وسواس الموت يلاحقني وينغص علي حياتي

2023-12-03 01:21:29 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب بعمر ٢٢ سنة، منذ ٣ سنوات أصابتني حالة، وهي أني كنت في السكن الجامعي واستيقظت ليلاً، وقمت بالاستحمام بسبب ظروف السكن ونمت، واستيقظت نحو الساعة ٣ ليلاً، وأنا أشعر أن شيئاً دخل بي، ونفسي سينقطع، بعدها صرت أعاني من وجع دائم في الرأس، وأفكار لا أعرف ماهيتها، وفي وقت كورونا وانتشار الوباء، بدأت أفكار الموت تلاحقني وتخيفني، وأتوقع أني سأموت بعد دقائق أو ساعات.

صرت أخاف من الأمراض، وأحياناً أتضايق من القرآن! علماً بأني -الحمد لله- أصلي، ومحافظ على الصلاة، وفي صلاة الجماعة أرتجف عند سماع القرآن أحياناً، فأصبحت لا أذهب للجمعة، وهذا سبب لي سخرية من أصحابي، وبنفس الوقت أنا أتذمر من فعلي.

بعد سنة تعالجت عند طبيب، وصف لي أدوية بالفعل خففت شعور الوساوس، لكني لم أشف تماماً، وفي أول عام ٢٠٢٣م ذهبت إلى طبيب ووصف لي مجموعة من الأدوية، وهي:
setoxin
newfranil
clopam or clinaRil.

بالفعل لقد شفيت تماماً بعد شهر من تناولها، وكان علي مراجعة الطبيب لكني لم أراجع، وقطعت الدواء، ومنذ أسبوعين عادت لي الوساوس بكثرة، وسيطرت علي، وبالأخص التفكير بالموت، ولا أعلم ماذا أفعل، لقد أرهقتني كثيراً، وأحياناً تأتي أفكار لا أعرف ما سببها، كتصور شكل الخالق، أو ما بعد الموت، صرت أرتجف وأتعرق، والمشكلة أن حالات الخوف تأتيني على فترات أكره فيها حياتي، وأشعر أن رأسي سينفجر، أشتغل مع زملائي، وأنا من يدير العمل، وعند تسليم الأموال أفكر بأني سأموت قبل تسليمهم، وشعور الموت يلاحقني دائماً، ولا أعرف ماذا أفعل!

شكراً لكم.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

بالفعل النوبة التي حدثت لك هي نوبة قلق، يتخلله شيء من الهرع والخوف، ووجع الرأس الذي استيقظت به، واستمر بعد ذلك أعتقد أنه ناتج من التوتر العضلي الذي حدث لعضلة فروة الرأس، والتي توترت بعد أن حدث لك التوتر النفسي، والأفكار التي أتتك هي أفكار وسواسية، فالخوف من الموت كانت ظاهرة واضحة جدًّا أثناء جائحة الكورونا، فقد أصاب الكثير من الناس وأصبحوا يوسوسون حول هذا الموضوع.

إذًا كل الأمر متعلق بقلق المخاوف الوسواسي، هذا هو تشخيص حالتك، وأنا أقول لك: حقّر هذه الأفكار تمامًا، أفكار المخاوف، وكن إيجابيًا في أفعالك وفي أفكارك وفي مشاعرك، أنت -الحمد لله- شاب في بداية سن الشباب، وقد حباك الله تعالى بطاقات عظيمة جدًّا، فيجب أن تستغلَّها وتستفيد منها الاستفادة الجيدة.

أفكار الخوف هذه بما أنها أفكار وسواسية كما ذكرتُ لك: تُحقّرها، تتجاهلها، لا تخض فيها، وحين تأتيك الفكرة استبدلها بفكرة أخرى، فكرة جميلة، فكرة مضادة.

هناك أيضًا تمرين نسميه بـ (التنفير) أي أن يُنفّر الإنسان نفسه من هذه الأفكار الوسواسية وأفكار الخوف، وحتى الشعور أنك ستموت شعور كاذب، ولا شك في ذلك، فنفّر مثل هذه الأفكار عن نفسك من خلال أن تقوم مثلاً بالضرب على يدك بقوة وبشدة على سطح صلب، كسطح طاولة حتى تحس بالألم.

الربط ما بين الألم – هذا الذي تُوقعه على نفسك بضرب يدك على سطح الطاولة – والفكرة الوسواسية أو فكرة الخوف سيُضعفها كثيرًا، وبتكرار هذا التمرين لمدة عشرين مرة بمعدل مرتين في اليوم – مرة في الصباح ومرة في المساء – لمدة أسبوع سيفيدك كثيرًا، وبصفة عامة أرجو أن تستفيد من وقتك، وأنت -ما شاء الله- تدير العمل، وأنت تستلم الأموال، فالحمد لله أنت شخص مفيد لنفسك ولغيرك.

شعور الموت هذا شعور كاذب، شعور مرضي، والموت حقيقة، ولا أحد يعرف موعد موته، فلا تشغل نفسك بهذا الموضوع، ويجب أن نخاف من الموت الخوف الشرعي، وليس الخوف المرضي، الموت آتٍ ولا شك في ذلك؛ لأن الله قال: {كل نفسٍ ذائقة الموت}، لكن ينبغي أن يكون الخوف من الموت خوفًا شرعيًّا، بأن (تأخذ مِنْ ‌صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ، تعمل لدنياك كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا، وتعمل لِآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا).

الخوف الشرعي هو الذي يجعلنا حريصين على تجنُّب الذنوب والابتعاد عنها، وتحري الحلال في حياتنا، وأن نعبد الله على حق، وأن نحرص على أداء الفرائض والصلاة على وقتها، وجميع العبادات -يا أخي الكريم- ونكون على قناعة مطلقة أن الآجال بيد الله تعالى، ونسأل الله تعالى أن يختم لنا بخاتمة السعادة، هذا هو المطلوب، وهذه هي الكيفية التي تتعامل بها مع هذا الخوف من الموت.

بالنسبة للدواء: أنا أريد أن أصف لك دواءً تخصُّصيًّا جدًّا؛ فاعلاً جدًّا، يُسمَّى (سيرترالين)، والأدوية التي كتبها لك الطبيب أدوية جيدة، السيرترالين هذا هو الاسم العلمي، وقد تجده تحت مسميات تجارية مختلفة في بلادكم، الجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا– تناول جرعة البداية هذه لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعل الجرعة خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها مائة مليجرام – أي حبتين – يوميًا لمدة شهرين، هذه جرعة وسطية، حيث إن الجرعة الكلية هي 200 مليجرام في اليوم، لكنك لست في حاجة لهذه الجرعة.

استمر على جرعة المائة مليجرام لمدة شهرين، ثم خفضها إلى خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين آخرين، ثم اجعلها نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا التدرُّج في تناول الدواء مهم جدًّا، التدرُّج في البداية والتدرُّج في التوقف عن الدواء، هذه هي الأسس العلمية الصحيحة للتعامل مع هذا الدواء، علمًا بأنه دواء فاعل وسليم وغير إدماني.

أسأل الله أن ينفعك به، وأشكرك كثيرًا على الثقة في إسلام ويب.

www.islamweb.net