أنا وزوجي نفكر في إكمال الدراسات العليا في نفس التخصص..ما رأيكم؟

2025-02-08 23:20:49 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
أنا متزوجة، تخرجت وزوجي من نفس التخصص، ومن نفس الجامعة، والآن لدينا رغبة في إكمال الدراسات العليا -إن شاء الله-، فبماذا تنصحوننا؟ هل نكمل معًا بنفس التخصص (المالية)، أو نختار تخصصين مختلفين؟

مع العلم أننا دخلنا المرتبة الثانية في الجامعة بهذا المجال -بفضل الله-، ثم بتعاوننا على الدراسة معًا، والمسابقة فيما بيننا.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عمار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختي الفاضلة- في إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم لصالح القول والعمل، وأسأل الله تعالى أن يبارك في زواجكما، وأن يديم التوافق والمودة بينكما.

اعلمي أن اختيار التخصص الدراسي موضوع في غاية الأهمية في المسيرة المهنية للإنسان؛ لما يترتب عليه من الكثير من الأمور بعد ذلك، لذلك تُعتبر خطوة اتخاذ قرار التخصص مهمة جدًا، ويزداد الأمر تعقيدًا وأهمية عندما يكون كلا الزوجين في نفس المسار العلمي والتخصصي؛ لأن رفقة الزوجين لا تنتهي بنهاية الدراسة، بل تستمر العمر كله -بإذن الله-.

ومن أهم المعايير لاختيار التخصص الدراسي بشكل عام، هي:

أولاً: اهتماماتك وميولك الشخصية، يجب عليك اختيار تخصص تحبينه وتستمتعين به، ولا تتأثري برأي الآخرين، أو بالضغوط الاجتماعية أو العائلية، فالإبداع في التعليم قائم على الشغف، كخطوة أولى نحو النجاح والتميز.

ثانيًا: قدراتك ومهاراتك العلمية والعملية، يتفاوت الناس في قدراتهم، ويجب اختيار تخصص يُناسب قدراتك ومهاراتك، ولا تختاري تخصصًا صعبًا أو معقدًا، أو لا تستطيعين التفوق فيه؛ لأن هذا سيؤثر على جانب الثقة والإتقان، وبالتالي التميز المنشود.

ثالثًا: فُرص هذا التخصص في سوق العمل، في التخصصات التطبيقية، وكثير من التخصصات الإنسانية، يجب أن نختار تخصصاً له مستقبل وطلب في سوق العمل، إما عن طريق استقراء الواقع، أو سؤال أهل الخبرة والتخصص، فلا تختاري تخصصًا مُشبّعًا أو مُنقرضًا لا يوفر لك فُرص عمل جيدة، أو تطويرًا مستمرًا، فالدراسة برؤية وهدف تتيح لك تطوير الذات والارتقاء الدائم، والتميز الذي ترجينه.

وأما فيما يخص التوافق بينك وبين زوجك في التخصص، ففيه جوانب إيجابية، وأخرى سلبية، ولا يمكن تحديد إجابة محورية لاتخاذ القرار بشكل قطعي، ولكن يمكن أن نعرض عليك بعض الجوانب الإيجابية والسلبية، ومن خلالها يمكن أن تتأملي في المناسب لك، وتتخذي القرار على ضوئها.

فمن الجوانب الإيجابية لدخول نفس التخصص بين الزوجين:

- الاستفادة من التوافق العلمي والمهني، وهذا يسهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار الأسري، والتفاهم بين الزوجين.

- التفاهم المتبادل لمتطلبات الدارسة والعمل: يُسهم الاتفاق في التخصص في تحقيق جانب كبير من التفاهم المتبادل، فيما يتعلق بجانب متطلبات الدراسة، وتحقيق بيئة من التعاون والمشاركة بين الزوجين، لتشابه المتطلبات والاحتياجات.

- توسيع دائرة العلاقات والخبرات المهنية، فاتفاق التخصص بين الزوجين يسهم في توسيع دائرة العلاقات المتعلقة بالعمل، واكتساب خبرات أوسع، ومشاركة مثمرة.

الجوانب السلبية:

- المنافسة غير الصحية: تتنوع الثقافات في نظرتها لعمل المرأة، وهذا يساهم في تكوين ثقافة اجتماعية تنعكس على سلوك أفراد المجتمع، بحيث تتفاوت ردود فعلهم حسب تلك الثقافة، فتشابه التخصص قد يخلق نوعًا من المنافسة والتسابق التي يراها البعض غير صحية بين الزوجين، خصوصًا عند حدوث تفوق لطرف الزوجة، وقد يراها البعض تنافسًا جميلاً ومُثمرًا.

- صعوبة التفريق بين الحياة الشخصية والعلمية، وتحقيق نوع من الانسجام بينهما؛ بسبب التشارك المستمر في الاهتمامات، وربما يُؤثر ذلك بشكل أو بآخر على رعاية الأبناء، وإضعاف بعض الجوانب العاطفية بين الزوجين.

- احتمال فقدان بعض التنوع والإثراء الثقافي في حياتكما، نتيجة التوافق الكامل في الجانب التخصصي والاهتمامات العلمية.

بعد النظر في هذه الجوانب الإيجابية والسلبية وغيرها، يمكن اتخاذ القرار على ضوء ذلك، مع مراعاة النظرة المستقبلية بعيدًا عن الإغراق في المثالية أو العاطفة، وتجاهل التحديات المحتملة، والواقع الحقيقي، والمسؤوليات التي قد تواجهكما في الحياة.

أخيرًا: من المهم جدًا سؤال أصحاب الخبرة ممن سبق لهم المرور بنفس هذه التجربة، كذلك الاستعانة بالله، والمبادرة إلى دعاء الاستخارة المأثور عن النبي -صلى لله عليه وسلم-، ففي الحديث الذي رواه البخاري عن جابر -رضي الله عنهما- ولفظه: "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر، (ويسمي حاجته فيقول مثلاً هذا التخصص) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (السفر أو الزواج أو التخصص) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به".

والله الموفق.

www.islamweb.net