زوجتي تريد أن أساعدها في عمل المنزل بعد دوامي الطويل، فما الحل؟
2025-02-10 01:11:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوج وأب لطفلين، الطفل الكبير يعاني من بعض المشاكل اللغوية والاجتماعية، ويصعب التعامل معه، رغم استجابته للأوامر، إذ أنه يفهم ما يطلب منه، لكنه يتحسن ببطء.
أنا موظف وأعمل يوميًا لمدة 11 ساعة خارج المنزل، فموعد انتهاء عملي 6 مساء، والوقت المتبقي لي قبل 10 مساء هو 4 ساعات فقط، خلالها يجب علي تغيير ملابسي، وتناول الغداء، وأخذ الولد الكبير إلى البقالة لشراء ما يريد، ولدي عمل إضافي على الحاسب لمدة ساعة أو أكثر.
زوجتي تحتقر عملي وتقول: ما هو عملك؟ فأنت تعمل لتريح نفسك ولا تشغل بالك بالأولاد والمنزل، فهي تريد مني الاهتمام بالأطفال خلال وقت العمل، ومساعدتها، لأنها تتعب من تنظيف المنزل، رغم وجود الغسالة الآلية، وصغر حجم المنزل، وتشعر بالإرهاق من تربية الأولاد، رغم أنهم هادئون.
في أحد الأيام خطر ببالي أن العب لعبة بالهاتف مدتها 10 دقائق، وخلال ذلك الوقت تركت زوجتي لي كوب الشاي بجانبي والطفل الصغير، وذهبت لمساعدة الطفل الثاني لقضاء حاجته، فسكب الطفل -الذي يبلغ من العمر سنة- الشاي على الحصير، واندلعت المشكلة من هنا، لأنها تعبت من الغسيل وشطف الأرض، ولا تستطيع العمل بشكل متواصل، وبدأت بالغلط علي وسفهتني، إضافة للصراخ والصوت العالي؛ مما اضطرني لمد يدي عليها -للأسف-!
تعبت من هذه الحالة، فهي تدعي بأني مرتاح وهي متعبة، وبدأت تطالب بعمل مشروع خاص لها، علمًا بأني لم أقصر بمصروف البيت، فماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ alo حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أيها الابن الكريم والأخ الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجتك لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يصرف عنها سيء الأخلاق والأعمال، لا يصرف سيئها إلَّا هو، وأن يُعينك على حُسن التعاون معها، ونذكّرُ الطرفين بأن حُسن المعاشرة من واجبات الشريعة، وحسن المعاشرة بين الزوجين لا بد فيها من ثلاثة محاور:
أولًا: بذل الندى: أحسن ما عندك من كلمات، أحسن ما عندك من تصرفات للزوجة، أحسن ما عندها من زينة، أحسن ما عندها من كلام لزوجها.
ثانيًا: كفُّ الأذى، أن تكفّ أذاك عنها، وأن تكفَّ هي أذاها عنك، سواء كان هذا الأذى مادياً أو معنوياً، وعليه نحن لا نؤيد الاستعجال بمدِّ اليد، ولا نؤيد الاستعجال بالشتم أو الإساءة، بل ندعو كل طرفٍ إلى أن يُقابل الإساءة بالتي هي أحسن، فخيرُ الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه.
أمَّا المحور الثالث الذي يتحقق به حُسن المعاشرة فهو: الصبر على الجفاء، والجفاء والتغيُّر وارد من الطرفين، فهي تواجه صعوبات مع أطفالها، وأنت تواجه صعوبات في العمل، والإنسان عُرضة للتوتر، والاحتكاك هو طبيعة الأشياء والأحياء، ولكن من المهم إذا حصل خصام ورفع للصوت، ألَا تأخذ المسألة أكبر من حجمها، وأن تتذكّرا أن ما بينكما أكبر من هذه الخلافات الصغيرة.
فعليكما عند الخصام أن تتذكّرا الإيجابيات، وتحمدا الله تعالى عليها، لقوله: "ولا تنسوا الفضل بينكم"، ثم عليكما أيضًا أن تتعاونا في أمر هؤلاء الصغار، ونحن نقدر تعبك وعملك في الخارج، لكن حقيقة نريد أن يكون وقت وجودك نوعياً، فليست العبرة بكم ساعة يكون الزوج موجودًا، لكن المهم أن يكون الوقت الذي يكونُ فيه موجودًا، يكون عنده تركيز مع أطفاله، مع زوجته، يعوضهم، فالعبرة كما قلنا بالوقت النوعي، والوقت النوعي هو الذي نُبعد فيه الجوّال، نُبعد فيه التلفزيون، نُبعد فيه الجرائد، ويتفرّغ الإنسان ولو لزمنٍ محدودٍ مع الزوجة، مع الأولاد، يُلاطفهم، يُداعبهم، يلاعبهم.
ووجود الرجل واهتمامه بالأسرة حتى في هذا الوقت لو كان قليلاً، بحيث يكون وقتاً نوعياً؛ هو مطلب شرعي، وسبب لصلاح الأبناء، بل سبب لأن يتكلم الطفل الذي لا يتكلم، يحتاج لمن يكلّمه، يحتاج إلى من يذهب به إلى أماكن فيه الأطفال، فإن الصبي عن الصبي ألقن، كما قال الغزالي -رحمه الله-.
عليه أرجو أن تدركا أن الأطفال ينبغي أن يكونوا مصدر حب ووئام لكما، وليسوا سببًا للإشكالات، والزوجة إذا شكت من التعب والعمل فهي بحاجة إلى دعم معنوي، ليست بحاجة إلى جدال، وقولك: (عندها الغسّالة وبيت صغير، وكذا)، هذا الكلام يُحزنها، ولكن مهما كان الكلام ومهما كانت الشكاية، لو قلت لها: (أنا أُدرك أنك تتعبين لكن ثوابك عند الله عظيم، ومنزلتك رفيعة، وأنا فخور بك وبما تقومين به تجاه أطفالي وتجاهي)، فإن هذا سيُفجّر عندها الطاقات، وكذلك أيضًا ينبغي أن تقوم هي بما عليها، ونتمنّى أن تُشجّعها لتكتب ما عندها وتتواصل مع الموقع، حتى تسمع الإجابة من آبائها وأمّهاتها من المستشارين والمستشارات، وتعرف الطريق الذي ينبغي أن تسير عليه.
الحياة ينبغي أن تقوم على التشاور فيما بينكما، ولا تقف طويلاً عندما تنفعل المرأة، لأن الشاي إذا انسكب على السجاد أو نحو ذلك؛ فإن هذه أمور مهمّة بالنسبة للنساء، ولكن اجتهد دائمًا في أن تكون عونًا لها في تفادي الأمور التي تُثير غضبها وتجلب المشاكل، فإن الإنسان إذا سدّ باب الذي تأتي منه الريح، فإنه بلا شك سوف يستريح.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكما على الخير، ونسعد بتواصلكما المستمر، وحبذا لو تواصلتْ الزوجة وذكرتْ ما عندها، حتى نناقشها ونحاورها، ونسأل الله لنا ولكما التوفيق والسداد.