زوجي اقترح تسمية المولود باسم والدي وأنا لا أرغب، فماذا أفعل؟
2025-02-08 22:52:56 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حامل بطفلي الثاني، وجنس المولود ذكر، واقترب موعد الولادة، وما زلت محتارة في اختيار اسم المولود، وزوجي ترك لي حرية الاختيار، واقترح تسميته باسم والدي، وأنا حائرة ولا أتقبل ذلك نفسيًا؛ بسبب خلافاتي العديدة مع والدي، ولكنها لم تصل إلى القطيعة.
علاقتي بوالدي ليست قوية لأسباب نفسية، ولأخطاء ارتكبها في حقي منذ الصغر، تركت أثرًا عميقًا في نفسي، وأثرت على اتزاني طويلًا، لطالما حاولت معالجة تلك الآثار النفسية، ولكني أجد بداخلي غضبًا يمنعني حتى من الاعتزاز باسمه، وفي الوقت نفسه لا أحب أن أكون عاقة وأتجنى عليه، لكني لا أستطيع مسامحته!
زوجي لا يعلم طبيعة العلاقة بيني وبين والدي، ولا أحب أن أبين خلافاتنا أمامه، وتحججت بأن الاسم قديم ولا أرغب بتكراره، وما زلت حائرة، فأنا أريد تسميته على اسم والدي ولا أريد أيضًا، علمًا بأن والدي اختار اسم مولودي الأول، وزوجي جبر خاطر والدي وقام بتسميته كما طلب، وقلت لزوجي: والدي اختار في المرة الأولى، والآن لك حرية الاختيار، لكنه رفض وطلب مني اختيار الاسم، فكيف أتصرف؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك وفي زوجك، وأن وفي ولديك، وأن يصلح قلبك على والدك إنه جواد كريم.
أختنا الكريمة: الأمر في اختيار اسم المولود واسع، ولك كامل الحرية في أن تختاري ما تشائين من الأسماء، ما دمت مقيدة بالسنة حريصة عليها، فمن السنة مثلاً: تسمية الولد في اليوم السابع من الولادة، أو يوم الولادة نفسه، كما ذكره النووي في الأذكار.
يسن أن يكون الاسم حسنًا، للحديث الذي رواه أبو داود والدارمي وابن حبان وأحمد، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنهم-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسنوا أسماءكم".
أفضل الأسماء عبد الله، وعبد الرحمن، لما روى مسلم في صحيحه: عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ أَحَبَّ أَسْمَائِكُمْ إِلَى اللهِ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ".
قد جمع أهل العلم الأحاديث في هذا الباب، وخلصوا إلى أنه يندب التسمي بكل اسم يكون معناه حسنًا، كأسماء الأنبياء أو الصحابة أو الصالحين أو العلماء الكبار، المهم أن يكون الاسم حسنًا ومقبولًا في المجتمع، وعليه فالأمر واسع والاختيار -إن شاء الله- يكون موفقًا.
ثانيًا: قد أحسنت حين لم تخبري زوجك بما ذكرته لنا عن علاقتك بوالدك، وإنا لنرجو الله أن يصلح قلبك عليه، وأن يذهب الله تلك الوحشة، وأن يرزقك بره، فما أجمل الأجر للبارين، نسأل الله أن تكوني منهم.
ننبه -أختنا الكريمة- إلى أن البر في الشريعة ليس مقايضة، بمعنى لو أحسن الوالد لأولاده يجب البر عليهم، ولو أساء يتم تجاهله! كلا، فالبر مرتبط بالوالدين، بصفتهما كذلك حتى ولو أساء أحدهما أو الاثنان، والله عز وجل سيكتب أجرك على البر، وستجدين بركة ذلك في أولادك، بل وفي حياتك، ولعل الله رزقك الأولاد لتنعمي بهم، ورزقك الزوج الذي ترك التسمية لك لتسعدي بذلك، فموقفه هذا نبيل، بل نقول لك: إننا سمعنا عن حالات طلاق حدثت بسبب إصرار كلا الزوجين على تسمية الأبناء! فاحمدي الله على تلك النعمة، وسليه الزيادة من فضله.
استعيذي بالله من فكرة عدم القدرة على المسامحة، واجتهدي في تذكر أجمل المواقف التي مرت بك مع والدك، حتى تطردي وساوس الشيطان من رأسك، فإن الأب -والله نعمة- لا تدركها البنت إلا بعد رحيله، ويمكنك أن تدركي ذلك بالنظر إلى كل من مات والدهم من البنات، كيف يتحدثون عنه، وكيف يشتاقون إليه مهما أساء، سيبقى الأب هو الحصن لابنته وإن كان عاجزًا.
في الختام: يمكنك تسمية المولود بأسماء بعض الصحابة: كعمر أو خالد أو وائل، أو البراء أو أنس أو عمرو، الأسماء كثيرة، والأمر واسع، المهم مسألة والدك.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يربط على قلبك، والله الموفق.