حدث لي موقف ولا أستطيع نسيانه، ما توجيهكم؟
2021-05-04 04:08:00 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
رمضان كريم.
قبل أسبوع حدث لي موقف، ولا أستطيع نسيانه، وكلما أتذكر أصبح غير قادرة على أن أدرس، وإذا ما تذكرته قبل نومي لا أنام إلا بصعوبة.
أثناء عودتي من الدروس الخصوصية أنا وصديقتي، ونحن نسير في طريق إلا أنني أحسست بشخص من خلفي وضع يده على كتفي، قبل أن أستدير فكرتها إحدى صديقاتي أو أحدا من عائلتي، وعندما استدرت وجدته شخصاً لا أعرفه، وأثناء استدارتي قام بهز محفظتي عني، ثم ضحك ضحكة مستفزة، بصوت عال، وكذلك نظراته، فابتعدت من شدة الصدمة.
لم أستطع الدفاع عن نفسي، وصديقتي تكرر وتقول: لو كنت مكانك لدفعت عن نفسي، فكيف أنسى ذلك الموقف؟ فنفسيتي متعبة بسببه، وما حكم ذلك التصرف؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رتاج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك هذا الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُبعد عنك الأشقياء، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.
أرجو ألَّا تلومي نفسك على موقف لست مسؤولة عنه، وأرجو أن يأخذ الموقف حجمه المناسب، وقد أسعدنا أنك ابتعدتِّ، وأسعدنا رفضك لهذا التصرف السيء، وكلُّ هذا دليل على أنك – كما يُقال – بنتُ أصول، وأنك حسنة التربية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير، وأن يحفظك، وأن يحفظ بناتنا، وأن يُلهمنا جميعًا السداد والرشاد.
أرجو ألَّا تتأثري أيضًا بكلام الصديقة (ليتك فعلت، وليتك فعلت)، فإن أحسن التصرف هو ما قمت به، لأن محاولة دفع أمثال هؤلاء قد يدعوهم في الدخول إلى مشاجرة والتطاول أكثر وأكثر، فالفتاة العفيفة لا تملك في مثل هذه المواقف أفضل من أن تبتعد وتنجو بنفسها، والحمد لله أنك فعلت ذلك.
ضحكات هذا إنما هي على نفسه، فلا تتأثري بضحكه، ولا تتأثري بتصرُّفه، فقد يكون ناقص العقل، وقد يكون سفيها جاهلا، لا يُعبأ بمثله، ولكن احمدي الله الذي حفظك وحماك، وكوني أكثر يقظة وأكثر انتباهًا.
إن كان من وصايا فنحن ندعوك وننصحك بما يلي:
أولاً: الدعاء لنفسك بأن يثبتك الله وأن يحفظك الله.
الأمر الثاني: الاهتمام باللبس الشرعي، لأن الفتاة إذا كانت محجبة وكانت متسترة فإن الله يقول: {ذلك أدنى أن يُعرفنَ فلا يُؤذين}، يُعرفنَ بأنهنَّ العفيفات، وبأنهنَّ الطاهرات، وبأنهنَّ الفاضلات، {فلا يُؤذين}، ومعروف أن أشقى الأشقياء إذا وجد امرأة محترمة في لبسها ومشيها وهيئتها فإنه يبتعد عنها، وهذا لا يعني أنك مقصِّرة في هذا الجانب، نحن لا نعرف حالك، ولكن نقول: هذا ممَّا يُساعد الفتاة على حماية نفسها.
قد تُبتلى الفتاة وهي متسترة بمثل هذه المواقف، ويحفظها الله تبارك وتعالى الذي حفظك، فكانت المسألة في هذه الحدود المعقولة والبسيطة، وبعض الشر أهون من بعض.
كذلك أيضًا أعجبنا وأسعدنا أنك لا تمشي وحدك، وإنما مع صديقات، وإذا سِرت مع الصديقات فينبغي أن تكنَّ في منتهى اليقظة، وأن تسرن وتخترن المكان الهادئ من الطريق، وتبتعدنَ عن الشوارع والطرق التي تتوقعن فيها وجود أشرار، وغير ذلك من الاحتياطات التي ينبغي أن تأخذها الفتاة المسلمة.
نذكِّرُ أيضًا بأن الشريعة لا تريد للفتاة أن تخرج أصلاً إلَّا بضرورة أو إلَّا لحاجة، لأن الله قال: {وقرْن في بيوتكنَّ}، ثم أعطى الوظيفة فقال: {واذكرن ما يُتلى في بيوتكنَّ}، فاشغلي نفسك بالطاعات، وتعوذي بالله من الشيطان ومن أعوانه، ومن كل صاحب شر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظك.
أكرر: ليس هناك داع إلى جلد نفسك ولومها، فلست مسؤولة عن التصرف، ولست مسؤولة عن هذا الذي حدث، والذي قمتِ به يدلُّ على أنك على خير، وعلى أنك على الفطرة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظك.
إذا ذكّرك الشيطان بالموقف فاذكري الله واشكريه واحمديه سبحانه وتعالى، فإن هذا العدو سينصرف، واعلمي أن الشيطان يُعيد لك ما حصل لأن همَّ الشيطان أن يُحزن أهل الإيمان، {ليَحْزُنَ الذين آمنوا}، فعاملي عدوّنا الشيطان بنقيض قصده، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات والهداية.
والله الموفق.