رفض أهلي الخاطب بسبب أنه من بلاد أخرى!
2024-05-02 03:58:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة ملتزمة، -والحمد لله- على قدرٍ عالٍ من الأخلاق، وقدرٍ من الجمال، عمري ٢٠ عاماً، تقدم لي شاب ليس من قبيلة معروفة، أو نسب معروف، ويعيش في بلاد وأنا في بلاد، وأهلي لا يعرفونه أو يعرفون عن أهله شيئًا سوى أن أخاه يعيش في بلادنا، وزوجة أخيه هي من تقدمت لخطبتي له، وأنا أعرف المرأة، هي على قدرٍ عالٍ من الأخلاق والدين، مثل ما ذكرت زوجة أخيه، وهي بنت خالته: أن الشاب ملتزم وغير عصبي، ومرح، وأنه منفتح.
المشكلة هنا أنه بعدما سأل أهلي عنه بعض الناس لم يعيبوا على أسرته؛ فهم لا يعرفون عنه شيئًا، لكن يعرفون أخاه وذكروه بكل خير، لكن أهلي لم يقتنعوا بحكم أنه يعيش في بلاد أخرى، ومسألة استقراري هناك تقلقهم؛ لأنهم لا يعرفون أي شيء عن أسرتهم أو عن الشاب شخصياً.
وأيضاً مسألة أننا من قبائل معروفة، ونسبنا معروف، وأهل الشاب ليسوا من قبائل معروفة أو ذوي نسب، فأبدوا موافقتهم في البداية، وأنا استخرت ووافقت، اطمأنت نفسي حياله أنه ملتزم، وكنت أحدث نفسي أن أهم شيء الدين والأخلاق، ولكني مثل أهلي كنت خائفة! كيف هي طباعه وشخصيته؟ لا أعرف عنه شيئًا، وغير مسموح لدينا التعارف قبل الزواج، وكنت أخاف إن رفضت أن هذا شيء يغضب الله، ثم أهلي رفضوا للأسباب التي ذكرتها -وأقنعوني بكلامهم- فخفت أن أعترض على كلامهم، وأكون بهذا عصيتهم، وخفت على حياتي في المستقبل لو كان كلامهم صحيحًا سوف أندم فيما بعد من تنبيههم لي.
فهل برفض أهلي وعدم اعتراضي عليهم أكون أخطأت وأغضبت الله؟ فعلى أي أساس أختار شريك حياتي؟ وكيف أعرف أن قراري صحيح رغم رفض أهلي؟
شكراً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Joly حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان ويرضّيك به، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تَقَرُّ به عينُك وتسكنُ إليه نفسك.
لا شك أنك قد أصبت كل الإصابة -ابنتنا الكريمة- حين قررت موافقة أهلك في قرارهم بشأن تزويجك بهذا الشاب، فإن الوالد والأهل في غالب الأحيان يكونون أكثر دراية بالحياة وأهلها من الفتاة الشابّة، وهم مع هذه الدراية والعلم يُشفقون عليها، يُحبُّونها، يخافون عليها، يبحثون عن مصلحتها، فهذه الصفات كلها التي غالبًا ما تُوجد في الآباء عند استقامة أحوالهم وعندما يكونون في حالة طبيعية، هي التي جعلت الشريعة تجعل الولاية على التزويج في يد الأب، ومن ثمَّ فهو مأمور بأن يتحرَّى المصلحة لابنته، وقد خاطبهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه)، فهم مأمورون إذًا بتحرّي المصلحة لابنتهم بقدر الاستطاعة، ونأمل -إن شاء الله- أن يكون والدك قائمًا بذلك.
ولا تحزني أبدًا، ولا تقلقي لذهاب شخص لم يقتنع به أهلُك لمبرِّرات صحيحة ووافقتهم أنت على ذلك.
ومن جملة الأسباب التي يرى كثير من علماء المسلمين الحق للوالد في رفض مَن يخطب ابنته: ألَّا يكون كُفئًا لها، يعني أن يكون ممَّن ينتسب مثلاً إلى مهن محتقرة عند الناس، فلا يُلائم أهلها وعشيرتها، أو لا يكون موافقًا في النسب، أي مُكافئًا لهم؛ فهذه الأسباب اعتبرتها الشريعة؛ لأن تزويج مثل هذا يُسبِّبُ إيذاءً نفسيًّا لأهل الفتاة ولأبنائها بعد ذلك، فموافقتك لأهلك في هذا أيضًا من الصواب ومن دلالة رجاحة عقلك وحُسن تدبيرك.
أمَّا إذا تقدّم لك مَن يُرضى دينه وخلقه، وهو قادر على القيام بالزواج، ولم يكن ثمّ مبررّ لرفضه، ففي هذه الحال أعطتك الشريعة حق اللجوء إلى الحاكم والقاضي الشرعي، لإجبار وليّك على تزويجك، فإن لم يفعل؛ زوّجك القاضي، وفي هذه التدابير الشرعية كما ترين غاية الإنصاف والمحافظة على مصلحة الفتاة وحمايتها وحراستها من جميع الوجوه. إلا أن هذا القرار يلجأ إليه بعد دراسة جوانب كثيرة.
وتخوفك من مخاوف المستقبل عندما تخالفين أهلك في شأن الزواج تخوف صحيح؛ فإنك إذا اخترت شخصًا غير مناسب – ولا سيما إذا كان سيُبعدك عن أهلك – ربما تتعرضين لأنواع من المظالم لا يستطيع أهلك مساعدتك وإنقاذك منها، فتخوفك من هذا وقرارك في بقائك مع أهلك هو الصواب -إن شاء الله تعالى-، وبهذا يتضح لك أنك برفضك لما رفضه أهلك أو عدم اعتراضك على ذلك ليس خطئًا، وليس فيه إغضابٌ لله تعالى، فاسألي الله أن يُقدّر لك الخير، وأن يرزقك الزوج الصالح، فإن الله تعالى لا يردُّ مَن دعاه.
نسأل الله تعالى لك كل خير.