نوبات الهرع تنتابني بعد الولادة وتتعبني، فما هو علاجها؟

2021-06-30 02:08:46 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعد ولادتي طفلي الأول بساعات قليلة حدث لي تعب مفاجىء، أحسست بأن شيئا ما يسري في جسدي بسرعة عجيبة، ودوار سريع من أعلى الرأس، كأن شيئاً يخطفني، وضيق نفس شديد، وشعرت بشلل لحظي في كل جسدي، ووقعت من على الكرسي وتغير وجهي للأصفر، كانوا يقولون لي كان مثل الكركم.

وضعت حينها على جهاز المونيتور والتنفس الصناعي، وكانت أرقام ضغط الدم والقلب عالية ثم نزلت فجأة وعاودت بالارتفاع إلى أن استقرت حالتي، وتم تشخيصي حينها ببعض التوتر والخوف، مع أنني لم أكن خائفة حينها، وكل شيء على ما يرام قبلها.

قلت في نفسي لعلهم على حق بسبب تعب الولادة والإرهاق يومها، وبعدها بفترة ستة أشهر تكرر الأمر، وبعدها تكرر مرة أخرى، إحساس سريع بأن الموت يقترب مني، ثم أستعيد نفسي ويذهب الدوار وأتحسن.

في الفترة الحالية أتناول المضادات الحيوية لعدة مشاكل عندي، وهذا الأمر ازداد بشكل ملحوظ، بدأ يتكرر يوميا هذا الإحساس البشع، ضربات قلبي تزداد فجأة، وألم شديد في الرأس مع نبض، ويضيق التنفس جداً، أشعر بشلل لحظي ويذهب، ولكن جسدي يظل في حالة عدم توازن بعدها، وهذا الأمر يقلقني.

تعبت جدا في إحدى المرات وذهبت للطوارئ، وأجريت كل التحاليل اللازمة، والقلب سليم ولا يوجد أنيميا، وقال الطبيب لي بأنها حالة panic attack، ولكنها تتكرر معي أوقات كثيرة، لا أفكر فيها بشيء، وأكون مشغولة بأمر آخر تماما، وفجأة يحدث هذا الأمر.

ما تفسير حالتي؟ هل فعلاً الأمر نفسي ويستدعي الذهاب لطبيب نفسي وأخذ العلاج النفسي؟

شكرا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية.

بعد الولادة تحدث تغيرات فسيولوجية لدى بعض النساء، خاصة إذا كانت فترة الولادة طويلة أو كان هناك فقدٌ لبعض الدم، أو كان الإنسان أصلاً لديه القابلية لأن يكون عُرضة للقلق، في هذه الحالات يحدث تغيُّر فسيولوجي نفسي بأن يحس الإنسان بشيء من الدوّار، والإجهاد العام، وكل نوعية الأعراض التي تحدثنا عنها قد تحدث، فإذًا هي غالبًا حالة مشتركة ما بين ما هو فسيولوجي وعضوي وما هو نفسي.

ونوبات الهرع - أو ما يُعرف بنوبات الفزع - فعلاً تكون بداياتها مع أحداث حياتية حتى وإن كانت بسيطة، يكون الإنسان عُرضة لأي حدث في الحياة، وقد تكون هذه هي الشرارة الأولى أو البداية الأولى لأن تظهر نوبات الهرع على السطح، وبالنسبة للأشخاص الذين هم أصلاً لديهم استعداد لهذه النوبات:

فنحن نعتبر الولادة في حالتك حدث كبير، ونقول لك: الحمد لله على سلامتك، وحصل شيء من تحيُّن الفرصة أو الانتهازية من نوبات الهرع وظهرتْ في هذه المرحلة.

ونوبات الهرع هي جزء من قلق المخاوف الذي قد ينتاب بعض الناس، وأنا أقول لك إن الحالة بسيطة، من أهم سبل علاجها هي: تجاهلها طبعًا، ما دام التفسير قد اتضح، وما دام هناك تأكيد تام للتشخيص؛ فأحد أساليب العلاج هي: أن تجاهل الإنسان هذه الحالة، وأن تُدركي إدراكًا تامًّا أنه لن يحدث لك أي شيء حتى لو شعرت بالخوف أو تسارع في ضربات القلب، فالتجاهل، التجاهل، التجاهل وسيلة علاجية مهمّة.

ثانيًا: تغيير نمط الحياة، وأن تجعليه نمطًا إيجابيًّا مضادًّا لنوبات القلق والمخاوف، وهذا يتطلب تجنب السهر، والحرص على النوم الليلي المبكّر، وممارسة الرياضة، وممارسة تمارين الاسترخاء، وحُسن إدارة الوقت، التفكير الإيجابي، الحرص على الصلوات وسائر العبادات في وقتها، وأن تكوني دائمًا في جانب التفاؤل، هذه أمور علاجية مهمَّة لعلاج هذه النوبات.

وحتى تتجنبي التردَّد على الأطباء – أطباء الباطنية، أطباء القلب – كما يفعل بعض الناس؛ سيكون من الجيد أن تُراجعي طبيب الأسرة أو الطبيب الباطني الذي تثقين فيه، مرة واحدة كل ستة أشهر، وذلك من أجل إجراء الفحوصات الطبية العامة، هذا يُطمئنك أيضًا كثيرًا.

سيكون من الجيد بالنسبة لك أيضًا أن تتناولي أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، وطبعًا إذا ذهبت إلى الطبيب النفسي هذا سيكون أمرًا جيدًا جدًّا، وأنت لا تحتاجين لمراجعات كثيرة، لكن مجرد مقابلة الطبيب وأن يوضّح لك الحالة بصورة مباشرة، وأن يضع لك خطة علاجية لن تختلف عمَّا قلْتُه لك، لكن قطعًا ما يذكره لك سيكون أمرًا داعمًا من الناحية السلوكية.

من الأدوية الممتازة والجيدة والسليمة والفاعلة والتي أنصحك بتناولها لفترة قصيرة، ثلاثة أشهر فقط، هذا لبناء قاعدة علاجية سليمة، لأن الجانب البيولوجي موجود في نوبات الهرع والقلق.

الدواء الذي أراه مفيدًا لك هو عقار يُسمَّى (سيبرالكس) هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (اسيتالوبرام)، هنالك حبة تحتوي على عشرة مليجرام، وأخرى تحتوي على عشرين مليجرامًا، أنت محتاجة للحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، ابدئي في تناولها بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة – يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناوله. دواء فاعل وسليم وغير إدماني وغير تعودي، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net