بسبب ميلي للعزلة أصبحت تأتيني الكثير من الوساوس، فماذا أفعل؟
2024-02-07 23:43:20 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أنا طالب مدرسي، عمري 17 سنة، قبل أربعة أشهر لم أكن ملتزمًا بالصلاة، ولكن -الحمد لله- هداني الله، وبدأت أصلي كل صلاة بوقتها، حتى صلاة الفجر كنت أذكر الله في كل ساعة يوميًا، وكان قلبي يطمئن بذكر الله؛ لأن ظروفي كانت صعبة، ولكني لم أكن أبالي؛ لأن ذكر الله كان يريح قلبي.
أنا شخص أحب الوحدة وأبقى طوال يومي جالسًا بغرفتي، وأشاهد فيديوهات على اليوتيوب، وأنا هكذا حتى منذ صغري، فالوحدة تعطيني نوعًا من الراحة، لكن فجأة أصبحت تأتيني وساوس في الدين والعقيدة، وتكاثرت هذه الأفكار برأسي، فصرت أحس بالضيق، وصرت أشعر أن صدري وقلبي يؤلمانني، لدرجة أني لا أستطيع النوم في الليل، وأصبحت أبكي في معظم الأوقات بسبب الألم الذي في قلبي، ولكني لم أترك الصلاة، ولم أترك ذكر الله، ولكن حياتي أصبحت متعبة، وأحس باكتئاب شديد، وأصبحت أتكاسل في تعليمي؛ لأنه لم يعد لي القدرة البدنية والعقلية على التركيز، لدرجة أن معلمي المدرسة ومربي الصف يشتكون من حالتي، ويشعرون بقلق تجاهي.
أصبحت أعيش فقط لأنتظر موتي، وأصبحت تراودني أفكار أنني سأسلب حياتي، ولكني أستعيذ بالله كلما تأتيني هذه الأفكار، وأبادر بذكر الله والدعاء.
أعلم أنكم لن تستطيعوا أن تعالجوني، ولكني أريد أن أشعر أن أحدًا يتفهم وضعي ويهتم بي، وشكرًا لكم.
ورجاء لكل من يرى هذا، أن يدعو لي بصلاته أن ييسر الله أمري.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونبشرك بأننا لك في منزلة الآباء وموقع المعلّمين المخلصين الحريصين على نجاح أبنائهم، وبإذن الله تعود إلى سيرتك الأولى في المحافظة على الصلاة والصلاح والخير.
ونحب أن نؤكد لك أن الإنسان مدني بطبعه، وأن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، ولذلك من الخير للإنسان أن يكون له صديق وأصدقاء صالحون، يُذكّرونه بالله إذا نسي، ويُعينونه على طاعة الله إن ذكر، فالذئب يأكل من الغنم القاصية، والعدو (الشيطان) أيضًا ينفرد بالشخص الذي يكون بعيداً عن مجموعة الصالحين.
ولذلك نتمنَّى أن تقترب من الناصحين والفضلاء من المربّين، وعليك إهمال هذه الوساوس، فإن علاجها في الإهمال، واعلم أن عدوّنا الشيطان همه أن يُحزن أهل الإيمان، وأن هذا العدو يحزن إذا تبنا، ويندم إذا استغفرنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا.
وقد سعدنا أنك تحافظ على الصلاة والذكر، ولكن عليك بزيادة الأذكار، وكثرة الدعاء، وتلاوة القرآن، وشغل النفس بالمفيد، فإن الإنسان إذا لم يشغل نفسه بالخير والحق شغله الشيطان وشغلته النفس بالباطل.
فاعمل لنفسك برنامجًا فيه تواصل مع أهلك، مع والديك، وفرصة أيضًا للتواصل مع الزملاء الصالحين، خصص وقتًا للدراسة، وقتًا للرياضة، ووقتًا للراحة، هذه كلها أمور تُعينك بإذن الله تبارك وتعالى في الخروج ممَّا أنت فيه.
مسألة الدراسة تحتاج إلى تنظيم وقت، والوساوس التي تأتيك علاجُها الإهمال، ولن تموت كما تريد هذه الوساوس، فالإنسان يموت بأجله، وأنت -ولله الحمد- في ريعان الشباب، ونسأل الله أن يجعلنا وإيَّاك ممَّن طالت أعمارهم وحسنت أعمالهم.
ومهما حاول الناس العلاج والمساعدة، فأنت مَن تملك الدور الأكبر في العلاج، والمرء طبيب نفسه، ولن يستطيع أحد أن يسلبك الحياة، ما دمت مرتبطًا بالله، ما دمت تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم كلَّما جاءتك هذه الأفكار، وعليك أن تنتهي وتتركها.
والوساوس تمضي بالإنسان لمرحلة، تأتيه أفكار كما قال الصحابي: (يا رسول الله تَعْرِضُ لقلوبنا أشياء لأن نَخِرُّ من السماء فتخطفنا الطير، أو تهوي بنا الريح في مكان سحيق، أحبُّ إلينا من أن نتكلم بها)، وقال آخر: (يَا رَسُولَ اللهِ كُنَّا نُحَدِّثُ أَنْفُسَنَا بِالشَّيْءِ لَأَنْ نَكُونَ حُمَمَةً أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهِ)، وقال آخر: (إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ)، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشَّرهم فقال: (وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟)، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: (ذَاكَ صَرِيحُ / مَحْضُ الْإِيمَانِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ أَمْرَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ).
فاحمد الله أن الشيطان لا يستطيع إلَّا أن يُوسوس، والشيطان أيضًا يأتي للحريص، الذي يريد كل عملٍ يكون مائة بالمائة، والأمر في الشريعة مبنيٌ على التيسير، ونسأل الله أن يُعينك على فهم هذا الشرع، ونكرر لك الترحيب في الموقع، ونحن على ثقة أنك بحول الله وقوته، قادر على الخروج ممَّا أنت فيه، والعودة إلى سيرتك الأولى، بل إلى ما هو أحسن منها، واعلم أن (المؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر، خيرٌ من الذي لا يُخالط ولا يصبر).
نسأل الله أن يُعينك على الخير، ونكرر الترحيب بك في الموقع، ونسأل الله أن يُعينك على أن تستقبل حياتك بأملٍ جديدٍ وبثقةٍ في ربنا المجيد سبحانه وتعالى.