امرأة تشكو من لين زوجها للأجانب وقسوته في البيت
2006-01-08 14:28:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
زوجي دائم العصبية وخاصة في البيت، فهو مزدوج الشخصية بشكل غريب، يجامل الغرباء بشكل كبير إلى حد أن يذل نفسه أمام أي إنسان كان بسيطاً أو غنياً، إلا معي أنا زوجته ومع أولاده ويثور لأتفه الأسباب، ويبقى في قلبه الانتقام مني وطول الغضب لأسباب تافهة لأسابيع، مثلاً إذا اتصل بالدار وكان الهاتف مشغولاً، وهذا الشيء لا يحدث مع الغرباء أو من يعمل معهم حتى لو أخذوا حقه، ويصل به الأمر أكثر الأحيان أن يتغزل بمن يخاطب، كأن يقول له: حبيبي وعمري، وما إن يغلق الهاتف يرجع إلى الوجه العبوس والغضب.
أنا أعجب لهذه القابلية، وهو يعانى كذلك من عقدة في تربية أبيه له، بأن حمله المسئولية وهو صغير؛ لذا فهو دائم المدح لنفسه والانتقاد لي ولأولاده، وقد نقل عقدته إلى ابني الكبير، فهو كان يوبخه بشدة، حتى عندما كان طفلاً عمره عامان إذا كسر شيئاً ولحد الآن، وكانت كل مشاكلي هي خوفي أن ينشأ ابني معقدا وقليل الثقة بنفسه، وهو عنيف جداً مع الأول أكثر والثاني أخف بكثير، وهو يحب عمله بشكل لا يوصف، بحيث لا ينقطع عن العمل حتى في العيد ويبيت أياماً هناك، ويعيش بالعمل بحالة مزرية في المأكل والنوم، وفي المنزل يتوفر له كل شيء مريح، ولكن يفضل النوم على الأريكة في الدار.
بعض الأحيان أرى أنه شديد الأنانية، وبعضها الآخر أراه يظلم نفسه ويظلمنا، فهو دائم القلق حتى أنه يهجرني لشهور لأزمة مادية تمر به أو مشكلة، فهل هذا طبيعي بالنسبة للرجل؟
أرجو الإجابة فأنا في حيرة من أمري، أعيش غريبة، وحتى مع أولادي لوحدي، فهم بدون أب معهم، أرشدوني ولكم الأجر، علماً أني أفكر بالطلاق، مع جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت العزيزة/ هدى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإن الطلاق هو أبغض الحلال، وهو سبب لضياع العيال، فلا تفكري فيه، وحاولي تغيير طريقة التعامل مع هذا الزوج الذي أرجو أن تشجعوا نجاحه في عمله وتفرحوا بإنجازاته، ثم تطالبوا بأن يضيف لتلك النجاحات الاهتمام بأسرته وإدخال البهجة عليهم.
ولا شك أن الغرباء يحترمون الإنسان الناجح ولذلك فهو يبادلهم الاحترام، أما بين الأهل فكما قيل: (أزهد الناس في العالم أهله)، كما أن بعض الناس يريد أن يعامله أهل البيت على أنه مدير، وهذا خطأ، والذي يظهر أن مفتاح الوصول إلى قلب هذا الرجل وقلب كل إنسان هو ذكر الإيجابيات وتضخيمها، ثم الإشارة إلى السلبيات وتقليلها والتماس الأعذار لفاعليها.
كما أرجو أن تتجنبي ذكر الآخرين عنده ومقارنتهم به، فإن هذا مما يؤثر على الرجل ويدفعه للبحث عن الذين يقدرونه ويعظمونه، وليس من مصلحة المرأة الحديث عن آخرين أمام الزوج، وكذلك ما ينبغي أن يذكر الرجل نساء أخريات أمام زوجته.
وننصحك بأن تعيشي همومه وتشاركيه في هواياته حتى يكون بينكما قاسم مشترك، واطلبي منه أن يغرس قيم العمل والنجاح في أبنائه الذين أرجو أن يكون لكما منهج موحد في توجيههم وتعليمهم، ومن الضروري أن تغرسي في نفوسهم احترام والدهم، وأن يعمل هو أيضاً على تحسين صورتك في عقولهم، ويشجعهم على برك ومساعدتك، مع ضرورة تجنب الخلافات حال وجودهم.
والصواب أن تحاولوا بحث أسباب تلك العصبية، فقد يكون السبب هو ضغوط العمل، وقد يكون السبب هو فقدانه للاحترام الذي يجده، وهنا لابد أن تبيني أن الوضع في البيت مختلف فالمدير والموظف إذا دخل المنزل ينبغي أن يتذكر أنه أب وقد كان عمر وهو الخليفة يحمل الأطفال على ظهره، فلما رآه رجل قال للفاروق: ما هذا؟ فقال عمر: ينبغي للرجل أن يكون في بيته طفلاً فإذا أرادوه كان رجلاً، وهذه من ثمرات تربية النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)، وكان في بيته ضحاكاً بساماً يكون في مهنة أهله.
ولعل السبب في العصبية هو عدم وجود الهدوء في المنزل، وهنا لابد للأم أن توفر لزوجها جواً هادئاً عند منامه، وابتسامة ولطفاً عند طعامه، مع ضرورة حسن استقباله، والاهتمام بملاطفته عند وداعه، والسؤال عنه عند غيابه، وعندما تمر به أزمة مالية فأرجو أن يجد منكم التشجيع والتوقف عن الطلبات، فإن الرجل يغضب إذا شعر أنه لا قيمة له بلا مال.
والناجحون في حياتهم ووظائفهم هم أحوج الناس إلى تقدير أهلهم وتضحيتهم حتى يستمر مشوار النجاح، واحمدي الله أنه لم يكن من النوع الفاشل الذي لا يعرف إلا مجاراة رفاق السوء والسهر في المعاصي.
ولا تفكري في الطلاق، ولكن احرصي على تغيير طريقة التعامل مع هذا الرجل، وأبشري بأطيب النتائج، وأصلحي ما بينك وبين الله وسوف يصلح الله ما بينك وبين زوجك، وأكثري من اللجوء إلى الله وتجنبي المعاصي فإن لها شؤمها وآثارها، والإنسان يرى آثار طاعته ويجني ثمار مخالفته، ولن تصلح البيوت بمثل طاعتنا لصاحب العظمة والجبروت، قال تعالى: (( وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ))[الأنبياء:90].
والله ولي التوفيق والسداد.