قلق وتوتر وخوف مستمر.. كيف أهدئ نفسي؟
2023-11-02 00:03:17 | إسلام ويب
السؤال:
أنا فتاة، عمري ٣٠ سنة، أنهيت دراستي الجامعية مؤخراً لظروف معينة، عموماً بحكم رغبتي في إنهاء المقررات الجامعية ضغطت نفسي بشكل كبير بدون إجازات، وأصبحت حياتي تتمحور حول الدراسة وضغوط الاختبارات، وكنت أعاني من توتر بسبب الاختبارات والواجبات، ومشروع التخرج وخلافه، وكنت أتمنى أن يأتي يوم تخرجي وأرتاح من هذا الحمل الثقيل، لكن تفاجأت أنه بعد خروجي من آخر اختبار باستمرار التوتر، وكانت صدمة لي أنني إلى الآن متوترة؟ لماذا؟
لا يوجد مذاكرة، ولا اختبارات ولا غيره! السبب اذاً ليس الجامعة! بعد هذا خططنا للسفر إلى شرق آسيا، وكنت الوحيدة من العائلة غير المتحمسة، وأشعر بخوف مجهول، خلال هذه الفترة حصلت كارثة ليبيا، وزلزال المغرب، وبعدها أخبار عن وجود زلازل للدولة التي سأسافر لها، وكان الوضع متوتراً باستمرار، ولم أستطع أن أستمتع بالسفر، رغم يقيني الداخلي بعدم حصول شيء، لكني أشعر بقلق كبير، إضافة إلى رؤيتي لمشهد الجثث المتحللة في ليبيا، فقد سبب لي صدمة، وأصبح المشهد يتكرر أمامي كثيراً، وأعتقد أن له نسبة كبيرة بتوتري.
يوجد نقطة أريد ذكرها، وهي خوفي على عائلتي، وخوفي من فقدهم، هذه الأفكار لا أستطيع التخلص منها، حاولت جاهدة صياغة الرسالة بشكل واضح، لكن أتمنى أن أكون وفقت في إيصال ولو جزء بسيط.
ما أحاول طلبه هو المساعدة، كيف أستطيع مساعدة نفسي من التوتر والخوف المستمر طوال اليوم منذ استيقاظي، ومعرفة السبب، هل هي الزلازل، أم كارثة ليبيا، أم الدراسة، أم ماذا؟ أحتاج للعودة إلى نفسي، أرجوكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بيان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، والذي من خلاله عبّرت عمَّا يمرُّ في حياتك بشكل دقيق وواضح، ممَّا يدلُّ على استيعاب جيد لهذه الأمور، فأحسنت.
أختي الفاضلة: نعم إن الاختبارات والدراسة الجامعية وخاصة السنة الأخيرة وقُبيل التخرُّج؛ يمكن أن تُسبب الكثير من التوتر والقلق، يتوقع الإنسان أنه بعد انتهاء الامتحانات والتخرُّج أن تهدأ نفسه ويذهب هذا التوتر، إلَّا أننا لا ننسى -أختي الفاضلة- أنك بعد التخرُّج أنتِ مقبلة على سؤالٍ كبير، وهو: وماذا بعد التخرُّج؟ فأنت مقبلة على أمرٍ جديد، سواء كان العمل أو الماجستير أو شيء آخر من التغيير.
بشكل عام: فإن التوتر والقلق ليس فقط يُصيبنا بسبب التحدّيات التي تواجهنا، وإنما أيضًا بسبب التغيُّر الحاصل في حياتنا، فأنت بعد التخرُّج لا شك هناك قضايا متعددة في ذهنك، وإن لم تُدركيها، منها العمل بعد التخرُّج، منها إمكانية الزواج، وأمور أخرى، وهذا ينسجم تمامًا مع ما وصفته بشكل دقيق من توترك وخوفك من المجهول، ومنها ما أصابك وأنتم على وشك السفر لفسحة مع العائلة.
وفوق كل هذا حصل ما آلمنا جميعًا من زلزال المغرب والإعصار والفيضان الذي ضرب ليبيا في مدينة درنة، ولا شك كانت المعاناة صعبة علينا جميعًا، وأنا لي تجربة مباشرة من ذهابي إلى عدة أماكن حصلت فيها الزلازل، حتى ليبيا زرتها في السنة الماضية لوضع استراتيجية لهم للصحة النفسية، ورأيتُ وضعهم، وحتى قبل الإعصار، فكيف هو حالهم بعد الإعصار؟! فرَّج الله عنهم وعن أهلنا في المغرب والمسلمين جميعًا، وها نحن الآن أيضًا نعيش مأساة غزة وفلسطين، فهذا كله يُشعر الكثيرين بالتوتر والقلق والخوف.
لذلك -ابنتي الفاضلة- إذا أردت -وكما طلبت- أن تعودي إلى نفسك كما كنت قبل سنة، فأولاً: أدعوك إلى التخفيف من مشاهدة الأخبار -أخبار الفظائع التي تجري- خففي منها قدر الإمكان، واملئي وقتك بأشياء أخرى تُساعدك على الاسترخاء.
ونقطة هامّة جدًّا، وهي أن ما تشعرين وتمرين به من توتر وقلق بعد الزلازل والفيضان ليس أمرًا غير طبيعي، إنما الأمر غير الطبيعي هو الزلزال والفيضانات، فما تمرين به يُسمى (PTSD) أو (الإجهاد النفسي بعد الصدمات/ Posttraumatic Stress Disorder) عندما يمرُّ الإنسان بموقف صادم، هذه المشاعر هي ردة فعل نفسية طبيعية.
املئي وقتك بأشياء مفيدة، واحرصي على أربعة أمور: المحافظة على الصلاة وتلاوة القرآن، والنشاط الرياضي والتغذية المناسبة، وساعات نوم مناسبة، هذا كله سيُهدئ من توترك وقلقك وخوفك، لتعودي إلى ما كنت عليه من قبل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.