كيف أتعامل مع مزاجية زوجي ونكده وعصبيته؟
2025-01-21 23:09:14 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
متزوجة منذ 15 سنةً تقريبًا، ولدي أطفال، زوجي طبيب، لكنه شخص عصبي ونكدي لأبعد الحدود، ويبقى على حاله تلك لأكثر من أسبوع، وبدون سبب واضح، وحتى في الحالات السعيدة تجده قد تغير مزاجه، وانقلب بلحظة.
معاملته للأطفال جافة جدًا، ورسمية، ويكلمهم بأسلوب حاد؛ ولذلك فإن أطفالي لا يحبون نهايات الأسبوع؛ لأنهم يشتكون من عصبيته، وعدم سماحه لهم بممارسة أبسط الأمور المسلية.
هو انطوائي جدًا، ولا يتحمل المناقشة أو مخالفة رأيه، وأحيانًا يشعر أصعوبة التنفس بالبيت عندما يكون موجودًا.
فكرت أكثر من مرة بالانفصال، ولكني أؤثر الأطفال فأتنازل عن قراري.
فما هو الحل مع عصبيته السريعة، وغضبه؟ وكيف ألطف الجو النكدي الذي يسيطر على البيت؟
وشكرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، إنه جواد كريم.
أختنا، بداية: التفكير في الانفصال، أو اليأس من التغيير كلاهما معاول يمنعان أي تقدم، ويقضيان على أي بارقة أمل، ولو كانت بسيطةً، ولذلك فإن أول ما ندعوك إليه هو طرح هذه الفكرة البائسة من رأسك، والتفكير من منطق إيجابي؛ وهذا التفكير في حد ذاته يعد بدايةً صحيةً وصحيحةً للتغير الإيجابي.
ثانيًا: قد ذكرت أن الزوج -أصلحه الله- شخصية عصبية، وأن هذا الأمر مصاحب له في حياته، وأنه يغضب بلا سبب، وأنه يرفض النقاش فيما غضب لأجله، وأنه لا يحب مخالفة رأيه.
إن كان توصيفك دقيقًا، فإن هذا عرض عن مرض، والمعنى: أن الزوج قد يكون مريضًا أو مصابًا بأمر نفسي في صباه؛ مما أفقده الأمل أو الحب في السعادة، وإن كان التوصيف مبالغًا فيه، فيجب عليك مراجعة نفسك وفق هذه القواعد:
- الغضب بلا سبب، والرجوع بلا سبب، ولمدة طويلة.
- لا يحب مشاهدة السعادة في محيطه، ولا في أصحابه.
- انعزالي وغير اجتماعي.
- لا يحب الحديث في أي مشكلة رغم وجودها، ويتهرب من مواجهتها.
- ليس له أصدقاء دائمون، بل صداقاته كلها عابرة.
هذه الصفات متى ما توافرت في شخص؛ فإننا يمكن أن نقول عنه مريضًا، ويحتاج إلى زيارة طبيب نفسي، وإن كانت أقل من ذلك فمعناها أن هناك خللاً في البيت، أو شيئًا لا يحبه، أو أخطاء نفرته من البيت، وتحتاج إلى الحديث معه والحوار، ويمكن الوصول إلى ذلك بطرق سنتحدث عنها، لكن وفق هذه القاعدة الهامة.
التغيير يكون بثلاثة أمور:
1- الانتقال من السيئ إلى الحسن، وهذه أعلى المراتب.
2- تقليل العصبية، وهذه أوسطها.
3- عدم الانحدار في العصبية أكثر، وهذا أيضا نجاح.
وعلينا أن نبدأ مرحلة التغيير، وأن نضع النقطة الثالثة هي الهدف الأول، ثم نترقى بعد ذلك، وهذه الوسائل -أختنا- تعينك على ذلك:
1- تعميق علاقته بالله -عز وجل-؛ فإذا أحب الإنسان ربه شعر بالأمن، وإذا شعر بالأمن تولدت منه الرغبة في المزيد من العطاء، وانقشعت عنه بعض المخاوف التي تقلقه.
