بعد وفاة والديّ تأثرت أحوالنا وأخي يمنعنا الميراث، فماذا نفعل؟
2025-02-25 00:43:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من ضعف الحالة المادية؛ مما جعلني أخرج الأبناء من المدرسة؛ لعدم استطاعتي تحمل تكاليفها، وتم نقل الأبناء لمدرسة أقل سعرًا، ولكنها تحوي دروس الموسيقى، كما أنهم يحتفلون بالمولد النبوي، فما رأيكم في ذلك؟
ثم بعد عدة أشهر من ذلك توفيت أمي، ولحقت بأبي، وتركا ميراثًا وافرًا، ولكن أخي يرفض أن يتم تقسيم الميراث، وأنا محتاجة للمال جدًا، ويريد منا أن نحتفل بذكرى وفاة أبي، فما رأيكم؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك – ابنتنا الكريمة – في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نسأل الله تعالى أن يكفيكم بحلاله عن حرامه ويُغنيكم بفضله عمَّن سواه، وأن يُسهّل لكم قضاء الحاجات.
ثانيًا: بالنسبة للدراسة: فينبغي أن تجتهدوا في تحصيل الدراسة النافعة امتثالاً لقول النبي ﷺ: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، وأن يكون تعليم الأطفال بالشيء الذي ينفعهم مع تجنيبهم التعوّد على المحرمات؛ لأن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
فابحثوا عن المدارس التي تُجنّب الأطفال الوقوع في المنكرات، أو عدم تعويدهم على المنكرات بقدر استطاعتكم، فإذا لم تجدوا إلَّا هذه المدارس التي فيها دروس الموسيقى، ولم تجدوا غنىً عنها بأدوات أخرى للتعلُّم -كمساجد أو مدارس أو غير ذلك-؛ فاجتهدوا في تجنُّب الحرام بقدر استطاعتكم، وتجنيب الأطفال وتحذيرهم منه، وسيحفظهم الله -سبحانه وتعالى-، فإن التكاليف الشرعية منوطة ومُعلَّقة بالقدرة والاستطاعة، فالله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، والرسول -صل الله عليه وسلم- يقول: (إذا أمرتكم بأمرٍ فأْتوا منه ما استطعتم)، والنصوص من القرآن والسُّنَّة في هذا المعنى كثيرة جدًّا.
أمَّا الاحتفال بالمولد النبوي بالمدرسة، فهو أمرٌ أيسر من المحرمات المتفق على تحريمها عند العلماء؛ خاصة أنه متعلق بالأطفال الصغار، وحسْبُ الإنسان ألَّا يُشارك في ذلك -إن أمكن-.
وأمَّا عن تقسيم الميراث فنصيحتنا لكم ألَّا تُدخلوا موضوع التديُّن، والسُّنَّة، والبدعة في الحقوق المالية، وينبغي أن تتعاملوا مع أخيكم هذا في حدود الحقوق والواجبات أولاً، وأن لكل صاحب حقٍّ أن يأخذ حقَّه، والدّين يأمرُ بهذا، وينهى عن منع الورثة من حقوقهم، ولا يُلزمهم القيام بمظاهر الاحتفال، أو إقامة المناسبات للتهليل أو لقراءة القرآن على الأموات، أو غير ذلك ممَّا ألِفه الناس، فهذا لا يلزم الورثة، ولا يجوز أخذ مال الورثة، ولا سيما إذا كانوا صِغارًا، وكذلك إذا كانوا كِبارًا غير راضين، ولا يجوز أخذ أموالهم لإقامة مثل هذه الاحتفالات ونحوها للوالدين؛ فالمال انتقل بالموت إلى هؤلاء الورثة، وصار حقًّا خالصًا لهم بحكم الله -سبحانه وتعالى-، فلا يجوز الاعتداء عليه.
هذه الحقيقة الشرعية ليس فيها خلاف بين العلماء، فينبغي إيصالها إلى هذا الأخ بهدوء، بعيدًا عن مسألة السُّنّة والبدعة، واستعمال الأدوات والأشخاص الذين يمكن أن يُؤثروا عليه، وأن يُعرّفوه حكم الله -سبحانه وتعالى-، وبهذا ستتجنّبون كثيرًا من النزاعات والخلافات.
فإن أصرَّ على مخالفتكم في هذا، فإن لكم الحق في أن ترفعوا أمركم إلى القاضي الشرعي ليُعطي كل ذي حقٍّ حقَّه.
نسأل الله تعالى أن ييسّر لكم الخير.