أشعر بالذنب لقلة خشوعي في الصلاة، فماذا أفعل؟

2025-03-06 01:26:36 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب عمري 22 سنة، مشكلتي هي أني لا أستطيع الخشوع في الصلاة مهما حاولت، دائمًا أجد نفسي في الركعة الأخيرة، وأحيانًا أصر على التركيز، لكن في منتصف الركعة أسرح بعيدًا.

أنا لا أستطيع التركيز عمومًا، حتى في الأشياء المعتادة، مثل القيادة والدراسة، وتعايشت مع الموضوع، لكن في الصلاة أشعر بالذنب كثيرًا، وأشعر بأن صلاتي غير مقبولة؛ لأني كثيرًا ما أشك في أركان الصلاة، مثل الجلوس بين السجدتين، فأضطر أن أعيد الركعة، وأحيانًا أنسى سجود السهو.

أنا غير متزوج، ولا أستطيع؛ لأني طالب، ولكن الشهوة تباغتني كثيرًا، وأمارس العادة السرية لتخفيف ما أشعر به، أعتقد بأن كثرة الشهوة سبب في عدم قبول الله لصلاتي؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)، فأشعر بعدم القبول، ولا أعرف ماذا أفعل؟

وقفنا الله وإياكم، وأعانكم لفعل الخير، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ م حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:

سؤالك -أخي- ينم عن قلب صالح، يريد الخير لنفسه، ويطلب مرضاة الله -عز وجل-، ولكنه لم يعرف الطريق إلى ذلك، وهذا مؤشر جيد على الوصول إن علمت الطريقة، وصبرت عليها، واستعنت بالله -عز وجل-.

أخي: لا شك أن العادة السرية -بل والمعصية بصفة عامة- أحد الأسباب الصارفة عن الخشوع، لذا عليك بالابتعاد عن المعاصي، وقد أجبنا عليك في استشارة ماضية عن العادة وكيفية التخلص منها، ونحن هنا نكتب لك الطريق إلى الخشوع في الصلاة، وثق أنك متى ما سرت في الطريقين، نعني الابتعاد عن المعاصي، -وخاصة العادة السرية-، مع الأخذ بتلك النصائح، فإن خيرًا كثيرًا ستجده في قابل أيامك -إن شاء الله تعالى-.

أخي الكريم: إن أسباب الخشوع قد تحدث أهل العلم فيها، ونحن نلخص لك أهمها:

1- الاستعداد للصلاة والتهيؤ لها: ويحصل ذلك بأمور منها: الترديد مع المؤذن، والإتيان بالدعاء المشروع بعده، والدعاء بين الأذان والإقامة، وإحسان الوضوء، والتسمية قبله، والذكر والدعاء بعده، والاعتناء بالسواك، وأخذ الزينة باللباس الحسن النظيف، والتبكير، والمشي إلى المسجد بسكينة ووقار، وانتظار الصلاة، وكذلك تسوية الصفوف والتراص فيها.

2- الطمأنينة في الصلاة: فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم-، يطمئن حتى يرجع كل عظم إلى موضعه.

3- تدبر الآيات المقروءة، وبقية أذكار الصلاة، والتفاعل معها: ولا يحصل التدبر إلا بالعلم بمعنى ما تقرأ، وهنا تقدر على التفكر، فيتأثر القلب، قال الله تعالى: {والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صمًاً وعمياناً} [الفرقان:73].

مما يعين على التدبر التفاعل مع الآيات بالتسبيح عند المرور بآيات التسبيح، والتعوذ عند المرور بآيات التعوذ...وهكذا، ومن التجاوب مع الآيات التأمين بعد الفاتحة، وفيه أجر عظيم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) [رواه البخاري]، وكذلك التجاوب مع الإمام في قوله سمع الله لمن حمده، فيقول المأموم: ربنا ولك الحمد، وفيه أجر عظيم أيضًا.

4- القراءة الجيدة: آية آية: فذلك أدعى للفهم والتدبر، وهي سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكانت قراءته مفسرة حرفًا حرفًا.

5- استشعار إجابة الله لك في صلاتك، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (قال الله -عز وجل- قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين، قال الله: مجدني عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل).

6- الصلاة إلى سترة والدنو منها: فإن لذلك فوائد منها: كف البصر عما وراءها، ومنع من يجتاز بقربه، ومنع الشيطان من المرور، أو التعرض لإفساد الصلاة، قال -عليه الصلاة والسلام-: (إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها حتى لا يقطع الشيطان عليه صلاته).

7- النظر إلى موضع السجود: لما ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى طأطأ رأسه ورمى ببصره نحو الأرض، أما إذا جلس للتشهد فإنه ينظر إلى أصبعه المشيرة وهو يحركها -كما صح عنه-.

8- تحريك السبابة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لهي أشد على الشيطان من الحديد)، والإشارة بالسبابة تذكر العبد بوحدانية الله تعالى، والإخلاص في العبادة، وهذا أعظم شيء يكرهه الشيطان، نعوذ بالله منه.

9- التنويع في السور والآيات والأذكار والأدعية في الصلاة: وهذا يشعر المصلي بتجدد المعاني، ويفيده ورود المضامين المتعددة للآيات والأذكار، فالتنويع من السنة، وأكمل في الخشوع.

10- الاستعاذة بالله من الشيطان: فالشيطان عدو لنا، ومن عداوته قيامه بالوسوسة للمصلي كي يذهب خشوعه ويلبس عليه صلاته، لذا ينبغي للعبد أن يثبت ويصبر، ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان: {إن كيد الشيطان كان ضعيفاً}.

11- القراءة والتأمل في حال السلف في صلاتهم: فقد كان علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إذا حضرت الصلاة يتزلزل، ويتلون وجهه، فقيل له: ما لك؟ فيقول: جاء -والله- وقت أمانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملتها! وكان سعيد التنوخي إذا صلى لم تنقطع الدموع من خديه على لحيته.

12- معرفة مزايا الخشوع في الصلاة: ومنها قوله: (ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله).

13- الاجتهاد بالدعاء في مواضعه في الصلاة، وخصوصاً في السجود: قال تعالى: {ادعوا ربكم تضرعاً وخفيةً}، وقال نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء).

14- الأذكار الواردة بعد الصلاة: فإنه مما يعين على تثبيت أثر الخشوع في القلب، وما حصل من بركة الصلاة.

15- إزالة ما يشغلك في المكان: عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان قرام (ستر فيه نقش وقيل ثوب ملون) لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال لها النبي: (أميطي -أزيلي- عني، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي).

16- أن يتجنب الصلاة وبحضرته ما يشغله، كالطعام أو غيره، أو حاجته لدخول الحمام، وتحامله على نفسه، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان)، فهذه المدافعة بلا ريب تذهب بالخشوع، ويشمل هذا الحكم أيضًا مدافعة الريح.

17- ترك الالتفات في الصلاة: لحديث أبي ذر -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يزال الله -عز وجل- مقبلاً على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه)، وقد سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الالتفات في الصلاة فقال -صلى الله عليه وسلم-: (اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد).

18- عدم رفع البصر إلى السماء: وقد ورد النهي عن ذلك والوعيد على فعله في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يرفع بصره إلى السماء).

هذا كله مع الدعاء والمراقبة مفضٍ بأمر الله مع الصبر إلى الخشوع.

نسأل الله أن يوفقك، وأن يسعدك، وأن يثبتك على الحق، والله الموفق.

www.islamweb.net