الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.
أولاً: الحمد لله أنك تتمتع بصفات يحث عليها الإسلام، وهي من صفات الإيمان بالله تعالى، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) [رواه البخاري ومسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ) [رواه ابن ماجه]، وقال تعالى: {ما يلفظ من قولٍ إلَّا لديه قريبٌ عتيد} [ق:18].
واللسان -أيها الفاضل- من الجوارح التي تُوقع صاحبها في المهالك، ولذلك ينبغي ضبطه، فكثرة الكلام قد تؤدي إلى كثرة الزلل والخطأ، وكثرة الخطأ قد تُكثِّر الذنوب، والضابط في الأمر هو ما جاء في حديث بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ، قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سُخْطِ اللَّهِ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ بِهَا سُخْطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ) [رواه البخاري].
ويقال: (مَن سكت فسلمَ، كمن قال فغنمَ)، وقيل لبعضهم: (لِمَ لزمتَ السكوت؟ قال: لأني لم أندم على السكوت قط، وقد ندمتُ على الكلام مرارًا)، وقال لقمان لابنه: (لو كان الكلام من فضة كان السكوت من ذهب)؛ أي: لو كان الكلام في طاعة الله من فضة لكان السكوت عن معصية الله من ذهب، وهناك العديد من الأدلة النقلية والعقلية التي تحثّ على تفضيل السكوت على الكلام.
ولذا -أيها الفاضل الكريم- لا تُحقّر من نفسك، ولا تُقلِّل من شأنك بسبب هذا السلوك، فربما يكمن فيه الخير وأنت لا تدري، وهذا ليس معناه أن تصمت أو ألَّا تتكلَّم إذا انتُهكت حرمات الله، أو ألَّا تأمر بالمعروف، أو ألَّا تنهى عن المنكر، أو ألَّا تردّ الظلم عن نفسك إذا ظُلمتَ، أو إن أردتَّ أن تُطالب بحقك، أو ألَّا تنتصر للمظلومين، بل يُصبح الكلام واجبًا في هذه الحالات، وعدمه يكون جُبنًا وعارًا، والمسلم يتخيّر أطايب الكلام الذي ينفع ولا يضرّ بنفسه أو غيره، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ) [رواه أبو داود].
أمَّا إذا كان الصمت أو عدم الكلام بسبب الخوف أو التوتر والقلق، وأنك عاجزٌ عن توصيل رسالتك للآخرين، فربما يندرج هذا السلوك تحت مظلّة الرهاب الاجتماعي، ويمكنك مراجعة الاستشارة رقم (
2500815) تجد فيها بعض الخطوات التي تُساعدك في حل المشكلة الخاصة بعدم الكلام أو الصمت، أو عدم البدء والمشاركة في الكلام مع الآخرين.
والله الموفق.