الوالد المريض بالزهايمر، مسؤولية الأبناء
2025-03-05 01:19:40 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبي في الفترة الأخيرة أصيب بمرض الزهايمر، وأصبحت سلوكياته مع أمي -بشكل خاص- جدًا عنيفة، عنف لفظي وأحيانًا عنف معنوي، مع اتهامها في عرضها، فاتخذت أمي قرار مغادرة البيت، وتركته وحده، وحاولنا معها ولكن دون جدوى، مع العلم أن علاقتهما كزوجين متوترة قبل مرضه.
والآن يقوم أخي -الذي يسكن معه في نفس العمارة- برعايته، وأنا أحاول أن أذهب في مرات متفرقة لأطمئن عليه، رغم محاولاتي أن أحضره معي للبيت، ولكنه يرفض ذلك، الأمر يدمي قلوبنا، ونريد أن نسأل عن حكم الشرع في هذه المسألة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميساء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في موقع استشارات إسلام ويب.
قد أحسنتم -أيتها البنت الكريمة- حين قمتم بما فرض الله تعالى عليكم تجاه والدكم، فإن رعايته والقيام عليه واجب عليكم، كلٌ بما يقدر عليه، وهذا الواجب موزّع على أبنائه وبناته جميعًا، فمن قدر على ذلك بنفسه، أي بأن يقوم بذلك بنفسه ويقوم بخدمة والده بنفسه، فعل ذلك، ومن لم يقدر لزمه أن يُؤدي من المال ما يُمكن أن يُستأجر به مَن يقوم بهذا الدور بدلاً عنه، كلٌ بحسب استطاعته، وهذا بِرٌّ واجب، وستنالون ثوابه وأجره عند الله سبحانه وتعالى، فإن برَّ الوالدين من أعظم القربات، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الوالد أوسط أبواب الجنة)، يعني أفضل باب يدخل منه الإنسان إلى الجنة.
فاستمروا على ما أنتم عليه من الرعاية والاهتمام بوالدكم، وسيجعل الله سبحانه وتعالى لكم تيسيرًا ومخرجًا، فقد قال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3]، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4].
وأمَّا بشأن أُمّك فإذا كانت تتأذى وتتضرر من البقاء معه في بيته، فإنه لا حرج عليها من الناحية الشرعية في أن تُقرر الانفصال عنه بطلاقٍ أو غيره، فإن الشريعة الإسلامية قائمة على أنه (لا ضرر ولا ضرار)، ولو استطعتم أن تُحسنوا إليها بطريقة نُصحٍ، بأن تحتسب أجرها في القيام على هذا الزوج، والرفق به لحاجته إلى ذلك، وأن هذا من الإحسان الذي ينفعها عند الله سبحانه وتعالى، إذا استطعتم أن تُحسنوا في طريقة نُصح أُمّكم، وتذكروها بهذه المعاني، واستجابت لذلك، فهذا أمرٌ حسن، وإن لم تستجب فليس لكم أبدًا أن تُغضبوها أو تعنّفوها، فإنها أُمُّكم ولها من البر مثل ما لأبيكم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسّر لكم برَّها، بل حقّ الأم يزيد على حق الأب، والحديث مشهور معروف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمن سأله عن أحق الناس بحسن صحبته، قال: (أُمُّك)، قال: ثمَّ مَن؟ قال: (أُمُّك)، قال: ثم مَن؟ قال: (أُمُّك)، قال: ثُمَّ مَن؟ قال: (أبوك)، والعلماء يستدلون بهذا الحديث على أن للأم ثلاثة أضعاف ما للأب من البر، فاحذروا من أن تُسيئوا إلى أُمّكم، أو تقعوا في إغضابها أو عقوقها، ولكن لا مانع -كما قلنا- من أن تُذكروها بفضيلة إحسانها إذا أحسنت إلى هذا الزوج وصبرت عليه.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسّر لكم الخير، ويُعينكم عليه.