هل أسعى للتغيير ليكون هواي موافق للشريعة أم أبقى على حالي؟

2021-06-02 05:15:06 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

لديّ مشكلة، وهي: أن شخصيتي صعبة، ولديّ تفضيلات في التعامل مع الناس، وحتى تصرفاتي الشخصية مع نفسي هي تصرفات غريبة جداً لكل الناس، ولكن هذه التصرفات، وهذا التعامل مع الناس بهذه الطريقة تكون لديّ عبر سنوات، وتأصل في شخصيتي، وهو أني اكتشفت أن معظم هذه التصرفات تخالف الشرع، وقد حزنت حزنًا شديدًا وبكيت بحرقة لدى معرفتي بهذا الأمر.

تصرفاتي ليست حراماً لكن بعضها مكروه، وبعضها ترك للمستحبات، وتغيير هذه التصرفات، والله لهو أشق عليّ وأصعب على نفسي من العمى والشلل، وأحس أن تغييرها طمس لشخصيتي وهويتي بشكل كامل، بل وأحزن جدا عند التفكير في الأمر، وأحس بالانهزام وكأني مثلاً تخاصمت مع صديقي.

فأقول إن غيرت ما خالف الشرع فسأغير ما لم يخالفه وكان محمودا وكنت أمدح عليه بين الناس وسأكون ضعيف الشخصية عمدًا لأني إما أن أكون هكذا، أو هكذا، وهذا لأني حزين على تغييري مثل صديقي الذى ذكرته، لكن أفعله امتثالا لأمر الله وأنا حزين على تغيري.

السؤال هو: هل الأفضل محاولة الامتثال تماما وجعل هواك كله وفق الشريعة، أم أبقى على حالي؟ وهل سيكون أجري كبيراً لو تغيرت؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابننا الفاضل في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على التغيير، نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

لا شك أن الفلاح للإنسان بل السعادة – والأهم من ذلك أن المطلوب – أن يكون هوى الإنسان وتصرفات الإنسان موافقة لشرع خالق الإنسان، نسأل الله أن يُعينك على التغيير والتحسُّن، ونعتقد أن شعورك بالإشكال هو البداية الصحيحة المبشِّرة بأن الأمور يمكن أن تتغيَّر، واعلم أن السلوكيات التي عند الإنسان والأشياء الخاطئة يمكن أن تتغيّر، وهذا من لطف الله تبارك وتعالى، وممَّا أثبته علماء التربية أن السلوكيات السالبة تتغيَّر، حتى قالوا: لا تتغير في الإنسان فقط، بل حتى في الحيوان، فهذا السايس الذي يسوس الدَّابة يُغيِّرُها حتى تُصبح ذلولاً منقادة حتى للطفل، وكثير من الحيوانات تتربَّى في البيوت فتتغيَّر الصفات بالتعليم والتربية والممارسة والرياضة، وهذه بشارات كبيرة، بل في هدي النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الحلم بالتحلُّم، وإنما العلم بالتعلُّم، ومن يتصبَّر يُصبره الله).

لذلك ينبغي أن تجتهد على نفسك وعلى هذه الصفات حتى تستقيم مع شرع الله تبارك وتعالى. واعلم أنك مأجور على الاجتهاد وعلى الحرص على تغيير التصرفات المخالفة للشريعة، المخالفة لما جاء به الرسول – عليه صلاة الله وسلامه – أنت مأجور على المحاولة، ومأجور على كل تغيير يحدث، وستصل إلى النهايات التي تسر الإنسان وتُفرحه.

والحياة هذه مدرسة، الإنسان يتعلَّم من تصرفاته، حتى المواقف السالبة يتعلَّم منها. واجعل همَّك إرضاء الله، فإن الله إذا رضي عن الإنسان أرضى عنه الخلق، لأن قلوب العباد بين أصابع الرحمن يُقلِّبُها ويُصرِّفُها، قال ربنا العظيم: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وُدًّا} محبةً في قلوب الناس، وإذا أحبَّ الله عبدًا -المُطيع- أمر جبريل أن يُنادي في السماء: (إن الله يُحبُّ فلانًا فأحبُّوه) فيحبّه أهل السماء، ثم يُلقى له القبول في الأرض.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقك محبة الخلق، وأن يُحبِّب إليك الصالحين منهم، ونشكر لك التواصل، وأرجو أن تبدأ المسيرة، مسيرة تصحيح التصرفات والسلوكيات الضارَّة لنفسك أو لغيرك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات والهداية.

والله الموفق.

www.islamweb.net