أنعم الله علي بحفظ القرآن، فما الوسيلة المناسبة لمراجعته وإتقانه؟
2024-03-19 02:03:17 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة في المرحلة الاعدادية، عمري 16 سنة، أكملت حفظ القرآن -الحمد لله- منذ عدة شهور، 7 شهور وأكثر، ولكني أتخبط في موضوع المراجعة والإتقان، ولم أجد طريقة أو خطة تناسب وقتي ومسؤولياتي ودراستي.
قبل فترة التزمت مع مدرسة للحفظ، وفي كل أسبوع نعيد مراجعة جزء واحد، ما رأيكم هل المقدار قليل؟ أريد استشارتكم لأني سمعت بأن المقدار يجب أن يكون جزآن أو ثلاثة يوميًا، ولكن لدي التزامات أخرى في البيت والمدرسة وغيرها من البرامج.
أنا مدركة تمامًا عظم نعمة حفظ القرآن، ولا أريد تضييعها من بين يدي مطلقًا، وأريدُ استشارتكم في موضوع المراجعة كاملة، وتنسيق ذلك مع الدراسة والمسؤوليات الأخرى.
استفسار آخر حول موضوع التفسير والعمل بالآيات: كيف أبدأ فيه؟ ومن أين؟ وهل يكون ذلكَ خلال فترة المراجعة أم بعدها؟
وجزاكم الله خيرًا، ورضيَ عنكم وأرضاكم، وجمعنا مع الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم- في الفردوس الأعلى.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والإعانة، ونحن سعداء جدًّا بتواصلك معنا، كما أننا سعداء بما أنجزته من حفظ كتاب الله تعالى، ووجود هذا العزم الصادق على إتقان القرآن ودوام المراجعة والتعاهد له، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يُعينك على تحقيق ذلك، ويوفقك لكل خير.
وتعاهد القرآن أمرٌ لا بد منه لتثبيت حفظ القرآن في الصدر، ومن خصائص القرآن أنه سريع التفلُّت والتفصّي من الصدور والذهاب من القلوب، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما: (تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الْإِبِلِ فِي عُقُلِهَا) [هذا لفظ الإمام مسلم].
فالقرآن سريع التفلُّت سريع الذهاب، فحتى يبقى في الصدر لابد من إدمان المراجعة وكثرة القراءة، ومن فضل الله تعالى ورحمته أن هذه المراجعة وهذا التعاهد عبادة في حد ذاته، يُثاب عليه الإنسان، فكلُّ حرفٍ يقرأه يُثاب به عشر حسنات، ولكِ بعد ذلك أن تحسبي كم سيكون للإنسان من الحسنات عندما يُكرر قراءة صفحة واحدة من القرآن، فهذا عملٌ في حد ذاته جليل، وعبادةٌ عظيمة، وثوابٌ مضاعف؛ فهما بذل الإنسان فيه من الأوقات فهو في خير ونعمة وطاعة. ولا تضيقُ أوقاتك خلال اليوم والليلة عن وجود وقتٍ تخصصينه لمراجعة شيءٍ من القرآن، أمَّا أن تراجعي جزءًا واحدًا في الأسبوع فهذا مُقرَّرٌ قليلٌ جدًّا، وقد كَره العلماء أن يختم الإنسان القرآن في أكثر من أربعين يومًا، وأمَّا الحافظ فينبغي أن يختمه في أقلّ من ذلك، حتى يُحافظ على حفظه.
ولهذا ننصحك بأن تُخصصي وقتين خلال يومك، ولو كانت أوقاتًا قليلة، وتغتنمي أوقات الفراغ بقدر الاستطاعة، واستعيني بترتيب أعمالك وترتيب أوقاتك، واستغلال أوقات الفراغ، والتقليل من الاشتغال بالأشياء المباحة التي لا داعي لها.
وفي بداية الأمر سيكون الأمر شاقًّا عليك بعض الشيء، ولكن إذا تجاوزت هذه المرحلة فإنك ستشعرين بالراحة، مع تحصيل المقصود العظيم وهو إتقان القرآن وضبطه، فخصِّصي جزءًا من اليوم، أو جزءًا من الوقت لضبط مقدار مُعيَّن من القرآن، ربع جزء أو نصف جزء، أو أقل أو أكثر، بقدر استطاعتك، وخصِّصي جزءًا آخر من اليوم لمراجعة وتعاهد هذا الذي ضبطته، فإذا ضبطت شيئًا من القرآن فإن تعاهده بعد ذلك يُصبح سهلًا يسيرًا.
وحاولي أن تقرئي بالطريقة السريعة -طريقة الحدر-، ليس بالضرورة أن تكون قراءتك دائمًا بالترتيب الكامل، فاعتمدي هذه الطريقة في القراءة السريعة، وستجدين نفسك -بإذن الله تعالى- تُنجزين كلَّ يوم، وتحافظين على هذا الإنجاز في الوقت نفسه، نسأل الله تعالى أن ييسّر لك ذلك.
واستعيني أيضًا بمن يُعينك على الحفظ والمراجعة من الزميلات أو المُدرِّسات أو غير ذلك، فإن الصاحب في هذا النوع من العبادات يُفيد بلا شك، وقد أرشدنا القرآن إلى ذلك في مواضع.
وأمَّا عن السؤال حول العمل بالقرآن، فإن العمل بالقرآن يعني: العمل بالشريعة، فتؤدّين الفرائض التي فرضها الله تعالى عليك، وتجتنبين المحرمات التي حرّمها الله تعالى عليك، وتتقرّبين إلى الله بما تستطيعين من نوافل الأعمال، فهذا هو العمل بالقرآن، والتدبُّر لآياته، والاتعاظ بمواعظه، والتصديق بأخباره، والانتفاع بقصصه ... كلها ستكون أثناء التلاوة.
نسأل الله تعالى أن ييسّر لك الخير.