أخي يضرب أختي ضرباً مبرحاً بسبب التبرج، فما توجيهكم له؟
2023-10-02 00:48:06 | إسلام ويب
السؤال:
أخي ضرب أختي المتبرجة ضرباً مبرحاً، ومنعها من الخروج، ويقول: هذا من حقي؛ لأن أبي توفي.
هل من حقه ذلك؟ وأيضاً أختي تهدد بالهروب من المنزل أو الانتحار إذا منعها مرة أخرى أو ضربها، فقلت له: اتركها في هذه الحالة، واكتف بالنصح والتوجيه؛ لأنك تصبح بذلك آثماً، لكونك سببا في هروبها أو انتحارها؛ لأن إنكار المنكر من شروطه ألا يؤدي إلى منكر أعظم.
هل كلامي صحيح من المنظور الشرعي؟ أريد أن أعرف توجيه الشريعة الإسلامية في هذه المسألة، وأرجو الرد في أقرب وقت.
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sofia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نسأل الله تعالى أن يَمُنَّ على أختك بالهداية والصلاح، وأن يردَّها إليه ردًّا جميلاً.
ثانيًا: ينبغي لك ولأخيك ولكل أفراد الأسرة أن تجتهدوا في نُصح هذه الأخت والقيام بحقها، فـ (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)، ومن حقها عليكم مناصحتها وإرشادها إلى الخير ونهيهَا عن المنكر، ولكن ينبغي أن يكون هذا التوجيه والنصح والنهي عن المنكر بالرفق واللين ما أمكن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما كان الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَمْ يُنْزَعْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ)، والنفوس تميل إلى مَن أحسن إليها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم خيرُ قُدوة في هذا الباب، فقد كان رفيقًا رحيمًا.
قد يُلجأ أحيانًا إلى أساليب التأديب المعنوية والحسّيّة والجسدية عندما لا تنفع الأساليب الأخرى، ولكن الإيذاء الجسدي أو العقوبة الجسدية ليست من حق الأخ على أخيه، ولهذا ننصح هذا الأخ بأن يعلم أن القيام بالحقوق الشرعية والواجبات الشرعية من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد أن تكون منضبطة بضوابط الشرع.
الإنسان البالغ ليس لأحدٍ أن يُعاقبه بعقوبةٍ جسدية إلَّا بولاية سُلطانية عليه، وهذه ليست من حقوق الأخ على أخته، ولكن ينبغي أن يجتهد ما استطاع في اتخاذ الأساليب المؤثرة والنافعة في نُصح أخته، ومنها التهديد، فمجرد التهديد ليس فيه إساءة جسدية.
ما ذكرتَه في سؤالك من أنه لا بد من مراعاة المفاسد والمصالح عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلامٌ صحيح، فإن الشريعة جاءت لتحقيق المصالح ودفع المفاسد، والمصالح: قد تُستجلب المصلحة الكبيرة بترك المصلحة الصغيرة، والمفاسد: قد تُدفع المفسدة الكبيرة بارتكاب المفسدة الصغيرة، ولهذا كان من قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن شروطه: ألَّا يُؤدِّي النهي عن المنكر إلى منكرٍ أعظم؛ لأنه يكون قد نهى عن مفسدةٍ صغيرة وأتى بمفسدة أكبر، وهذا على خلاف ما جاءت به توجيهات الشريعة الغرَّاء.
أدلة هذا من القرآن والسُّنَّة كثيرة جدًّا، نحن نقرأ في سورة الكهف ما قصَّ الله تعالى علينا من خبر الخضر مع موسى، وأنه خرق السفينة، وهذه مفسدة، ولكن لدفع مفسدة أكبر، وأنه قتل الغلام، وهذه مفسدة لكن لدفع مفسدة أكبر، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108]، فترك مصلحةً – وهي تحقير آلهتهم وبيان زيفها وسبِّها – دفعًا لمفسدة أكبر من هذه المصلحة، وهي أنهم يسبُّون الله تعالى.
كلامك صحيح، فينبغي الاجتهاد وبذل الوسع في نُصحها وتوجيهها رحمةً بها وشفقةً عليها، وإرشادها إلى ما هو البديل النافع، ولكن إذا كان نهيها عن هذا المنكر ومنعها منه سيؤدي إلى منكرٍ أكبر فإنه حينئذٍ تُترك على حالها، مع مداومة النُّصح والتوجيه.
نسأل الله تعالى أن يُجري الخير على أيديكم.