أعاني مللاً وتقلباً في المزاج وعدم الاستمتاع بالحياة..ساعدوني!
2024-05-01 03:07:52 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا متزوجة، وهذا زواجي الثاني، لا أشعر بالسعادة، وأجد نفسي ضائعة دائمًا، أحب زوجي كثيرًا، ولكني أحيانًا أشعر بأني أريد تركه وأكرهه، وأفكر بالعيش لوحدي مع بناتي، ولكن بعد فترة قصيرة أغير رأيي، لا أشعر بالسعادة، وأكره المناسبات، ولا أستمتع بوقتي بأي شيء.
أجد حياتي تعيسة، وأني أعيش يومي وينتهي، شاردة دائمًا، وتأتيني أفكار حول الماضي واليأس، أمثل السعادة أمام الناس مع أنني أكره المجاملات، وأكره الصداقات، وليس لدي صديقة طوال حياتي، ولا أستطيع التعايش مع أخواتي، وعند وفاة أختي الصغيرة حزنت كثيرًا، ولكني لم أستطع التعبير عما بداخلي، أتصرف كأني امرأة حديدية، وأنا متحطمة من الداخل، وأكثر مشاكلي مع زوجي بسبب أنني لا أصالحه؛ لأني لا أستطيع، وهذا الشيء يزعجني، فهل أنا مريضة نفسيًا، أم أن ذلك بسبب تعب الحياة؟
وشكرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيتها الفاضلة الكريمة: يجب أن تكوني حريصة جدًّا في حفظ زواجك، فالمرأة الذكية هي التي تحفظ زواجها مهما كانت الظروف، وكلُّ امرأةٍ تعرف حقيقةً السُّبل والطُّرق والآليات التي تجعلها تُحافظ على زواجها، وتسعد نفسها. هذا من ناحية.
من ناحية أخرى: الذي ألاحظه أن شخصيتك ربما تكون شخصية قلقة، تحمل بعض السمات السلبية، أقول هذا مع فائق الاحترام والتقدير، وقطعًا الأعراض التي تحدثت عنها تدلُّ على وجود نوع من عُسر المزاج الذي يكون قد وصل لدرجة الاكتئاب البسيط.
فأنا أنصحك بأن تكوني إيجابية التفكير، مهما أتتك النوازع السلبية يجب أن تستبدليها بالأفكار الإيجابية، ويجب أن تُحسني إدارة وقتك، هذا مهمٌّ جدًّا، تجنّبي السهر، احرصي على النوم الليلي المبكِّر، هذا يؤدي إلى استرخاء كبير للنفس، واستفيدي من البكور، البكور فيه خير كثير، بعد صلاة الفجر يمكن أن تقومي ببعض الأعمال المنزلية، كأن تُساعدي زوجك ليُجّهز نفسه للذهاب إلى العمل، تقرئي وردك القرآني، تقومي بقراءة أذكار الصباح، تقومي ببعض التمارين الرياضية الإحمائية، هذه أشياء بسيطة وقيمتها العلاجية مهمَّة جدًّا، فكوني حريصة على ذلك.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أرى أنك محتاجة لأحد الأدوية المُحسِّنة للمزاج، و-الحمد لله تعالى- تُوجد الآن أدوية فاعلة ممتازة، ولا تُسبِّب الإدمان أبدًا، من أفضل هذه الأدوية العقار الذي يُعرف باسم (فلوكستين) هذا هو اسمه العلمي، ويُسمَّى تجاريًا (بروزاك) وربما تجدينه في بلادكم تحت مسمَّيات تجارية أخرى.
جرعة البداية في تناول الفلوكستين هي: 20 ملغ، تتناولينها يوميًا لمدة 10 أيام، ثم اجعليها كبسولتين –أي 40 ملغ– يوميًا، وهذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة، تتناولينها يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة كجرعة وقائية، استمري عليها يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلي الجرعة كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء.
