وعدتها بالزواج ولم أتمكن، هل يجوز لي الدعاء لها؟

2025-03-05 01:32:55 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

كنت على علاقة مع فتاة أكبر مني سناً، استمرت العلاقة مدة طويلة، تقرب من 13 سنة، ووعدتها بالزواج في حال تيسرت أموري للزواج، ولكن لم تسمح لي الظروف لحد هذا اليوم، وتوفيت الفتاة إثر جلطة، وكنت متعلقاً بها كثيراً، وحاولت الابتعاد عنها بسبب هذه العلاقة الخاطئة، والندم متواصل، ولكن غلبتني عاطفتي من كسر خاطرها، وعلى أمل أن تتيسر أموري وأتزوجها، ولكن كان أمر الله نافذاً وتوفيت.

هل يجوز لي الدعاء بأن يجمعني بها الله في الجنة والزواج منها؟ وهل يمكن الزواج منها بالجنة؟ وهل يجوز لي أن أزور قبرها، وأدعو لها، وأعمل لها صدقات جارية؟ وهل يجوز لي -إن تيسرت أموري- أن أقوم بعمل عمرة أو حج عنها؟ وكيف يمكنني الاستغفار والتوبة لي ولها؟

أرجو الإفادة، وشكراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يُلهمك الصواب، وأن يرزقك التوبة الصادقة النصوح، ونصيحتنا لك - أيها الحبيب - أولاً أن تُسارع إلى التوبة من ذنوبك السابقة، قبل أن يُفاجئك الأجل، ولك في قصة هذه الفتاة عظة وعبرة، والسعيد من وُعظ بغيره، والشقي مَن وعظ بنفسه، هكذا قال سلفنا الصالح رحمهم الله، فاغتنم الأوقات وبادِرْ إلى التوبة، والتوبة تعني الندم على فعل الذنب، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع عنه، ومَن تاب تاب الله عليه، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وأخبر الله في كتابه أنه يُبدّل سيئات التائب حسنات.

اغتنم فضل الله تعالى عليك بالإمهال وتأخيرك، وإمهالك إلى زمنٍ تتمكّن فيه من التوبة، اغتنم هذا الفضل العظيم، واشكر نعمة الله عليك، وسارع بالتوبة، وأحسن ظنَّك بالله.

أمَّا عن الزواج بهذه الفتاة في الجنّة؛ فهذا أمرٌ غيبيٌّ لا نعلمه، ولكن الإنسان إذا دخل الجنّة فإن له فيها ما يرضى وما اشتهت نفسه، كما أخبر الله تعالى في كتابه الكريم: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]، وكما قال سبحانه وتعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت: 31]، وقال سبحانه: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الزخرف: 71].

إذا دخلنا الجنّة فإنا نُعطى فيها ما نشاء ونتمنَّى، ونسأل الله أن يُدخلنا وإيَّاك الجنّة، والسؤال الأهم هو: ما الذي يُؤهلنا لدخول الجنّة؟
فهذا هو الذي نقدر عليه في حياتنا، وهو الاستعداد بالعمل الصالح والتزوّد بالتقوى، فإن الجنة لها سبب، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم عن أهل الجنّة أنهم يُقال لهم: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24]، ويقول: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف: 72].

أحسن عملك، وبادِرْ إلى أداء فرائض الله تعالى عليك، واجتنب ما حرَّم الله، وأحسن ظنَّك بالله، وستصل بعون الله تعالى إلى الجنّة، نسأل الله أن يُوصلنا وإيَّاك إليها.

وأمَّا هل يجوز أن تزور قبر هذه الفتاة وتدعو لها وتعمل لها صدقة جارية؟
فالجواب نعم، يجوز ذلك كله، وإن تيسّرت أمورك وقدرت على حجٍّ أو عمرةٍ عنها، وكنت قد فعلت ذلك عن نفسك، فيجوز أن تحجَّ وتعتمر عنها، ونصيحتنا لك -أيها الحبيب- ألَّا تنسى نفسك من العمل والاستعداد للدار الآخرة، ولو أكثرت من الدعاء لهذه الفتاة والاستغفار لها، فإن هذا ينفعها بعون الله.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير.

www.islamweb.net