دوافع كذب الأبناء وسرقتهم ومعالجتها
2006-02-22 12:57:00 | إسلام ويب
السؤال:
لدي شاب عمره 18 سنة، نحن والداه ملتزمان بالشريعة الإسلامية، لكنه يمارس الكذب والسرقة وعدم المبالاة بالصلاة والدراسة، ويتصرف كما يشاء!
استعملنا معه جميع الأساليب: الترغيب والترهيب، رغم أننا ذهبنا به إلى استشاريين دون نتيجة تذكر، فأرجو الحل والنصيحة حتى لا يواجه مشاكل أكثر في حياته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / أم المراهق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
إن الدعاء مفتاح لكل خير، فكيف إذا كان من الوالدين، فارفعوا أكف الضراعة إلى من يجيب من دعاه، واختاروا الأوقات الفاضلة كما قال ربنا حكاية عن نبيه يعقوب عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام: (قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) [يوسف:98]، قال ابن مسعود: (أدخر دعوته لأبنائه إلى السحر حيث يتنزل رب العزة والجلال ويقول: هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له ...) الحديث.
أرجو أن تغيروا طريقة التعامل معه، وتعتمدوا سياسة الحوار الهادي، مع ضرورة اختيار الأوقات المناسبة، وانتقاء الكلمات المناسبة، وإشعاره بعاطفة الحب والاهتمام، وغرس الثقة في نفسه، وعدم إعلان العجز عن العلاج، والتكتم على هذه الأمور، حتى لا نحطم ما تبقى له من الحياء، وعدم التفريق في المعاملة بينه وبين إخوانه، والاتفاق على خطة واحدة ومنهج متحد في الإصلاح والتوجيه.
هذه بعض الأشياء التي تدفع الأبناء إلى الكذب والسرقة:
1- القسوة الزائدة.
2- الحرمان المادي والعاطفي.
3- فقدان الأمن.
4- عدم التربية على الوضوح.
5- التأثير بالأصدقاء.
6- اعتماد أسلوب التحقيقات والمتابعة البوليسية.
مما يساعد على العلاج – بعد توفيق الله – ما يلي:-
1- معرفة الطبيعة العمرية للشاب، ومنحه الثقة، ومعاملته كرجل، والابتعاد عن فرض التعليمات عليه، والخروج معه في وقت مناسب مع تشبيك الأصابع في أصابعه ومحاورته بهدوء، أو إركابه في المقعد الأمامي في السيارة، والمسح على رأسه وأعلى ظهره، ثم سؤاله عن الأشياء التي تدفعه للكذب وتحوجه إلى السرقة، مع رحابه الصدر في التعامل معه، وحسن الإنصات والاهتمام بما يذكره وعدم مقاطعته.
2- اتخاذه صديقاً ومحاولة الدخول إلى قلبه واستخراج ما يدور بخلده.
3- تشجيعه على الصدق وعدم معاقبته إذا صدق.
4- وضع جزء من ميزانية المنزل تحت يده، وتكليفه بشراء بعض الأشياء بنفسه، وإظهار حاجة المنزل إلى وجوده وخدماته.
5- التوسط في الإنفاق عليه، مع ضرورة مراعاة أحوال زملائه وثقافة عصره.
6- عدم الإقدام على أسلوب الترهيب والعقاب إلا بعد معرفة النتائج المتوقعة، والوقوف على ردود الفعل، مع التركيز على أسلوب الترغيب والتشجيع والثناء على كل بادرة تحسن وتقدم إلى الإمام.
7- إبعاده عن رفقة السوء برفق ودون التقليل من قدرته على اختيار الأصدقاء، مع ضرورة مناقشته في صفات الصديق الناجح.
8- الاجتهاد في نسيان الأخطاء السابقة، وفتح أبواب العودة أمامه.
أما بالنسبة لمماطلته في أداء الصلاة فهذا أمر سوف يزول – بحول الله وقوته – ثم بفضل دعواتكم الصالحة له في الليل وفي النهار – كما أرجو أن يكون التعامل معه لطيفاً، خاصة إذا جاءت الصلاة وهو نائم، فإن بعض الناس يصرخ ويضرب، وهذا يدفع المراهق للعناد خاصة وهو يميل إلى إيجاد أجواء التوتر في المنزل، ليفرض شخصيته ويتمرد على خضوع الطفولة وضعفها.
حبذا لو استبدلنا ذلك باللمسات الحانية، كالمسح على رأسه، مع ضرورة أن نسمعه الكلمات اللطيفة التي تفيض حنواً وعطفاً، بالإضافة إلى ملاحظة أصدقائه الجدد، والحرص على معرفة أحوالهم وأخبارهم شريطة أن لا يكون ذلك عن طريق التجسس وإنما بالحوار والمتابعة، وعن طريق استضافتهم في المنزل، والجلوس معهم والترحيب بهم، بل ومحاولة التأثير عليهم، فإن صلاحهم وصلاتهم تهمنا وتفيد ولدنا.
إذا كانت الأسرة محافظة ومتمسكة بالدين، فأن هذا الانحراف سحابة صيف توشك أن تتلاشى وتزول.
أرجو أن تتجنبوا الدعاء عليه مهما فعل. ليتنا نعود أنفسنا الكلمات الطيبة إذا غضبنا كقولنا: (الله يهديك)، (الله يصلحك).
والله ولي التوفيق والسداد!