أمي.
كما أنها تقول: إنه الولد الوحيد فسيتحمل كل المسئولية -يعني: زيارات، مناسبات، حل مشاكل الأسرة.. إلخ- وهذا شيءٌ طبيعيٌ ومن حقه، وهي تعتقد أني لا أملك الكفاءة التي تؤهلني لتحمل مثل هذه الضغوطات، فأنا عشت حياتي كلها أو جلها في هدوء وسكينة ولله الحمد، فلم تصادفني في حياتي أي مشاكل ذات أهمية كبيرة، وفي الغالب كانت أمي تساعدني في حلها، كما أنها تعتقد أنني تنقصني الكثير من الأمور التي تتطلبها العلاقات الاجتماعية كالحديث (الكلام) وروح النكتة، والدهاء... إلخ، وبما أنه الولد الوحيد، فإن أي هفوة قد ألاحظ عليها -أي: أني سأكون محط الأنظار- وأنا كما أخبرتك سابقاً إنسانةٌ لا أحب كثرة الكلام، والخطيب الذي تقدم عكسي، فهو اجتماعي ومرح، ولديه روح النكتة، وفي الحقيقة أنا محتارة، فالشاب جيد جداً، والجميع يشهد له بالخلق الطيب، والتدين، ولكني أخاف أن أظلمه معي طول حياتي.
كل أمنيتي أن أعيش في سلام لا أؤذي أحداً، ولا أحد يؤذيني، بصدق هذه هي أمنيتي، أشيروا علي، فأنتم أهل الخبرة والتجربة، ووضحوا لي الأمور، فأنا حائرة وأحتاج لمن يشرح لي الأمر من وجهة نظر محايدة.
ملحوظة أخيرة: من ضمن الأسباب التي ذكرتها أمي لي: أنه متشدد، عندما سمعت عن أسلوب تدينه، فهو لا يحب مخالطة الفتيات أبداً أبداً، كما أنه لا يحب الذهاب إلى الأماكن المزدحمة المختلطة، وينتقد بشدة الاختلاط.
أرجوكم أخبروني، هل هذا تشدد؟ أمي تقول: إني لا زلت صغيرة الخبرة والتجربة في الحياة، ولا أجيد دراسة طبائع البشر، في الواقع القرار النهائي عائد لي كي أتخذه، وأنا خائفة ومترددة، أوافق عليه أم لا؟ أرجوكم أشيروا عليَّ وانصحوني؟ لقد صليت صلاة الاستخارة عدة مرات ولم أشعر بأي شيء -أي: لا انقباض ولا انشراح .. إلخ- ولكني في الحقيقة لم أرتح لوالدته، مع أني لم أقابلها سوى مرة واحدة.
لا أنسى أن أقول: إن أهلي غير متحمسين للأمر، والسبب هو ما ذكرته آنفاً أنه الولد الوحيد لأسرته، وأخاف أن أتخذ القرار الخطأ، سواءً كان بالرفض أو الإجابة، انصحوني فأنا محتارة.
بارك الله فيكم، وسدد خطاكم، وجزاكم عنا ألف ألف خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ A حفظها الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بدايةً يسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، ويسعدنا استقبال رسائلك في أي وقت وفي أي موضوع، فاكتبي إلينا ولا تترددي.
الأخت الفاضلة! لقد فهمت من رسالتك أنك تحكمين على نفسك من خلال نظرة والدتك -حفظها الله- وكأنك طفلة صغيرة لا تعرف شيئاً، أو إنسانة رفعت دعوى في أحد المحاكم وطلبت من المحامي أن يتكلم نيابة عنها.
أنا لا أشك في حب والدتك لك وحرصها الشديد على سعادتك، ومدها لك بخبرتها العظيمة في عالم الواقع، ولكني لم أسمع منك شيئاً إلا قدراً بسيطاً يصعب معه التعامل معك.
أين رأيك أنت في الموضوع؟ أين خبراتك التي اكتسبتيها من والدتك ذات الخبرة الواسعة؟ إن أماً لديها هذا الحكم لا أتصور أن تخرج لنا إنسانة ناجحة بمعنى الكلمة، خاصةً وأن الشخص المتقدم هو أيضاً يملك عوامل النجاح من حيث شخصيته وتكوينه.
لذا أرى أولاً أن تكوني صاحبة نظرة مستقلة، مع أخذك في الاعتبار بوجهة نظر والدتك، ولكن أودُّ أن لاَّ تكون هي كل شيء، وإنما هي قرائن وأدلة، وأما أنت فأنتِ التي ستعايش هذا الشاب وتعيش معه، أنا شخصيّاً أرى أنه شخص مناسب جدّاً من حيث مكوناته الدينية والأخلاقية، وهذه هي أهم الصفات التي حثنا الإسلام على ضرورة توافرها في الرجل (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) وهذا بشهادتك صاحب دين وخلق.
أما ما ذكرت والدتك من ظروف أهله، فهذه أمور أودُّ عدم الوقوف عندها طويلاً؛ لأنها أمور عارضة قد لا تؤثر كثيراً في استقرار الأسرة، ثم لماذا نتهم أنفسنا بالضعف والعجز عن تحمل تلك المسئولية؟ ألست أنتِ من جنس البشر الذي يعيش بمهارة واقتدار؟ إن فتاة مثلك ربتها أم مثل أمك لا أعتقد أن تعجز عن النجاح في قيادة هذه الأسرة، وتحمل تلك المسئولية.
وأما موضوع تشدده فهو في صالحك ولمصلحتك. هل تريدين زوجاً لا هم له إلا مطاردة النساء بالنظرات والكلام المعسول، والاختلاط الساقط الذي يفسد حياة الناس؟!
زوجك رجل محترم لا يحب الحرام، ولا يرغب في الذهاب إلى الأماكن التي لا خير فيها، فهل هذا عيبً بالله عليك؟ إنها صفة رائعة من أعظم صفات الاستقرار الأسري، لذا أنصحك أن تعيدي الاستخارة أكثر من مرة، وأن تكثري من الدعاء أن يشرح الله صدرك للذي هو خير، وأن تكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بنية أن يشرح الله صدرك للخير، وأن ييسر أمرك، وأن يعينك على اتخاذ القرار المناسب، مع دعواتنا لك بالتوفيق والسداد.