تأخر حمل زوجتي: هل يمكن أن يكون بسبب السحر؟
2025-03-03 02:45:32 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمري 29 سنة، ومتزوج منذ سنتين، ولم يكرمني الله بالذرية حتى الآن، راجعت عدة أطباء وأكدوا أنه لا يوجد أي مشكلة، لكن زوجتي واجهت بعض المشاكل الصحية بعد ذلك، ووصل الأمر بأنها دخلت غرفة العمليات، وأنا صابر وراض بقضاء الله وقدره، وأدعو لها دائمًا.
إلى أن جاء يوم اتصل بي صديقي، وأخبرني بأن أحد أقاربه يريد الجلوس معي، ذهبت والتقيت به، فقال: تأخر الحمل عند زوجتك قد يكون سببه مس أو جن عاشق يمنع الحمل، ثم أمسك بيدي وكتب بعض الأشياء، وسألني عن مكان سكن زوجتي، فأجبته بالمكان، وبعدها أخبرني بأن الأمر قديم؛ بسبب البيت الذي سكنت به زوجتي قبل زواجنا، حيث إنه كان يعتقد أنه موقع أثري، وربما تعرضت هي للأذى منه، وأنني عندما تزوجتها تأثرت بذلك أيضًا، وقال: إن الحل هو أن يأتي إلينا ليقرأ علينا ويطهر البيت، وأن لا تجلس زوجتي عند والدتها.
حينما أخبرت زوجتي بما حدث قالت: إنه مجرد دجل وسحر، رغم أننا نصلي ونقرأ القرآن والرقية الشرعية، لا أدري ماذا أفعل؟ علمًا أنه كانت هناك مشاكل عديدة في بداية زواجنا، وصلت إلى حد الطلاق، لكن الأمور استقامت بعد ذلك، ومع ذلك كلما ذهبت إلى أمها تكلمني وتقول: إنها متعبة، وأمي ترعاني، وأنا لا أدري ما سبب ذلك كله؟
أرجو الرد، وشكرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلًا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الخلفة الصالحة -إن شاء الله تعالى-.
الحق مع زوجتك فما حدث معك، أحد أنواع الدجل، فاحذر أن تدخله بيتك، واحذر أن تطلب ما أحل الله بما حرم الله، واعلم يقينًا أنه لن يقع في ملك الله إلا ما أراده الله عز وجل، كل شيء عند الله بتقدير، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، قال تعالى:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، والمؤمن يعتقد ذلك ويؤمن به في إطار قول الله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، لذا أول ما نوصيك به أن تجمع قلبك على دينك، وأن تثق أن الأمور بيد الله عز وجل، وأن الله قادر على كل شيء، فاستعن بالله أولًا ولا تعجز، ولا تستمع إلى مثل هذا الكلام من الدجل والخرافة.
نؤكد لك كذلك أن العين حق، ولها تأثير عام ويقع -بإذن الله تعالى-، وقد دل على ذلك القرآن والسنة، فمن القرآن ما قاله الله على لسان يعقوب -عليه السلام-: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ}، والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم: خوفًا عليهم من العين، وكذلك قول الله: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ}.
وأما السنة فما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا" [رواه مسلم]، وبالنسبة لك فقد استشرت الأطباء المتخصصين، وأجمعوا أنكما طبيعيان، وهذا ينصرف إلى أمرين:
- إما ما ذكرت من عين أو حسد وهذا علاجه هين.
- وإما تأخير الإنجاب لحكمة يعلمها الله، وقد رأينا ذلك بأعيننا، رأينا من يجلس بالسنوات ثم يرزق الأولاد من غير ترتيب منه، فالأمور مقدرة وليس هناك عيب فيك ولا فيها، بل لم يأذن الله بعد.
اعلم أن علاج العين أو الحسد أو غيرهما أمر هين، فلا تقلق ولا تستعظم ما ألم بك، بل عليك الهدوء، ومن ثم القيام بما ورد في الكتاب والسنة، والمحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية، مع الإيمان والتصديق واليقين بالله عز وجل.
الرقية ثابتة بالكتاب والسنة، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الاسترقاء: بـ "قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقال: لم يتعوذ الناس بمثلهن" [رواه مسلم]، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ اشتكى قرأ على نفسه المعوذتين ونفث، [متفق عليه]، والنفث: النفخ، وتعوذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمعوذتين لما سحره اليهود، وصح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال لمن رقي بالفاتحة: "وما يدريك أنها رقية" [رواه البخاري]، وعليه: فالرقية الشرعية من الكتاب والسنة هي النافعة -بإذن الله-، ونحن ننصحك بما يلي:
أولًا: الرقية بهذا الآيات لكل البيت:
1. الفاتحة.
2- آية الكرسي.
3- الإخلاص.
4- المعوذتين.
5- خواتيم سورة البقرة (آخر آيتين في نهاية السورة).
ثانيًا: قراءة سورة البقرة كل ليلة في البيت، فإن لم تستطع فعلى الأقل سماعها كل ليلة، المهم أن يكون ذلك كل ليلة، ولا بد من الصبر والاستمرار.
ثالثًا: المحافظة على الأذكار والأوراد الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويمكنك الاستعانة بكتاب (حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة).
رابعًا: الرقية على الماء وصبها عليك، فهي نافعة -بإذن الله تعالى-، فقد ذكر ابن القيم أثرًا في ذلك عن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر -بإذن الله-، تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على رأس المسحور، والآيات هي قوله تعالى:
- {فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين} [يونس 81 ].
- وقوله: {فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون} [الأعراف 118 إلى 120].
- وقوله {إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى} [طه 69].
وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- حين سأل عن ذلك: ثبت في سنن أبي داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في ماء في إناء وصبه على المريض، وبهذا يعلم أن التداوي بالقراءة في الماء وصبه على المريض، ليس محذورًا من جهة الشرع إذا كانت القراءة سليمة.
أخي الكريم: إن الرضا بالقضاء والقدر، والإيمان بأن الله أعلم بما يصلح للعبد، والتسليم له سبحانه هو المعين الحقيقي على تجاوز الأمر والقلق منه، والمسلم من دون البشر أمره كله له خير، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له".
كذلك نود منك بالتوازي مع الرضا بالقدر أن تقوم وتصلي ركعتين في جوف الليل، وأن تدعو الله الكريم أن يرزقك الخير، وأن يرزقك الولد، وأكثر من قول: {رب لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين}، فإن الدعاء في جوف الليل مظنة إجابة.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يرزقك الأولاد إنه جواد كريم، والله الموفق.