مغتربة وخوفي على ديني دفعني للعزلة، فما توجيهكم؟
2022-12-26 23:32:20 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا بحاجة لأن أسمع الإجابة منكم، لأنني بحاجة للتحدث مع أحد صالح يوجهني بما يرضي الله وينصحني، ولأنها راحة لنفسي -بإذن الله-. أنا مقيمة في أمريكا، وحدثت معي بعض المشاكل أثرت على نفسيتي كثيراً، لكن لا أجد بأن الأمر يستحق أن تتأثر نفسيتي، أشعر بأنني أعطي الأمور أكبر من حجمها، بالإضافة إلى أجواء البلد هنا ونقص الحياة الاجتماعية، وقلة من ينصحون بالدين، أحاول التغلب على مشاعري بالذكر والدعاء.
منذ فترة ذهبت لطبيبة الأسرة هنا في أمريكا، وقلت لها أنني أمر بحالات مثل: العزلة عن الناس، أو العصبية، أو الحزن، لا داعي لها، ومن أسباب عزلتي عن الناس خوفي أن أتراجع في الدين، وأحزن بسبب بعد الناس عن الله، نصحتني بالذهاب لطبيب نفسي، في البداية لم أقبل، لأنني لا أثق فيهم مثل المسلمين بالعلاج النفسي، ولا أظن أنني أحتاج لطبيبة نفسية، كل ما أحتاجه: هو اللجوء إلى الله، والدعاء، والذكر، وقراءة القرآن، والذي أثر بي حينما تواصلت مع موقع حوار ديني، وأردت توجيهًا دينيًا، نصحوني أن أسمع نصيحة الطبيبة وأذهب لطبيب نفسي، واستغربت هل العزلة عن الناس والعصبية تحتاج إلى طبيب نفسي؟ أين التوجيه باللجوء لله؟ أين نصح المسلم للمسلم بالثبات على الحق في زمن الفتن؟ أليس علينا أن ننصح بعضنا بالدعاء والذكر ومجاهدة النفس الأمارة بالسوء والدعاء برد كيد الشيطان؟ وعلينا النصيحة بالصبر؟ لو كان كل من ابتلى عليه الذهاب لطبيب نفسي فهذا يعني كل الناس تحتاج لأطباء نفسيين.
بعد مراسلتهم أصبحت أفقد اليقين في دعائي، وهذا الأمر يحزنني وأحتاج أن يعود اليقين -بإذن الله-.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أريج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا.
نعم -أختي الفاضلة- قد يكون من الصعوبة أحيانًا أن يعيش الإنسان في مجتمع المسلمون فيه قلّة، وهذا يمكن أن يُحدث شيئًا من العزلة وغياب الحياة الاجتماعية، فالإنسان بطبعه مخلوق اجتماعي، يُحبُّ الاختلاط بالناس والتعايش معهم، وشخصيًّا عشتُ في أوروبا لثلاثين عامًا، وأنا أعرفُ هذا، وأعرفُ واقع المسلمين في البلاد الغربية، سواء في أوروبا أو أمريكا، ولكن أنا معك تمامًا في نقطتين:
النقطة الأولى: أهمية الدعاء والذّكر والصلاة ومجاهدة النفس، فالنفس قد تكون أمَّارةً بالسوء، ولكن أيضًا قد تكون راضيةً مطمئنَّة، ولكن هذا يُؤكد أهمية اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالصبر والدعاء والذّكر وغيرها من الأمور التي طُلبتْ مِنَّا، والتي فيها روحٌ للإنسان وحياةٌ للإنسان، قال تعالى: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
النقطة الثانية أختي الفاضلة: أنا متفق معك، ليس كل إنسان مُبتلى بشيءٍ ما عليه أن يذهب إلى الطبيب النفسي، وإلَّا كما ذكرتِ يُصبح كل الناس في حاجة للأطباء النفسيين، وأنا معك في كل هذا، نحتاج للطبيب النفسي في بعض الحالات كوجود مرض نفسي، أو وجود صعوبة في تكيُّف الإنسان مع الناس من حوله، ويريد أن يستشير، ويريد أن يقوّي ثقته في نفسه، وليس بالضرورة أن يكون هناك مرضٌ مُشخَّصٌ يحتاج إلى علاج.
المهم: ما أنصحك به ألَّا تقعي في مشكلة (كل شيء أو لا شيء)، فالعزلة الشديدة غير نافعة، وكذلك الاختلاط والانفتاح على كل الناس أيضًا ضارّ، لذلك أُمرنا بالتوسُّط، فخير الأمور أوسطها.
أختي الفاضلة: حاولي أن تحرصي على التواصل مع أهل المساجد والمراكز الإسلامية الموجودة عندكم، وما أكثرها، أصبحت ولله الحمد في بلاد العالم كله، لا شك أن هناك أخوات كريمات فاضلات في البلد أو المدينة التي تعيشين فيها، فاحرصي على التعرُّف عليهنَّ، وربما الخروج معهنَّ، والقيام ببعض الأنشطة الاجتماعية المفيدة والمناسبة للمسلمات، وهناك أنشطة كثيرة يمكن أن تكون مناسبة للمسلمين في بلاد الغرب، فاحرصي عليها.
الأمر الثاني: احرصي على حضور الأنشطة الثقافية التي تُقيمها المراكز الإسلامية والمساجد، كالمحاضرات التوعوية التي تُذّكر المسلم بدينه وقيمه وأخلاقه، فهذا أيضًا يُساعد.
الأمر الأخير: هناك بعض المساجد والمراكز الإسلامية تقوم ببعض الأنشطة الاجتماعية، كالنزهات، ومجالس الطعام، بالإضافة إلى مجالس المحاضرات، فهذه أيضًا تُخفف عن الإنسان شيئًا من العُزلة.
أخيرًا أختي الفاضلة: أنصحك بالتواصل مع أهلك في بلد المنشأ، حيث الآن أصبح متوفرًا عبر المواقع الكثيرة التي تتيح التواصل، مع أقربائك وأهلك، صوتًا وصورة، فهذا أيضًا يمكن أن يُخفف من الغربة والعزلة التي يعاني منها الكثير من الناس.
نشكر لك تواصلك معنا، وأدعو الله تعالى لك بسلامة الصدر وراحة البال، وأن يُنعم عليك بحياة اجتماعية سليمة، تحافظين من خلالها على دينك وقُربك من الله سبحانه وتعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.