2- الاجتهاد في معرفة الأمور التي تدفعه للعصبية، أو إلى ردات الفعل العنيفة، ومحاولة تجنبها، أما إذا حدثت العصبية منه بلا سبب فلا تواجهيها بالاستفسار، ولا السؤال عن عصبيته؛ لأنه غالبًا ليس عنده جواب، ولا يعرف هو نفسه الجواب؛ لذا عليك الركوب معه في نفس الاتجاه لتهدئته، فإذا غضب مثلاً من ابنته لأمر ما، مباشرةً وجهي الكلام لابنتك من دون اتهام لها، حتى لا نصلح شيئًا ونفسد آخر، كأن تقولي: لماذا غضب منك أبوك؟ مؤكد أنك فعلت شيئًا بلا قصد منك؟ ألا تعلمين أنه يتعب أثناء عمله، ويأتي للراحة؟ هنا سيترك دفة الحديث لك، وسيكون مرتاحًا، وتهدأ نفسيته، أو تقل عصبيته، وعليك أخذ الفتاة بعد ذلك بعيدًا، بأن تقولي لها: والدك طيب القلب، ويحبك، ولكن يبدو أنه مرهق، أو متعب، أو عنده مشاكل معينة، ويجب علينا تحمل الوالد في مثل هذه الظروف، ثم اعمدي إلى احتضان ابنتك بعد ذلك.
3- توسيع دائرة معارف الزوج -ما أمكن-، لتشمل بعض الصالحين من أهل التدين، فإن الصاحب كما قالوا ساحب.
4- زراعة الحوار في البيت، وغرسه بالإقناع، وسقيه بالود والحنان، هذا ما نريده اليوم أن يكون واقعًا بينكما، وهذا بالطبع سيأخذ وقتًا، لكن وفق قاعدتنا الأولى في التغيير، أن لا ننحدر ونحن في نجاح، واجتهدي في أن تتحدثي مع زوجك، وأن تبرزي له الأمور الإيجابية في حياته، وأن تمدحيه كثيرًا؛ فإن الرجل أسير المدح، وأن تكسبيه الثقة في نفسه، وأن تشعريه أنه أفضل الناس، وأحن الناس، وأن تضخمي من إيجابياته، وأن تتحدثي معه في المشتركات التي يحبها، والتي يحب الحديث عنها، المهم أن تبدئي ولو لدقائق، ثم نزيد بالتدريج.
5- من المهم كذلك أن تكون عندك نفسية متزنة، وصلبة، ومرنة في آن واحد؛ لأنك حتمًا ستجدين صعوبات في التغيير، وهذا أمر طبيعي، وأهم ما يقوي نفسيتك أمران:
- احتساب الأجر، والتفكير في العاقبة.
- تعظيم حسنات زوجك، وإيجابياته عندك وإن قلت.
6- إن مرت لحظات سعادة ولو كانت بسيطةً فادفعي الأولاد للتذكير بها كل فترة، وأنت كذلك، وأن تشكروا الوالد على هذه الدقائق، افعلوا ذلك بطريقة أقرب إلى المبالغة، وتأكدوا أنها ستترك انطباعًا جيدًا عنده، حتى ولو لم يعلق.
7- نريدك بعد فترة ما من التغيير أن تذكري له أن الحياة الزوجية لا بد فيها من مراجعات، حتى نتدارك الأخطاء، ونبني على الإيجابيات، وأنا أريدك أن تذكر لي سلبياتي التي تجدها بي لأحاول تغييرها، على أن تكتبها في ورقة لأحاول تغييرها.
اتركي له فترةً ليكتب تلك السلبيات، وعندما يكتبها ستكتشفين أن بعضها حقيقي، وبعضها مبالغ فيه، وبعضها غير موجود بالجملة، لا تعترضي على شيء، وأخبريه أنك ستضعين خطةً لتغيير هذه الأخطاء.
لا تذكري له كتابة سلبياته إلا إذا طلب منك، ولا تتعجلي، سيطلب منك ولو متأخرًا، ولكن إن لم يطلب فاعلمي أنه يراجع نفسه في ذلك.
فإذا طلب منك حصر السلبيات فاكتبيها في ورقة واحدة، على أن تكون ثلثها الأول إيجابيات، والأوسط السلبيات، والأخير حبك له، وتقديرك لتعبه.
وأخيرًا: -أختنا الكريمة- الحياة الزوجية لا بد أن تمر بتلك المصاعب، ولكن ما بينك وبين زوجك من مشاكل هي في دائرة الحل -إن شاء الله-، ويمكن تجاوزها بجهد متواصل -إن شاء الله تعالى-، فاحرصي على ذلك، مع كثرة الدعاء لله أن يصلحه وأن يهديه، إنه جواد كريم.
وفقك الله -أختنا- وأصلح الله حالك وزوجك، والله الموفق.