صداقتي لملحد أوقعتني في التساهل والشك، فماذا أفعل؟

2025-01-19 22:55:12 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي مشكلة، وهي نقصان ثقتي بالله، وذلك لأني اغتبت صديقة وسمعتني، وحاولت التسامح منها عدة مرات، ولكنها لم تصفح.

أحسست بذنبي، وطلبت من الله، ثم منها السماح، لكنها لا ترغب في مسامحتي، وقالت: هل تطلبين السماح من ربك؟ -حسبي الله ونعم الوكيل-، خفت بعدها من الله، خفت أن تقع لي مشكلة بسبب ما فعلته، وهذا الأمر أدخلني في حالة من الاكتئاب، والمشكلة أنني وحيدة، وأعيش مغتربة في بلد آخر غير موطني.

أخاف كثيرًا من العين، وقد دعوت الله على شخص بأن لا يفرح أبدًا، لأنه جرحني بالكلام، رغم أنه قدم لي معروفًا في السابق، وبعدها وقعت في الكثير من المشاكل، وعانيت من الضيق كل صباح، فأنا أشعر بالضيق والحزن، وهذا الأمر أفقدني ثقتي بالله، لأني شعرت وكأنه ينتقم مني رغم طلبي للمغفرة.

بسبب وحدتي التي أعيشها تواصلت مع صديق حتى لا أحس بالوحدة، والمشكلة بأنه ملحد، وفي كل مرة يستهزئ فيها بالإسلام أشعر بالضيق، لأني لا أريده أن يتكلم بالسوء عن ديني، وفي نفس الوقت لا يمكنني إسكاته مخافة البقاء وحيدة، أو أن يقلق مني.

في يوم الجمعة استهزأ بالإسلام، ومن دون شعور ذكرت كلمة إسلام بالضحك، لا أعرف كيف فعلتها؟ وبعد هذا اليوم بدأت أشك في وجود الله، وصرت بعدها في حزن شديد، وكأني أعاقب على الاستهزاء الذي تلفظت به، حاولت إقناع زميلي بأن الإسلام هو الدين الصحيح، ولكن الشكوك تعاودني من جديد، ولو تكلم شخص آخر ضد الإسلام أشك وأقول هل هذا صحيح أم لا؟

شكرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك مجددًا -ابنتنا- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الإسلام حتى نلقاه سبحانه، وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (يا مقلّب القلوب ثبت قلبي على دينك)، فينبغي للإنسان المسلم رجلاً كان أو امرأة، أن يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى، ويشعر بأنه فقيرٌ محتاجٌ لعون الله تعالى وتثبيته، فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبُها.

أمَّا ما وقعت فيه من الذنب أولاً مع صديقتك، من كونك وقعت في غيبتها، فهذا ذنبٌ يُكفّره الله تعالى بالتوبة، فالتوبة تمحو ما كان قبلها، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وأخبر سبحانه وتعالى أنه يُحبُّ التوابين، وأخبرنا سبحانه بأنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وأخبرنا سبحانه وتعالى بأنه يُبدِّلْ سيئات التائب حسنات، وأخبرنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم، بأن الله يفرح بتوبة عبده إذا تاب، وأخبرنا بأن التوبة مقبولة ما لم يُغرغر الإنسان، أي ما لم يصل إلى سكرات الموت.

هذه الآيات والأحاديث كلها تدلُّ على رحمة الله تعالى وفضله في قبول التوبة، والتوبة تعني: الندم على فعل المعصية، والعزم على عدم الرجوع إليها في المستقبل، مع تركها في الوقت الحاضر، فإذا فعلت ذلك تاب الله عليك.

قد أحسنت حين طلبت من زميلتك المسامحة والعفو، فإن هي فعلت -فالحمد لله-، وإن لم تفعل فاعلمي أن الله سبحانه وتعالى قدير، وأنه سيعوضها عمَّا وقع عليها من الظلم لها، ولكنّه يقبل توبتك، ويُثيبك على هذه التوبة، ويمحو بها ذنبك، هذا عن حكم التوبة.

أمَّا ما وقعت فيه من الاكتئاب والضيق بسبب هذا الذنب وبسبب الشك في قبول التوبة، أو أن الله تعالى يُعاقبك على هذا الذنب؛ فهذا الاكتئاب وما أدّى إليه من لجوء إلى مصاحبة هذا المُلحد والوقوع في عدد من المنكرات، هذا الاكتئاب لا شك ولا ريب أنه من عمل الشيطان، وأنه يحاول به إفساد حياتك الدنيا وإفساد الآخرة، فإنه في الدنيا يسعى لجعل الإنسان المسلم يعيش حالة من الحزن والاكتئاب، كما قال الله عنه: (إنما النجوى من الشيطان ليَحْزُنَ الذين آمنوا)، فهو يسعى بكل جهدٍ ليجعلك تعيشين حالة الحزن والاكتئاب هذه، والمفترض أنك تعرفين ما أخبر الله تعالى به من قبول التوبة، وأن ذلك يدعوك إلى الفرح والسرور، وقد قال الله سبحانه وتعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، وقال: (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة).

استعيذي بالله تعالى من شرِّ الشيطان، وخذي بالأسباب التي تُبعدك عن الوقوع في مصيدته، ومن هذه المصيدة التي نصبها لك كونك لجأت إلى مُصادقة هذا الإنسان الملحد ومصاحبته، فوقعت في عدد من المنكرات، أوّلُ هذه المنكرات أنه رجلٌ أجنبي عنك، وأعظم من هذا كلِّه كونه مُلحدًا، يستهزئ بالإسلام، وهذا بلا شك سيترك آثارًا عليك، فاستعيذي بالله تعالى من الشيطان ومن شرِّ نفسك، والجئي إلى الله تعالى.

الواجب عليك الآن أن تقطعي علاقتك تمامًا بهذا الإنسان، قبل أن يجرّك الشيطان إلى ما لا تُحمد عاقبتُه، وربما تندمين حين لا يُفيد الندم.

أنت لا تزالين على الخير والإسلام و-الحمد لله-، وحُزنك هذا وتألُّمك وتوجُّهك بالسؤال؛ كلُّ ذلك يدلُّ على وجود الخير والإسلام في قلبك، والإيمان في ضميرك، فاحمدي الله تعالى أن ثبتك على الإسلام إلى الآن، ولكن احذري كل الحذر من الاستمرار فيما أنت فيه، واعلمي أن في عالَمك من أهل الخير والصلاح من النساء والفتيات مَن يعوضك عن هذا الإنسان وعن مصادقته ومصاحبته.

نسأل الله تعالى بمنِّه وكرمه أن يتولّى عونك ويُيسّر أمرك ويُثبّتك على دينه.

www.islamweb.net