لا أشعر بوجودي، ما تفسير ذلك؟
2021-01-13 01:13:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
في البداية أشكركم على هذه المنصة التي نستفيد منها ونثق بتوجيهات المشرفين عليها.
مشكلتي بدأت في فترة بلوغي، كنت عصبية جدا ونفسيتي دائما متعبة، وكانت ثقتي بنفسي صفرا، ومع مرور الوقت لم أعد أشعر بذاتي، وفقدت الشعور بالوجود وبتصرفاتي، أفعل أشياء دون وعي مني، وتصرفاتي متناقضة.
لم أستطع إنهاء دراستي الثانوية لهذه الأسباب، رغم أنني كنت متفوقة، وفي السنة الأخيرة كنت أخرج من البيت متوجهة للمدرسة، لكن أجد نفسي بعيدة وكأنني أهرب منها.
ذهبت إلى أخصائي نفسي كان ينصحني بعمل جلسات استرخاء، ولكنني لم أستطع إكمالها، كل شيء أبدؤه لا أستطيع إنهائه، ولا أستطيع التعبير عما أشعر به، ولا أجد من يفهمني، حتى عند كتابتي لهذه السطور لا أعلم هل كلامي واضح أم لا؟
إضافة لكل هذا فأنا كنت في صغري مواظبة على الصلاة وقراءة القرآن وصيام التطوع، لكنني لا أستطيع فعل ذلك الآن، وسبق أن عملت رقية شرعية وحجامة مرة واحدة، وأحاول أن أرقي نفسي كلما استطعت فأشعر بارتياح عندها، لكنني لا أستطيع الاستمرار.
أرجو المساعدة، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
لا شك أن مرحلة اليفاعة والبلوغ والفترة التي بعدها فيها الكثير جدًّا من التغيرات النفسية والفسيولوجية، والبيولوجية والوجدانية تحدث للإنسان خاصة النساء.
وموضوع اضطرابات المزاج والعصبية وعدم الشعور بالذات، وحتى مشاكل اضطرابات الهوية والانتماء تكون في هذه الفترة وفي هذه المرحلة من العمر، لكن -بفضل من الله تعالى- هذه المراحل مراحل عابرة، نقول أنها عابرة وليست طويلة الأمد.
طبعًا من الأشياء التي يُؤسف لها أنك لم تواصلي دراستك، حيث إن التعليم طبعًا مهم، لكن يمكن تستدركي الآن بأن تبحثي عن تعليم بديل، هنالك فرص الآن لبعض الكورسات للحصول على بعض الشهادات، أو مثلاً تدخلي في برنامج لحفظ القرآن الكريم، شيء عظيم جدًّا، يعوضك -إن شاء الله- عن كل ما فقدته في المسار الأكاديمي.
الإنسان يشعر حقيقة بوجوده من خلال أفعاله وأعماله ومشاعره الإيجابية وأفكاره الإيجابية، فهذه يجب أن تكوني مُدركة لها، وإرادة التغيير موجودة عند الإنسان، في بعض الأحيان قد تكون خاملة أو كامنة أو لم تُفعّل، وعلينا أن نجتهد حتى نفعّلها، لأن الله تعالى قد وهب لنا هذه المهارات وهذه الخبرات لأن نتغيّر، {إن الله لا يُغيّر ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
ومن أفضل ما أنصحك به هو أن تُحسني إدارة الوقت، وأن تنظمي وقتك، وأن تتجنبي السهر، النوم الليلي المبكّر مهمٌّ جدًّا، لأنه يؤدّي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ وخلايا الجسد، والذي ينام مبكِّرًا يستيقظ مبكِّرًا، يُؤدّي صلاة الفجر في وقته، وهذه أعظم بداية لليوم، والبكور فيه خيرٌ كثير، ويمكن أن تقومي بأنشطة كثيرة جدًّا في هذا الوقت، مثلاً أعمال البيت، شيء من القراءة، بعض تمارين الإحماء الرياضية، والإنسان الذي يُنجز في فترة الصباح يشعر بوجوده وبكينونته، ويشعر بأنه مفيد لنفسه ولغيره، وسوف تجدين أن بقية اليوم يسير معك بسلاسة جميلة.
أيضًا برَّ الوالدين من خلال التواصل الأسري السليم مفيد جدًّا لتطوير الصحة النفسية، الأشياء التي نوصي بها نحن ونرشد إليها هي أشياء واقعة في مجتمعنا، موجودة، نحن نحرص على أن نتجنب الكلام النظري حول ما يُسمَّى بالعلاجات السلوكية المعرفية، العلاجات السلوكية المعرفية يجب أن تكون من صميم مجتمعنا وبيئتنا ومن خلال شرعنا عقيدتنا.
العصبية والتوتر هذا تستطيعين التخلص منه من خلال ما ذكرتُه لك من إرشاد، وأن تعبّري عن نفسك، وأن تُدركي دائمًا أنه يجب أن تعاملي الناس كما تحبين أن يعاملوكِ، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا في الحياة.
إذًا هذا مجمل النصائح التي أودُّ أن أسديها لك، وحتى تكتمل الرُّشتَّة العلاجية أريد أيضًا أن أصف لك دواء بسيطًا مُحسِّنًا للمزاج ومُزيلاً للقلق والتوترات، الدواء يُسمَّى تجاريًا (سبرالكس) واسمه العلمي (استالوبرام)، أنت تحتاجين له بجرعة صغيرة، تُوجد حبة تحتوي على عشرة مليجرام، وأخرى تحتوي على عشرين مليجرامًا، لست في حاجة لجرعة العشرين مليجرامًا.
تحصّلي على الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، ابدئي في تناول نصفها -أي خمسة مليجرام- يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تناولي حبة كاملة -أي عشرة مليجرام- يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء، السبرالكس دواء فاعل، وسليم، وغير إدماني، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.