كيفية إصلاح العلاقة السيئة مع الوالد
2006-02-14 09:16:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في السابعة عشر من عمري، لا أعرف كيف أبدأ في عرض مشكلتي، ولكن المشكلة الكبرى تتعلق بالبيت، خاصةً أبي، فإني أحس باليتم العاطفي، رغم أننا نعيش في مستوى اقتصادي متوسط، ورغم أن أبي يملك فراغاً كبيراً طوال الشهر يقضيه في النوم، ولعب النرد وشرب السجائر، رغم أننا أعلمناه بحرمتهما، ونحاول معه منذ سنين ولكن لا فائدة، فهو عنيدٌ جداً، ولا نأخذ منه غير المال، وإني أكرهه بشدة، فإنه كثيراً ما يوعدني ويخلف وعده، وإنه دائماً إذا حدث شيء بيني وبين إخوتي أكون أنا المخطئة؛ لأنني الصغيرة، وعلي أن أستحمل إخوتي الكبار مهما حدث، وإن قيلت له أي كلمة يفهمها بأشكال وطرق لا تخطر على بالنا، ويخلق مشاكل كثيرة، وخاصةً في المناسبات السعيدة، ففي أول رمضان الماضي في أول يوم قامت مشاكل بسبب السجائر؛ فإنها والنرد أحب إليه من كل شيء.
وغير ذلك من المشاكل التي منها عدم الثقة بالنفس، والسبب في ذلك أمي، فإننا كنا منعزلين عن الناس، وكانت عبارتها دائماً تقول: لا تثقي في أحد، وكانت تريد أن لا يكون لي أصدقاء، حتى في المدرسة يجب أن أتعامل معهم كزملاء في الدراسة فقط، ولا تساعدني على ممارسة هوايتي، ولا أعرف أيضاً كيف أتعامل مع أختي؛ لأنها تشبه أبي في كثيرٍ من صفتها، وليس هذا وصفي أنا، بل إنه وصف أمي وأقاربي، فهي سريعة الانفعال وعنيدة، ودائماً تقول: بأني باردة؛ لأني لا أظهر انفعالي، وأكتم في نفسي، وأبكي بالليل في الظلام، ولقد أثر هذا كثيراً على دراستي، وبسب ذلك قررت أن أدرس علم النفس لعلي أستطيع حل مشاكلي وأن أفهم الآخرين، والآن أنا في السنة الأولى.
أرجو الرد سريعاً.
وآسف علي الإطالة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت العزيزة/ هلا حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يحفظك، ويسدد خطاك، وأن يلهمك رشدك، ويبلغك منازل رضاه، وأن ينفع بك أهلك والبلاد، وأن يصلح لك النية، ويرزقك بالزوج الصالح والتقي من الأولاد، وأن يقر عينيك بصلاح أسرتك والعباد.
إن بخل والدك بعواطفه وإخلافه في وعده لا يبرر لك كراهيته، ولا مانع من كراهية عصيانه لله مع ضرورة الإكثار له من الدعاء بالليل، وفي أوقات الإجابة، والحرص على دعوته إلى الحق بلطف وأدب، مع الاجتهاد في اختيار الأوقات المناسبة والألفاظ اللائقة، وأرجو أن تكون النصائح سرية، وحبذا لو قدمت بين يدي ذلك ألوناً من البر والإحسان.
ولست أدري ما هو موقع الوالدة من تلك المشاكل؟ وهل لها تأثير على الوالد؟ وهل حاولت تقديم النصائح لها لكسبها إلى جانبك؟ وكذلك الأمر بالنسبة للأخت الكبرى، لماذا لا تحاولي التأثير عليها بحسن الأدب معها واحترامها، فإنه ليس من الحكمة أن يدخل الإنسان في عدد من المعارك في وقت واحد؟ ولعل هذا هو ما يعطي الانطباع بأنك صاحبة مشاكل.
وأرجو أن تفهمي من حرص الوالدة على عزلكم وشدة الخوف عليكم، بأن ذلك كان بدافع الحرص والخوف على مستقبلكم، واعلموا أنها كانت تقصد الخير، وأظنك الآن في سن تتيح لك التعويض عن كثير من الأشياء التي كانت مفقودة.
ولا داعي للقلق، واحرصي على إصلاح ما بينك وبين الله، وسوف يصلح لك ما بينك وبين والديك وأسرتك والناس.
ولا شك أن فهم نفسيات الآخرين هو المفتاح لكل إصلاح والمعين – بعد الله – على كل خير، مع ضرورة أن تكون منطلقات الدراسة موافقة لثوابتنا وعقيدتنا، ونحمد الله الذي هيأ لنا عدداً من الأطباء النفسيين الأخيار الذين يحرصون على تجنب ما يخالف قيمنا، وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن للدين دوراً عظيماً في استقرار النفوس، فكيف إذا كان الدين هو الإسلام الذي ما ترك خيراً إلا ودلنا عليه، ولا عجب؛ فإنه دين الله ووحيه الذي لا يأتيه بالباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ولا يخفى عليك أنه لا توجد مشكلة إلا ولها حلول، وعلى الإنسان أن يبذل الأسباب، ثم يتوجه إلى الكريم الوهاب، وإذا صدقت النيات وصل الناس إلى الوفاق والخيرات، فاشغلي نفسك بتقوى الله وطاعته، واحرصي على البر والإحسان، وتذكري أن الله سبحانه (( مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ))[النحل:128].
والله ولي التوفيق والسداد!