الشباب ودور المواقع الإسلامية في الاهتمام بقضاياهم.
2006-02-14 09:57:28 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أستشيركم في أمر محير بالنسبة لي، فأنا مشرف على موقع إسلامي يعتني بقضايا الشباب المسلم، من إدمان وزواج عرفي وتقصير في العبادات ...إلى آخر هذه المشاكل، وأريد أن أضع في موقعي علماً يهتم بالجنس، بمعنى: أن يفهم الشاب البالغ معنى البلوغ وكذلك الفتاة، وأن يفهم المتزوج كيف يمكنه أن يتعامل مع زوجته في إطار الشريعة، وأيضاً في إطار علمي، فمثلا أضع معلومات عن غشاء البكارة، وكيفية المعاشرة الزوجية، ووضع بعض المشاكل الجنسية مع حلولٍ لها، وستكون المصادر التي سأعتمدها هي موقعكم أو موقع الإسلام أون لاين، فهل وضع معلومات كهذه للشباب بمختلف فئاتهم العمرية وعلى اختلاف أحوالهم صحيح، أم من الأفضل أن أدع ذلك الأمر تماماً، أم أجعله في حدود عمرية معينة، أي الشاب الذي من سن كذا إلى كذا يقرأ كذا، والشاب المتزوج كذا، أم ماذا أفعل؟
بما أنكم أهل اختصاص فأشيروا علي بما أفعل؟ فمثلاً أريد مناقشة قضية الشذوذ وأسبابها، وكيف آخذ بأيدي الشباب لأن يتم علاجهم من هذه الأمور، لا سيما السحاق، وكذلك الاستمناء، وبالفعل كتبت عنه مقالة بينت فيها حكمه الشرعي، وكذلك تناولته من الناحية العلمية مع توضيح لكيفية الاستغناء عنه تماماً.
الذي أريده باختصار استشارة فيما يجب علي فعله في هذا الصدد.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير، ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
فخير الناس أنفعهم للناس، وبشرى لمن كان للخير مفتاحاً وللشر مغلاقاً، وحق لنا أن نفخر بشاب يريد أن يأخذ بأيدي إخوانه، فثبتك الله، ووفقك لكل خير.
لقد سألت يا بني عن أمرٍ عظيم يترتب على الخطأ في معالجته الشر الوبيل، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، ولن يخيب من يستشير إخوانه وآبائه .
ولا يخفى على أمثالك أن الله سبحانه وضع هذه الغريزة في الإنسان لغاياتٍ عظيمة، ورسم لها في شريعته طريقاً مستقيماً يضمن صفائها، ويجنب المجتمعات أضرارها، فهي صدقة وحسنة إذا وضعت في مكانها الصحيح، وهي عذابٌ ودمار إذا سار صاحبها على خطى الشيطان الذي يأمر بالسوء والفحشاء، ويزين للناس المنكر.
ولا شك أن طرح هذا الموضوع في وقته المناسب هو المنهج السليم؛ حتى لا نوقظ عقارب الشهوات من سباتها، ولعل هذا لأمر انتبه له من وضعوا المناهج في بعض البلاد، فجعلوا تدريس موجبات الغسل وفقه الحيض في الصف الرابع أو الخامس تقريباً، ونحن نفضل أن يكون التوجيه للآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات بضرورة الحرص على حسن العرض لهذا الموضوع، من خلال مادتي التربية الإسلامية التي يتعلم فيها الصبي والفتاة أحكام الطهارة، ومادة العلوم التي يتعرف فيها الأطفال على أعضائهم التناسلية ووظائفها.
كما أن الإسلام دينٌ يحرص على العفة عند الطرح، هذا هو أسلوب القرآن الذي تجد فيه قوله تعالى: (( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ))[المجادلة:3]، وقول تعالى: (( أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء ))[النساء:43]، وقوله تعالى: ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ))[البقرة:222]، وقوله تعالى: ((فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا ))[الأحزاب:37]، وقوله تعالى: (( أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ ))[النساء:43]، فعلينا أن نكتفي بالتلويح الذي يغني عن التصريح، ونكتفي بالإشارة إذا أدت وظيفة العبارة.
ولا يخفى على أمثالكم ما وصلت إليه الحضارة الغربية من انحلال، نتيجة للعرض المكشوف لمسائل الجنس، وأصبحت هذه القضية مزعجة لأبعد الحدود، وباتت تهدد دور العلم والمعرفة فضلاً عن غيرها، حتى صرخ بعض الكبراء عندهم قائلاً: (لا حل أمامكم إلا أن تأتوا بمدرسين من المسلمين ليدرسوا أطفالنا؛ لأن دينهم يحرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ).
ولا أظن أن هناك مانعٌ من عرض المسائل العامة، وتوجيه الشباب للحفاظ على عفته وطهارته، وبيان خطورة مسايرة تيار الشهوات.
أما بالنسبة لكيفية المعاشرة الجنسية، فذلك ما لا ينبغي طرحه إلا في البريد الخاص ولمن يطلب المساعدة، مع تأكيدنا على أن من علم الطفل كيف يهتدي إلى ثدي أمه، وعلم العصفور كيف يطلب رزقه، ووضح للبهيمة العجماء كيف تحمي نفسه، فطر النفوس على معرفة كيفية التعامل والتعاطي لهذا الأمر، كما أن الأفضل للزوجين أن يهتديا بأنفسهم إلى الطريقة التي تناسبهم، مع بيان عظمة هذا الدين الذي لم يحدد الكيفية، لكنه حدد الخطوط الحمراء، فحرم جماع الحائض في فرجها، وحرم إتيان المرأة في دبرها، وحرم الشذوذ الجنسي لواطاً كان أو سحاقاً، فإذن على المسلم تجنب هذه الأشياء، وتجنب التشبه بالأعداء، وتعمير قلبه بالغيرة التي لم يحرم منها الكريم حتى العجماء، فقد فقدها في زماننا طوائف من الكفار والدهماء، وأولئك أضل من الأنعام، وأسوأ من أقلت الغبراء وأظلت السماء.
وأرجو أن تعلم أن الإسلام حرص على استخدام القصص في علاج كثير من الأشياء المحرجة، فالإنسان قد يصعب عليه أن يكلم الأبرياء عن بعض الأشياء المحرجة، لكنه يستطيع أن يعرض قصة قوم لوط ويبين عاقبة هذه الفاحشة المدمرة، والتي تعتبر السبب الأول في كارثة الإيدز، ويمكن أن نربي معاني الغيرة من خلال عرض قصة الشاب الذي جاء يستأذن في الزنا، ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم في تزكية معاني الغيرة في نفسه من خلال قوله صلى الله عليه وسلم: (أترضاه لأمك؟ ..).
أما بالنسبة للمشاكل الخاصة جداً، فليس من المصلحة عرضها للجمهور، ولا مانع من عرضها على صاحب المشكلة في بريده الخاص حتى نحصر الانحرافات في إطارها ومكانها، ولعل هذا هو النظام المتبع في هذا الموقع الذي نشكرك على اختياره، ونزف لك البشرى بفوزه وتميزه على المواقع المشابهة على الشبكة العنكبوتية.
والله ولي التوفيق والسداد.