فقدت الثقة في الآخرين وليس لدي علاقة مع أحد، فماذا أفعل؟
2024-04-16 02:24:01 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا عندي مشكلة في العلاقات، فلم يعد لدي ثقة في أي أحد، ومن المعروف عند الكثيرين أن لكل واحد شخص يثق به ويشكو له همه، أمَّا أنا فأخشى أن أبوح لأي أحدٍ بأي شيء، وأصبح لدي فكرة في أن العلاقات إنما هي لمجرد مصلحة تُقضى فحسب ثم تنتهي، أو أنها لفترة سيأتي عليها يوم يبتعد فيه كل شخص عن الآخر، أو أصبح كل شخص لا يحب رفيقه كالسابق، وأن هذا إنما هو مجرد جمال البدايات لا أكثر، بالإضافة إلى أنه يوجد من يقول أنه يحبني من الأصدقاء، ودومًا تأتيني أفكار بأن الشخص يفعل هذا كنوع من جبر الخواطر أو من باب الشفقة لا أكثر.
كما أني شخص كتوم - كما ذكرت في السابق - فهل هذا قد يضر بي؟ وماذا أفعل؟ لأني أخشى أن أظلم من يحبني منهم، فأرجو الإفادة.
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ rahma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، ونشكر لك هذا السؤال، ونسأل الله أن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لك الوفاء والطمأنينة والسعادة والآمال.
لا شك أن الفتاة مُطالبة بأن تُحسن اختيار صديقاتها، والصداقة الحقَّة هي ما كانت لله، وفي الله، وبالله، وعلى مُراد الله، وهي ما قامت على التواصي بالحق والتواصي بالصبر، هي ما قامت على النُّصح في الله تبارك وتعالى، فاجتهدي في العثور على الصالحات، وابحثي عنهنَّ في أماكن المحاضرات، في مواطن الخيرات، وإذا وجدتِّ الفتاة الصالحة الصادقة فتمسَّكي بها، فإنها خير عون للإنسان على طاعة الله تبارك وتعالى.
ولا مانع من أن تبوحي بأسرارك أو تُناقشي قضاياك مع الفتاة التي ثبت عندك أنها صادقة وأنها وفيّة، ومعلومٌ لك ولبناتنا الفاضلات أن الفتاة ينبغي أن تتجنب الصداقة مع الجانب الآخر، مع الجنس الآخر الذي هو الرجل، لأنه لا صداقة ولا زمالة بين الفتاة وبين الرجال إلَّا في إطار المحرمية، بأن يكون خالاً، أو عمًّا، أو في إطار العلاقة الزوجية، وغير هذا لا يمكن أن يُقبل، أن تكون الفتاة لها علاقة بالذكور.
وحاولي دائمًا أن تقتربي من أسرتك، وأن تحرصي على البناء على الأسس، لا تبني الصداقة على المظاهر، أو على الظُّرف، أو على ما ظهر لك من جمال الشكل، أو من أجل مصالح مادِّية، ولكن اجعلي أساس الصداقة لله، لتُعيني ولتُعاني على طاعة الله تبارك وتعالى.
ونحن طبعًا لا نوافق على إساءة الظنِّ بالجميع، ففي الناس أخيار، سواء كان من الفتيات أو من الناس جميعًا؛ هناك أخيار وهناك صُلحاء، وواجبنا هو أن نُحسن الاختيار.
ومع كلّ ذلك؛ فإن للإنسان أيضًا أسرارًا ينبغي أن يحتفظ بها لنفسه، ونحن في الموقع نرحِّب بك وبما لديك من أسرار -إن أردت البوح بها واستشارتنا فيها-، ومن حقك أن تُطالبي بأن تُحجب الاستشارة، لتستطيعي أن تطرحي ما في نفسك في هذا الموقع، فنحن لك في مقام الآباء والأمهات والأخوات، ونسأل الله أن يُعيننا على خدمة شبابنا وفتياتنا.
على كل حال: الأمر ليس كما ذكرت، فالأمر ما ينبغي أن يكون فيه إفراط ولا تفريط. في النِّاس أخيار، في الناس مَن يحفظ السِّر، فقط على الفتاة أن تحسن اختيار الصديقة الصالحة، ولا تكوني حسَّاسة أكثر من اللازم، أو تحاولي أن تنقِّبي عن صدور الناس لتعرفي نواياهم، فنحن ما كُلِّفنا بهذا، ولا أُمِرْنا بهذا، ولكن للصدق دلائل وعلامات يكتشفها الإنسان من خلال قُربه من الناس.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وأن يُعينك على صحبة صالحة نافعة، فالمؤمنة التي تُخالط الأخريات وتصبر عليهم خير من التي لا تُخالط ولا تصبر. نسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يضع في طريقك وفيَّات صالحات، وأن يضع في طريقك أيضًا رجلاً صالحًا تقيًّا يُسعدك وتُكملين معه مشوار الحياة.
والله الموفق.