هل دور الدواء النفسي التخفيف من الأعراض فقط؟
2023-10-30 23:50:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أعاني من الخجل الاجتماعي ولله الحمد، تحسنت حالتي كثيرًا بعد قيامي بالعديد من السلوكيات، وتغيير طريقة تفكيري، أشعر بالتعافي التدريجي، ذهبت إلى طبيب نفسي، قلت: لربما أرشدني إلى أشياء إضافية، أوصاني الطبيب بالرياضة الجماعية، وأعطاني دواء دبرتين 20 مغ، فهل دور هذا الدواء التخفيف من الأعراض فقط، أم أن له أدوارًا أخرى؟ فكرت أنه إذا كان دور الدواء التخفيف من الأعراض فقط، فإن السلوكيات التي أتبعها قد تكفي لتجاوزها دون الحاجة إلى الدواء؛ لأنني متخوف منه بصراحة، أمّا إذا كان للدواء أدوار أخرى، فهذه مسألة أخرى.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بشير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك -أخي- في إسلام ويب.
الرهاب الاجتماعي أو الخجل الاجتماعي موجود حقيقة، وبالفعل يتم علاجه من خلال تحقير هذا السلوك؛ لأنه بالفعل غير منطقي، وأن يحرص الإنسان على المواجهات، المواجهات الجماعية، حتى وإن سببت للإنسان قلقًا وتوترًا في بداية المواجهة، لكن بعد ذلك تنفرج الأمور تماماً، ويحس الإنسان بالراحة.
طبعاً الرياضة الجماعية هي إحدى الوسائل لعلاج الرهاب الاجتماعي، والمشاركات الاجتماعية الأخرى مثل: تلبية دعوات الأفراح، المشي في الجنائز، الصلاة مع الجماعة في المسجد خاصة في الصف الأول، هذه كلها -يا أخي- سبل علاجية ممتازة، كذلك الحرص على أن يحسن الإنسان مهاراته الاجتماعية في التخاطب؛ لذا يجب أن يراعي الإنسان دائماً تعابير وجهه، حين يتحدث مع الآخرين، وطبعاً لا بد من الالتزام بمبدأ "تبسمك في وجه أخيك صدقة"، أيضاً يجب أن تكون نبرة الصوت متوازنة، وكذلك لغة الجسد خاصة تحريك اليدين.
من العلاجات المهمة للرهاب الاجتماعي تطبيق تمارين الاسترخاء؛ لأن الرهاب الاجتماعي أحد مكوناته الرئيسية هو القلق والتوتر عند المواجهات، والقلق والتوتر يقل كثيراً أو يتم التحكم فيه تماماً بعد أن يطبق الإنسان تمارين الاسترخاء، ويمكن للطبيب أن يدربك على هذه التمارين، أو يمكنك الاستعانة بموقع اليوتيوب في كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرجة، وتمارين شد العضلات وقبضها ثم إطلاقها.
أخي الكريم: أما بالنسبة للدواء، فالدواء مهم جداً؛ لأنه مكون رئيسي للعلاج، وهو ليس لتخفيف الأعراض فقط، إنما لتخفيفها، ثم علاجها وزوالها -إن شاء الله تعالى-، لكن يجب أن يستصحب الإنسان مع العلاج الدوائي التطبيقات السلوكية التي تحدثنا عنها سلفاً، الدبراتين، والذي يعرف باسم باروكستين من أفضل الأدوية لعلاج الرهاب الاجتماعي، وهو دواء سليم جداً وفاعل وغير إدماني، له أثر جانبي بسيط، وهو أنه بالنسبة للمتزوجين ربما يؤدي إلى تأخير بسيط في الإنزال المنوي، أو القذف المنوي، لكنه لا يؤثر مطلقاً على درجة الذكورية عند الرجل، أو صحته الإنجابية.
يفضل يا أخي أن تبدأ بجرعة 10 مليجرام، أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 20 مليجرام تتناول نصف الحبة لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة أي 20 مليجرام لمدة شهر، وبعد ذلك ارفعها إلى 30 مليجرام، أي حبة ونصف لمدة شهر آخر، ثم اجعلها حبتين يومياً 40 مليجرام، وهذه الجرعة العلاجية المطلوبة، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة شهرين، ثم خفضها إلى حبة واحدة يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء، بهذه الكيفية يا أخي تكون قد تناولت الدواء بصورة علمية وعملية وصحيحة، وإن شاء الله سوف تجد منه فائدة كبيرة جداً.
الدواء له دور ولا شك في ذلك، وحالات الرهاب الاجتماعي هي متعددة الأسباب، ليس هناك سبب واحد نقول أنه قد أدى إلى هذه الحالات، فقد تكون هنالك تجربة سلبية تعرض فيها الإنسان لنوع من الخوف فيما مضى حتى في أيام الطفولة، وقد يكون الإنسان لديه قابلية جينية، وقد تكون الظروف البيئية أيضاً، فإذاً الأسباب متعددة.
ولذا يرى علماء النفس والسلوك أن طرق العلاج يجب أن تكون أيضاً متعددة الأبعاد، والدواء هو أحد الوسائل المهمة في علاج الخوف الاجتماعي، لأنه يعتقد أنه أيضاً مرتبط ببعض التغيرات في كيمياء الدماغ، وطبعاً الجوانب الأخرى هي العلاج السلوكي، العلاج الاجتماعي، والعلاج الإسلامي.
إذاً طرق العلاج أربعة ونقول إن مساهمة كل واحد منها 25 % ليعطينا درجة الشفاء التام، فالدواء مهم، وأعتقد أنه سيكون ذو فائدة عظيمة لك، لأنه ليس فقط من أجل التخفيف، إنما من أجل تفكيك الأعراض أيضاً، لأنه يجعل فيها هشاشة كبيرة من خلال وضع المسارات الكيميائية البيولوجية الدماغية المتمثلة فيما يعرف بالموصلات العصبية، خاصة مادة السيرتونين يضعها في مسارها الصحيح، وطبعاً الدواء قطعاً يمهد بصورة واضحة وجلية في أن تكون التطبيقات السلوكية والاجتماعية سهلة جداً بالنسبة للإنسان.
فيا أخي الكريم: اكتمال الرزمة العلاجية الصحيحة يكون أيضاً بتناول الدواء، وطبعاً الاستمرارية في السلوكيات الإيجابية والحرص على تعديل السلوك مهمة جداً؛ لأنها هي التي تؤدي إلى منع الانتكاسات، بعد الشفاء إن شاء الله تعالى، طبعاً الإنسان سوف يتوقف عن الدواء، وحتى لا ينتكس يجب أن يكون حريصًا جداً على التعديلات السلوكية، ونمط الحياة الإيجابية، بفضل من الله تعالى الأدوية التي توصف لمثل هذه الحالات، ومنها الدواء الذي وصف لك هي أدوية سليمة وفاعلة جداً، وليس لها أي آثار جانبية مخيفة.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.