لم يتقدم لي أحد وأريد أن أتزوج لأعفّ نفسي، فماذا عليّ أن أفعل؟

2025-03-03 03:13:38 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 36 سنة، وغير متزوجة، أصبحت أشعر بتعب ورغبة شديدة في الزواج، لم أرتكب أي ذنب، وأحافظ على نفسي وعلى صلاتي، ولكن وقعت في ذنب وهو الكلام مع شاب على الإنترنت في أمور جنسية، وأشعر بعظم الذنب، وخائفة من عواقب ذلك.

أريد أن أعف نفسي وأتزوج، ماذا عليّ أن أفعل؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يضع في طريقك من يُسعدك وتُسعديه، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الاستمرار على ما أنت عليه، من محافظة على نفسك، وعلى صلاتك وعلى طاعتك لربّك، فإن هذا هو سبب الخير في الدنيا والآخرة.

وتجنبي أي تجاوزات، فللمعاصي شؤمها وثمارها المُرَّة، والإنسان إذا وقع في خطأ عليه أن يتوب ويعود إلى الله تبارك وتعالى، والتوبة المقبولة عند الله تبدأ بالإخلاص له، وبالصدق معه، والتوقف عن الذنب، والندم على ما حصل، وعدم العود إلى الذنب.

وفي مثل هذه الحال أيضًا ننصحك بالتخلص من كل ما كان سببًا للذنب، ابتعدي عن المواقع المشبوهة، ابتعدي عن مواقع التواصل، ابتعدي عن كل ما يُذكّرُك بالمعصية، واحرصي كذلك على أن تُكثري من الحسنات الماحية، فالحسنات يُذهبن السيئات، كما قال رب الأرض والسماوات.

وإحساسك بعظم الذنب دليل على الخير الذي عندك، فعجّلي بالتوبة والرجوع إلى الله، وتجنّبي الوقوع في مثل هذا الخطأ، والمؤمنة لا تُلدغ من الجحر الواحد مرتين.

أمَّا إرادتك بإعفاف النفس فهذا مطلب لك ولكل فتاة ولكل شاب، نسأل الله أن ييسّر على شبابنا وفتياتنا وشباب المسلمين جميعًا، ونحب أن ننبّهك إلى اتخاذ الخطوات التالية:

- الإكثار من الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، فإن الله يقول: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62]، ويقول سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، ويقول سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186].

- الحرص على تقوى الله -عز وجل- في السر وفي العلن، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2-3]، وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4].

- الإكثار من الاستغفار، فإن الله يقول: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا * مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 10-13]، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (‌مَنْ ‌لَزِمَ ‌الاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).

- الإكثار من الصلاة والسلام على النبي المختار، فإن في هذا ذهابًا للهموم ومغفرة الذنوب، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- لمن قال له: (أَجْعَلُ ‌لَكَ ‌صَلَاتِي ‌كُلَّهَا)، يعني الصلاة عليه في دعائه لله تعالى بأن يُكثر الصلاة عليه، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

- الإحسان إلى الآخرين وصلة الرحم من أكبر أسباب الرزق، والزوج رزق، والأولاد رزق، والبسط في العمر رزق، قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ ‌يُبْسَطَ ‌لَهُ ‌فِي ‌رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).

- الإكثار من قول (لا حول ولا قوة إلَّا بالله)، ونداء الله تعالى بقولك: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: 89]، والإكثار من نداء يونس عليه السلام: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]، فإن الله تعالى يقول بعدها: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88].

ومن الأسباب التي نريدك أن تتخذيها: إظهار ما عندك من جمال وخير وأدب بين جمهور النساء؛ لأن النساء من حولك فيهنَّ من تبحث عن فاضلة مثلك لابنها، أو لأخيها، أو لابن أخيها، أو لعمِّها، أو أي محرم من محارمها، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، إذًا الاهتمام بإظهار ما عندك من الخير والجمال بين جمهور النساء، وكذلك ما عندك من ذوق وأدب هذه من الأمور المهمة.

التواصل أيضًا مع الصالحات والداعيات، وطلب المعونة والمساعدة منهنَّ؛ لأن كثيرًا من الشباب والأمهات يعرضن على الداعيات ليكنَّ عونًا لهم في البحث عن الصالحات، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، وطبعًا الأسرة أيضًا ينبغي أن يكون لها دور في هذا، والإنسان عليه أن يفعل الأسباب ثم يتوكل على الكريم الوهاب، ونحن لا ندري متى تكون اللحظة التي فيها السعادة، ولكن الرضا بقضاء الله وقدره وبذل الأسباب هو الذي ينبغي أن نفعله، والقرب من الله تعالى وتقواه هو الذي يجلب لنا الخيرات.

ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.

www.islamweb.net