أدمنت البحث عن معاني الكلمات حتى أصبت بالوسواس!!
2025-01-25 23:12:32 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من اضطراب الوسواس القهري منذ سنوات، ولكن مؤخرًا عاد الوسواس القهري متعلقًا باللغة، إلى درجة أنه أصابني اليأس والاكتئاب، حتى أصبحت أفكر بالموت.
أنا شاب تعلمت اللغة العربية، حتى أدمنت البحث عن معنى الكلمات التي أعرفها، ولكن الوسواس يقول لي: بأنه يجب البحث أكثر، فأطالع معجم (لسان العرب)، ومعجم (المعاني) عدة مرات، وحينما أبحث عن معنىً معين، أقرأ المعاني الأخرى، ويحفظها عقلي فورًا، وقد حفظت الكلمات النادرة، وغير المستعملة، وبعد البحث عن المعاني أبدأ بالبحث عن أمثلة تدخل فيها هذه الكلمة، وأحيانًا لا أجد، وعندما أريد استخدام تلك الكلمة، أجدني أتذكر المعنى غير المعروف لدى الناس، وأنسى المعنى المعروف، ولو أخطأ أحدهم في كلمة، فإن عقلي يتذكر ويحفظ الخطأ.
والمشكلة أنه لا يمكنني الإعراض عن هذه الأفكار؛ فهي تهجم علي عند النوم أو الاستيقاظ، وتستمر طول اليوم، فهل ما أمر به أمر عادي يصيب من ألفوا المعاجم والقواميس أم لا؟ كما أن هذا الأمر جعلني أتخوف من تعلم لغة أخرى، حتى فقدت طموحي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
نعم -أخي الفاضل- كما تعلم أن الوسواس القهري عبارة عن أفكار قهرية، أي أنها ليست تحت سيطرتك، وعندما تُريدُ دفعها عن ذهنك فإنها تقتحم عليك عقلك وذهنك من حيث لا تريد، وغالب الأفكار القهرية إنما هي أفكار غير منطقية، وغير معقولة، وصاحبُها يُدركُ أنها غير معقولة، ولكن هناك بعض الأفكار القهرية التي ليست بعيدةً عن المنطقية، ولعلَّ ما تعاني منه هو نوع من هذا؛ حيث إنك تشكُّ في معاني بعض الكلمات، فتبحث عن معانيها، ولا تكتفي بمعنىً واحد، وإنما تبحث عن المترادفات والمتشابهات، وغيرها؛ ممَّا يدفعك للدخول في معاجم اللغة العربية، وكم هي كثيرة، وجميلة، ومليئة بالمعاني.
أخي الفاضل: أمامك خياران:
الأول: أن تستغلَّ هذا الفكر القهري بأن تتعمَّق أكثر وأكثر في موضوع اللغة، ولعلَّ الله تعالى أن يفتح عليك أمرًا مفيدًا باللغة العربية وللناطقين بالعربية، فأنا لا أستبعد أن بعض العلماء -الذين كتبوا في معاجم اللغة- كان لا ينام الليل إلَّا وتقتحم عليه معاني الكلمات، وأكاد أراه أمامي يستيقظ ليلاً ليكتب بعض المعاني في ورقةٍ أمام سريره ليتابع نومه من بعد ذلك.
هكذا -أخي الفاضل- مَن يعشق أمرًا مُعيَّنًا تجده يستيقظ عليه وينام عليه، ولعلَّ الله -كما ذكرتُ- يفتح على يديك أمرًا مفيدًا، هذا الجانب الأول.
الجانب الثاني: أن مَا زاد عن حدِّه انقلب إلى ضدِّه، فإذا غاب عنك المعنى الأول أن تستغلّ هذا التوجُّه بالإبداع، وأصبح مزعجًا جدًّا لك، فالخيار الثاني: أن تلجأ إلى العلاج.
هناك طريقتان للعلاج:
إمَّا أن تقاوم الفكرة من نفسك، وتمنع نفسك عن فتح القاموس مجددًا لتكتشف معاني الكلمات.
وإمَّا أن تلجأ إلى أحد الأطباء النفسيين الذي يمكن أن يصف لك أحد الأدوية المضادة للوسواس القهري، أو الأفكار القهرية؛ ممَّا يُخفِّف عندك هذه المعاناة، ولعلَّ الأمرين معًا يكونان مفيدين لك، أي: أن تُمسك نفسك عن فتح المعجم مجددًا، ولكن في نفس الوقت تتناول الدواء الذي يخفِّف عنك الأفكار القهرية.
وأدعو الله تعالى لك أخيرًا أن يشرح صدرك، ويُخفف من معاناتك، وأن يفتح على يديك شيئًا مفيدًا تخدم فيه اللغة العربية؛ فكم هي في حاجة إلى أن تُخدم، وخاصةً من العرب الذين يعيشون في أوروبا، أو البلاد غير الناطقة بالعربية، ليوصلوا معاني هذه اللغة الجميلة إلى المسلمين من غير الناطقين بالعربية، وقمة ذلك كتاب ربّنا عز وجل القرآن الكريم، فهو النموذج الأمثل لجمال اللغة العربية.