وجه الارتباط بين الحالة النفسية وضعف المناعة
2022-10-26 02:13:39 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 37 عامًا، غير مدخن، أعمل، ولدي طفلان.
مشكلتي هي: صعوبة التذكر والانتباه والاستيعاب سواء عندما يتحدث الآخرون، أو عند القراءة، أو الاستماع لموضوع ما، أيضًا عند التحدث في موضوع ما أحيانًا يتوقف عقلي تمامًا، وأشعر بالعجز عن استكمال الحديث، ويأتي كلامي غير مرتب، أو غير مفهوم، حيث إنني لا أستطيع أن أسترجع التعبير أو الكلمة المناسبة للسياق.
لا أعلم تاريخ بداية المشكلة، ولكني منذ الصغر وأنا أعاني من هذه الأعراض.
أيضًا لدي مشكلة لا أعلم إن كانت نتيجة أم سببًا لما سبق ذكره، وهي بعض أشكال القلق الاجتماعي، فأحيانًا أحاول تجنب المواقف الاجتماعية خاصة في العمل، أو عند تجمع عدد كبير من الناس، وخاصة عندما أضطر للتفاعل حيث أتعرق ويحمر وجهي أحياناً.
في عام 2013 قمت بزيارة طبيب نفسي، وأجرى لي فحوصات طبية شاملة، والحمد لله كانت جميعها سليمة.
وصف لي بعض الأدوية أتذكر منها زيروكسات، انقطعت بعدها عن المتابعة، حيث لم أشعر بفارق كبير في تحسن الأعراض؛ بعدها بدأت تظهر لدي بعض الأمراض المناعية: بالثعلبة، ثم الغدة الدرقية (هاشيموتو)، ومؤخراً البهاق.
قبل 3 أعوام زرت طبيبًا نفسيًا آخر، وشخص حالتي على أنها رهاب اجتماعي، ووصف لي دواءً نفسيًا لم أكمل الجرعة؛ لأني لم أشعر بتحسن.
سؤالي: هل هذا القلق الاجتماعي نتيجة أم سبب؟ وإذا كان سببًا، هل علاجه يؤدي أيضًا إلى علاج مشاكل التذكر والانتباه؟ وهل تنصحون بعمل أشعة رنين على المخ؟
وفي النهاية: هل هناك أي نصائح أخرى مفيدة لمثل حالتي؟
ولسيادتكم جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك أخي الفاضل عبر إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
نعم – أخي الفاضل – ضعف التركيز والانتباه هو العرض الرئيسي النفسي الذي تتحدث عنه، ويمكن أن نردّه إلى سببين:
السبب الأول – وهو الأساسي ربما من تاريخ تطور الحالة عندك – هو: الرهاب الاجتماعي، والذي يتجلّى في تجنُّب لقاء الناس، والتعرُّق، واحمرار الوجه والارتباك عند الحديث مع الناس أو لقائهم، لذلك كما ذكرتَ تحاول تجنُّب هذه المواقف.
السبب الثاني لضعف التركيز والانتباه: احتمال وجود شيء من الاكتئاب النفسي، بسبب نمط الحياة الذي حرمك من الاختلاط بالناس والتفاعل معهم، بسبب الرهاب الاجتماعي.
الخبر الجيد أن علاج كلٍّ من الرهاب الاجتماعي والاكتئاب عن طريق الدواء، هو دواء واحد مضاد للاكتئاب، ويُعالج في نفس الوقت الاكتئاب والرهاب الاجتماعي، وقد وضعك طبيبان سابقان على أحد مضادات الاكتئاب، كالـ (سيروكسات)، إلَّا أنك لم تستمر عليه طويلاً، فعلاج الرهاب الاجتماعي والاكتئاب عن طريق الدواء يحتاج إلى عدة أشهر لنحصل على النتيجة المطلوبة.
أخي الفاضل: بالإضافة إلى العلاج الدوائي لا بد من العلاج السلوكي عن طريق عدم تجنُّب المواقف المربكة لك، وإنما اقتحامها والإقبال عليها كي تعتاد على الحديث ولقاء الناس من دون هذا التعرُّق واحمرار الوجه والارتباك، فنصيحتي في هذا: أن تعود إلى أحد الأطباء النفسيين ليؤكد التشخيص، ويبدأ معك العلاج مجددًا، سواء فقط العلاج الدوائي، أو العلاج الدوائي مع العلاج السلوكي الذي سيتابعه معك، هذا أمرٌ.
الأمر الثاني الذي ورد في سؤالك هو: معاناتك أو إصابتك بأمراض نقص المناعة، والذي تجلّى عن طريق الثعلبة والبُهاق ونقص المناعة في الغدة الدرقية (هاشيموتو Hashimoto) حيث تهجم الخلايا المناعية على الغدة الدرقية وكأنها جسمٌ غريب.
هذه الأمراض – الأمراض المناعية –: يمكن أن تزيد من حالتك النفسية، سواء الرهاب الاجتماعي، أو غيره، وبالتالي تدخل في دائرة سيئة؛ حيث الحالة النفسية تُؤثّر في ضعف المناعة، وضعف المناعة يُؤثّر في الحالة النفسية.
يصعب طبيًّا أن نربط بين الاثنين – الجانب النفسي وأمراض المناعة – هل أحدهما يُسبّب الآخر؟ لا نستطيع تأكيد السببية، ويمكننا أن نؤكد أن أحدهما يُؤثّر بالآخر، وبالاتجاهين.
حاليًا لا أرى فائدة كبيرة من أن تقوم بفحص الرنين المغناطيسي للدماغ، إلَّا إذا ارتأى الطبيب النفسي الذي ستراجعه؛ لأنه قد يقوم بفحصك، والتعرُّف على وجود أو عدم وجود أعراض وعلامات أخرى.
أرجو الله تعالى لك الشفاء التام، وأرجو ألَّا تتردد أو تتراجع في زيارة الطبيب النفسي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.