يتميز البروزاك بأنه لا يفتح الشهية كثيرًا، ولا يُسبِّب الإدمان، ولا يُؤثِّرُ على الهرمونات النسائية، ولا يتعارض حتى مع الحمل، ميزاته كثيرة جدًّا، وحقيقة القرار متروك لك أنت، أنا أراك في حاجة إليه، وتُوجد أدوية أخرى كثيرة، لكن البروزاك هو الأفضل والأسلم والأبسط.
وطبعًا إذا تمكّنت من الذهاب إلى طبيب نفسي هذا أيضًا سوف يكون أمرًا جيدًا وإيجابيًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
_________________________________________________
انتهت إجابة: د. محمد عبد العليم .. استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
تليها إجابة: الشيخ د. أحمد الفرجابي .. مستشار الشؤون الأسرية والتربوية .
__________________________________________________
مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، نشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُعيد إليك الطمأنينة والسكينة، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
أرجو أن تشغلي نفسك بذكر الله تبارك وتعالى ليطمئن نفسك، قال تعالى:{الذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئنُّ القلوب}، ثم حاولي أن تُقدّمي الفأل الحسن، فإن الشؤم على مَن تشاءم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُعجبه الفأل الحسن، واعلمي أن هذا الكون ملْكٌ لله، ولن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله، وكلّ ما يُريده الله هو الخير، ولو كُشف الحجاب ما تمنَّى الناس إلَّا ما قُدِّر لهم.
فاحمدي الله -تبارك وتعالى- الذي وهبك ذرية، وهبك زوجًا، جعلك تستطيعين أن تتواصلي وتكتبي ما في نفسك، فهي نعم يُحرم منها الكثير من النساء والكثير من الرجال، والمؤمن -والمؤمنة- إذا نظر إلى مَن هم أقلّ منه، وهذا هو توجيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (انظروا إلى مَن هو دونكم/إلى مَن هو أسفل منكم) في كل أمور الدنيا، قال: (كي لا تزدروا نعمة الله عليكم)، فإن الإنسان عندها سيجد نفسه في نعم من الله تبدأ ولا تنتهي، فإذا قام بشكر النعم، نال من ربه المزيد.
ونحب أن ننبّه إلى أن همَّ الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، قال تعالى: {ليحزن الذين آمنوا}، والذي يُريده الشيطان هو أن يُوصلنا إلى اليأس أو الضيق أو الانتحار أو اتخاذ قرارات غير صحيحة، ولذلك ينبغي أن نعامل عدوّنا بنقيض قصده، وإذا ذكّرنا بالماضي ليُحزننا فعلينا أن نتجاوز ذلك، ونفتح الآمال في المستقبل، وننظر للحياة بأملٍ جديدٍ وبثقةٍ في ربِّنا المجيد.
وعليك أن تشغلي نفسك، فإن الإنسان إذا لم يشغل نفسه بالخير شغله الشيطان بغيره، وإذا لم يملأ فراغه بما يُرضي الله -تبارك وتعالى- جاءته وهجمت عليه الوساوس.
فنسأل الله أن يُعينك على الخير، ونشكر لك هذا التواصل، ونؤكد أنك بحاجة إلى أن تبرمجي حياتك، وتقتربي من زوجك، وتشغلي نفسك بتربية بناتك، وتطوري مهارات القيادة والإدارة لحياتك الزوجية، واعلمي أن المرأة العاقلة الفاضلة مثلك تستطيع أن تُسعد نفسها وتُسعد زوجها، واعلمي أن المرأة لا تستغني عن الرجل، ولها عنده المكانة الرفيعة، كما أن الرجل لا يستغني عن زوجته، ولا يمكن للسعادة أن تتحقق إلَّا بمراعاة هذه الجوانب التي خلقها الله -تبارك وتعالى- في نفوس الجميع، فـ (النساء شقائق الرجال)، خُلقن للرجال، ولهنَّ خُلق الرجال، فحافظي على أسرتك، وحافظي على بيتك، وأمّلي ما يسرُّك، ورتّبي الجدول اليومي، واجعلي فيه حظًّا للتلاوة، والذكر والسجود لله -تبارك وتعالى-، كما وجَّه بذلك الدكتور الطبيب محمد.
ونسأل الله لنا ولك وله التوفيق والسداد.