أمي تتحكم في حياتي وتقول أنا لا أفعل لك شيئاًَ!!
2025-02-13 04:03:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أفيدوني، -جزاكم الله خيرًا- أمي قالت لي: يميناً بالله لو شربت قهوة لأكونن تاركة للبيت. ولقد كسرت اليمين، أعلم أني يجب علي طاعتها، ولكن أمي متحكمة في كل حاجة في حياتي حتى أكلي وشربي، ولبسي، وحتى اختياراتي لشريك الحياة.
أمي دمرتني نفسيًا بسبب كثرة تحكمها، وتكلمت معها كثيرًا، لكن بلا جدوى، لا تسمعني أصلاً، ودمرت علاقتي بإخوتي وأبي بسبب كلامها السيئ عني بأني لا أسمع كلامها!
آخر فترة مررت بفترة اكتئاب، وحالة صعبة، وأحاول أن أخرج منها بأي شيء أحبه، ومن ضمنها القهوة، لا أستطيع أن أعمل بدونها؛ لأنها تحسن مزاجي، ومهما شرحت لها لا تقتنع أبدًا.
أنا أريد أن أبرها، ولكن أمي صعبة جدًا، ولو فعلت لها شيئًا جيدًا لا تقول عنه أي شيء، ولا تجاملني حتى، أما إخوتي فتجاملهم كثيرًا، أعلم أنها تفرق بيننا، ولكني أعاملهم جيدًا، وأتمنى لهم السعادة، ولا أريد لهم إلا كل خير، ولكن بسبب أمي كرهت الحياة، فهي تنتقدني طول الوقت، وأحزن كثيرًا عندما أتذكر أني في يوم من الأيام سأفتقدها، ولكن داخلي نار من معاملتها السيئة لي.
لا تعترف بأي شيء، وتقول أنا لا أفعل أي شيء لك، ماذا أفعل لأبرها فأنا أحاول كثيرًا؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمنية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نشكر لك -ابتننا الكريمة- حرصك على البر بأُمِّك وتجنُّب العقوق لها، ونسأل الله تعالى أن ييسّر لك ذلك ويُعينك عليه.
نحن نبتدئ في إجابتنا لك من حيث انتهيت بما ذكرتِه عن أُمّك واعتذارها لك بأنها لا تفعل بك شيئًا، وهذه الفقرة ينبغي أن تقفي عندها طويلاً، فإنها تحمل التفسير الحقيقي لتصرُّفات أُمِّك وموقفها منك، فالأُمّ جبلها الله سبحانه وتعالى على محبة أبنائها وبناتها، فهذه فطرتُها التي فطرها الله تعالى عليها، وحين تتصرّف فإنها تتصرّف بدافع هذه المحبّة في غالب أحوالها، وإن كانت قد تُسيء وتُخطئ الطريق؛ ولكنّ الباعث بلا شك المحبّة والحرص على المصلحة، فربما وجدت من تصرُّفاتها ما يُسيئُك ولكنّك تغفلين عن الباعث وراء ذلك، وتفهُّمك لهذا الباعث ووقوفك عنده طويلاً يُهوّن عليك من ألم تصرُّفات أُمك معك.
حاولي أن تتفهمي بواعثها فيما تأمرك به وتنهاك عنه، وإذا عرفت الأسباب هانت عليك هذه المواقف من جهة، وسَهُلَ عليك معالجتُها من جهة أخرى، وأمكنك بعد ذلك أن تُعالجي هذه المواقف بما يُصلحها فعلاً، وسهل عليك أن تضعي تصرُّفات أُمِّك في إطارها الصحيح، وتوجيهها التوجيه الصحيح.
أمَّا حملك لتصرُّفات أُمك على أنها تُريد الإساءة إليك، وأنها تقصد التحكُّم عليك وغير ذلك من التفسيرات؛ فإنه لا يزيدُ نفسك إلَّا كدرًا، ولا يزيدُك إلَّا تشنُّجًا أمام تصرُّفات أُمّك، فلا أنت حللت مشاكلك، ولا أنت سلمت من ضيق النفس وكدر الخاطر.
يمكنك الاستعانة بالأقارب - من الإخوة والأخوات والأخوال والخالات - لإصلاح ما بينك وبين أُمّك من فجوة وتنافر، ولعلّك من خلالهم تُدركين تفسيرات تصرُّفات أُمّك فتهون عليك الأمور.
نوصيك مجددًا -ابنتنا الكريمة- بالإحسان إلى أُمّك مهما صدر منها ممَّا تظنينه إساءة، فقد أمر الله سبحانه وتعالى بحُسن الصحبة للوالدين وإن بلغت إساءتهما ما بلغت، فقد قال سبحانه وتعالى: (وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا).
ينبغي أن تبرّي يمين أُمّك إذا حلفت عليك في شيء لا تتضررين بتركه، أو تصطلحي معها على تكفير اليمين؛ ولو أن تتحمّلي أنت كفّارة اليمين، فهذا خيرٌ لك ولها.
نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته أن ييسّر لك بِرَّ أُمّك، ويُبصّرك بكيفية التعامل مع مواقفها، وخير ما نوصيك به: الصبر والاحتساب، واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بالتوفيق والهداية وإصلاح الحال.
أمَّا عن بِرّ أُمّك وطاعتها فيما تأمرك به؛ فإن القاعدة العامّة التي يمكن أن ندلّك عليها هو أنه لا يلزمك أن تُطيعيها في الشيء الذي تأمرك به إذا لم تكن هناك مصلحة لها، وفي نفس الوقت لم تتضرري، ونفس الوقت إذا تضررت أنت بما تأمرك به؛ فإنه في هذه الحالات لا يلزمك أن تُطيعيها.
نأمل إن شاء الله أن نكون قد وضعنا يدك على محل الألم في هذه المشكلة، وأن تحاولي العمل بهذه التوجيهات حتى تتجاوزي هذه المرحلة.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.