مديرة لا تثق بقوة شخصيتها.. فهل من نصيحة؟
2006-06-19 10:16:20 | إسلام ويب
السؤال:
منذ مدة وأنا أعاني من بعض الأمراض، وعندما أذهب إلى الطبيب يقول لي أنك سليمة، أنا أعاني من آلام شديدة في المفاصل، ولا أستطيع الحركة بسهولة، علما بأنني انتقلت إلى عمل جديد ذي مسؤوليات كثيرة (مديرة) وهذا لا يتناسب مع طبيعة شخصيتي (الضعيفة).
أضطر في عملي إلى مجاملة الجميع؛ حتى أظهر بمظهر يتناسب مع طبيعة عملي! لأني أكره المسئولية منذ الصغر، وهناك سبب آخر ورئيس: حيث إنني ذات شخصية طيبة جداً ولينة، وتزوجت من رجل هو وأهله من أحفاد فرعون (كناية عن القوة الشديدة والجبروت).
إنني لم أخالط مثل هذه الشخصيات طوال حياتي، وتحملتهم 15 سنة وأنا أضغط على أعصابي، وليس تحملي لهم كان بمقابلتهم فقط، بل كنت أعاملهم معاملة رائعة.
أرجو إفادتي؛ لأني أعاني من هذه الآلام التي لا سبب لها عند الطبيب.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ حصة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا شك أيتها الأخت الفاضلة أن الناس تختلف في أنماط شخصياتها، هنالك من يشعر بالقوة والكينونة في ذاته، وهنالك من يشعر بالضعف، وهنالك من هو حساس، وهنالك من هو مندفع، وهنالك من هو اعتمادي، ويوجد الذين لديهم السمات الوسواسية، ويوجد الذين لديهم الشكوك.. وهكذا، إذن هذه سمات أو أوصاف الشخصية، وهي لا تعتبر مرضاً أبداً، هذا هو الذي أود أن أؤكده لك.
لا شك أن عدم التواؤم بين شخصيتك وشخصية زوجك، ربما يسبب نوعا من الصعوبات، أنتِ تشعرين بأنه قوي، وربما هو يشعر بأنك ضعيفة، ولكن على الناس أن يقبلوا هذا الواقع ويحاولوا التقرب إلى بعضهم البعض، ويحاول الناس دائماً أن يؤازروا بعضهم البعض فيما اتفقوا فيه، ويعذر بعضهم البعض فيما اختلفوا فيه.
أنتِ -الحمد لله- متزوجة لمدة خمسة عشر عاماً، وهذا وقت كافٍ جدّاً لأن تتواءمي مع طبيعة زوجك وأهله، ولكن أرجو أن تكوني أيضاً متجردة جدّاً؛ فكثيراً ما نبالغ في أحكامنا على الآخرين، وحتى على أنفسنا، هذا أمر ضروري جدّاً، وأنا متفهم أنك واعية به.
بالنسبة لعدم ثقتك في القيام بدورك كمديرة، أو أنك طيبة أو مرنة، الناس تتفاوت في مناهجها الإدارية.
أولاً: لقد أنعم الله عليك بهذا المنصب، وإن لم تكوني جديرة به أنا على ثقة كاملة بأنه لا يمكنك الحصول عليه، إذن هذه نعمة كبيرة.
أحد فنون الإدارة هو أن أطبق النظام وأطبق اللوائح وأعلن ذلك للناس، وأطبقها مجردة، ودائماً حين يسعى الإنسان لتطبيق اللوائح لن تقع عليه ملامة من الجادين في العمل، وسوف يريح ضميره تماماً، المجاملات تأتي، والفضل بين الناس موجود ولابد أن يوجد – أيتها الأخت الفاضلة – ولكن تطبيق اللوائح بقدر المستطاع هو أمر يريح الإنسان، ويجعله لا يحاسب نفسه كثيراً، ولا يرمي على نفسه أخطاء لم يرتكبها، أرجو أن تنتهجي هذا المنهج.
ثانياً: يمكنك أن تتخذي بِطَانة أو مساعدة لك، تكون ذات منهج إداري يختلف عن منهجك، وهنا يكمل بعضكم البعض، هذا أيضاً منهج طيب.
فقط الذي أوصي به وأرجوه ألا تقللي من قيمة نفسك، ولا تتركي لهذه المشاعر السلبية بأنك ضعيفة، لا تتركي لهذه المشاعر مجالاً، أنتِ قوية إن شاء الله وتتمتعين بالكفاءة والمقدرة، وإذا لم يكن كذلك لما توليت هذا المنصب.
بالنسبة للآلام التي تأتيك في المفاصل؛ بعد أن تأكد أنك سليمة من الناحية العضوية - والحمد لله على ذلك – هنالك ما يعرف بالمطابِقات العضوية للحالات النفسية، أي أن بعض الأعراض العضوية يمكن أن تفسر نفسياً، ومن أكثر الأمراض النفسية التي قد تتأتى في صورة عضوية هو الاكتئاب النفسي، 40% من الذين يعانون من آلام في الظهر هم من المكتئبين، 25% من الذين يعانون من آلام في المفاصل يكون مردها لنوع من الاكتئاب أو عسر في المزاج، 60% مما يعرف بمرضى القولون العصبي هم حقيقة من القلقين والمكتئبين.
وبفضل الله تعالى اتضح أن الإنسان حين يأخذ الأدوية المضادة للاكتئاب فإنه يستفيد كثيراً؛ خاصة أن هذه الأدوية – الحمد لله – الآن متوفرة وهي سليمة جدّاً ولا تأتي بأي ضرر إن شاء الله.
وعليه أرجو أن تقومي بما يعرف بالمحاولة أو التجربة العلاجية، وهي تجربة ليست قائمة على التخبط، إنما هي قائمة أيضاً على العلمية، كما ذكرت لك سابقاً.
أيتها الأخت الفاضلة: أرجو أن تبدئي في تناول العقار الذي يعرف باسم بروزاك، تناوليه بجرعة بسيطة وهي كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة هي 20 مليجراماً، ويفضل أن تتناوليه بعد تناول الطعام؛ حيث أن البروزاك ربما يسبب سوءا بسيطاً في الهضم لبعض الناس في الأيام الأولى للعلاج، استمري عليه لمدة ستة أشهر بمعدل كبسولة واحدة في اليوم كما ذكرت، وبعد ذلك خفضي الجرعة إلى كبسولة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عنه.
نصيحة أخرى لك يا أختي، هي أن تمارسي أي نوع من الرياضة، ومن أفضلها المشي، المشي يؤدي إلى إزالة هذه الآلام، ورفع الصحة النفسية والجسدية، ويعطي الإنسان الثقة بنفسه، كثير من الدراسات أثبتت الآن أن الرياضة تؤدي إلى إفرازات كيميائية داخلية يحتاج لها الإنسان في صحته النفسية، أرجو أن تحاولي ذلك.
إذن: هذه الوصفة الشاملة التي وصفناها لك من علاجٍ سلوكي، وإرشاد نفسي، وعلاج دوائي، وممارسة للرياضة، وإعادة تقييم الذات بصورة إيجابية، إن شاء الله سوف يكون فيها لك نفع كبير.
وبالله التوفيق.