تركت زوجي وأولادي لرعاية أمي المريضة.. فهل أخطأت؟
2025-01-19 23:52:55 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمي مريضة بالواسواس القهري ثنائي القطب، وهي مسنة، عمرها ٩٣ سنة، وأعمل لها كل احتياجاتها من إلباس الملابس، وتمريض، ومجالسة، وأصبحت منقطعة عن العالم، كما أنها تريد أن أبقى دائمًا بجانبها حتى إذا ذهبت لعمل طعام لها تنادي بطريقة استفزازية حتى أترك كل شيء، وأبقى ملاحظة لها، وحتى الحمام -أعزكم الله- لا أستطيع أن أدخله إلا سريعًا جدًا!
هل إذا عملت لها كل ما تحتاجه من طعام وأدوية وشراب ونظافة، ثم تركتها تنادي بطريقتها الاستفزازية نظرًا لمرضها، هل ليس عليّ حرج؟ حتى إني تركت بيتي وزوجي لأجلها، وهم -الله يبارك فيهم- متفهمون لذلك.
أخاف من الله بسبب عدم إعطاء زوجي حقة وأولادي، أو ترك أمي.
أفيدوني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نسأل الله تعالى أن يتقبّل منك بِرّك بأمّك وإحسانك إليها وقيامك بخدمتها، واعلمي جيدًا – أيتها الأخت الكريمة– أن هذا العمل من أعظم الأعمال التي تتقرّبين بها إلى الله سبحانه وتعالى، وأنه سببٌ جالبٌ لكل أنواع السعادة، وسترين أثره بإذن الله.
وصيتُنا لك أن تتذكّري أثناء قيامك بكل هذا المجهود ثواب الله سبحانه وتعالى، وتقصدي وجه الله بهذا العمل، وستجدين ثمرته في دنياك قبل آخرتك، ومن فضل الله تعالى عليك أن زوجك وأسرتك يتفهمون وضعك، ونسأل الله تعالى أن يكتب لكم الأجر جميعًا والثواب.
وممَّا لا شك فيه – أيتُها الأخت الكريمة – أن برَّ الأمّ واجبٌ وفرضٌ فرضه الله تعالى، والبر معناه: إدخال السرور إلى القلب بكل قولٍ أو فعلٍ، ولهذا نصيحتُنا لك أن تبذلي ما تقدرين عليه من الرّفق بأمّك، ومحاولة إدخال السرور لها، ومراعاة أحوالها، بقدر استطاعتك، وبالقدر الذي لا يُضيّع حق الزوج، إلَّا إذا أذِنَ ورضِيَ بإسقاط بعض حقِّه؛ فذاك أمرٌ آخر، وهو مأجورٌ على كل ما يُقدّمه من عونٍ لك.
فهذه نصيحتُنا ووصيّتُنا؛ أن تبذلي ما تقدرين عليه؛ لأن الله تعالى يقول: {فاتقوا الله ما استطعتم}، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا أمرتُكم بأمرٍ فأْتوا منه ما استطعتم)، فما تقدرين عليه من مراعاة أُمّك والإحسان إليها، فلا تبخلي به عليها، سواء كان ذلك واجبًا، أو غير واجبٍ، واعلمي أن الاختبار والابتلاء ينتهي قريبًا، والله سبحانه وتعالى يُقدّر آجالاً وأزمنة مُحددةً لاختبار العبد، ولكنّك ستفوزين كل الفوز، وستظفرين كل الظفر إذا أنت صبرت واحتسبت أجرك فيما بقي من عمر أُمّك.
وإذا كان لك إخوة وأخوات؛ فينبغي أن يُشاركوكِ، ويجب عليهم أيضًا أن يقوموا بالخدمة، أو أن يُنيبوا عنهم إذا كانوا قادرين ماليًّا مَن يقوم بالخدمة ويُشاركوكِ في ذلك، وإذا لم يكن لهذه الأمِّ سِواك أو امتنع الآخرون؛ فاعلمي أن هذا باب خير فتحه الله تعالى لك، وإن كان فيه مشقّة؛ فإن المشاق والمتاعب في مرضاة الله تعالى يعقبها السرور والفرح.
نسأل الله تعالى أن يتولى أمرك.