بناء الشخصية الوهمية في الخيال، ومحاكاتها مع المواقف الحياتية
2025-03-12 02:03:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي مشكلة نفسية، لكني لم أتمكن من تحديد ماهيتها إلى الآن، منذ صغري كنت أتخيل شخصية وهمية في ذهني، لكنني لم أتعامل معها، فأنا أتخيلها فقط، هذه الشخصية أقوم بالإسقاط عليها، ومحاكاة المواقف التي أتخيلها، على سبيل المثال: إذا كنت في مكان تقام فيه مباراة كرة قدم، أتخيل أن هذا الشخص لاعب ماهر وجيد، مثال آخر: إذا كان هناك شخصان يتحدثان عن وظيفة معينة، أتخيل أنه يعمل في تلك الوظيفة، وهذا يتكرر مع كل موقف، لكن في الوقت نفسه تبقى مجرد أفكار، فلم أتعامل وأتحدث مع الناس على أني هذه الشخصية.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك دوام الصحة والعافية.
ابننا العزيز: كما تعلم أن هنالك وظائف معرفية للدماغ، من ضمنها الخيال أو التخيًّل؛ فالإنسان يُطلق العنان لتخيُّل شخصيات بطولية، تكون في البداية كأحلام اليقظة، وهي تعبير عن مكونات نفسه، ربما لأشياء لم يستطع تحقيقها لواقعه المعاش، أو ربما يتمنَّى أن يحققها في المستقبل، فقد يرسم لنفسه شخصية بطولية، تتفوّق بمهارات معينة أو محددة، وتصير محط أنظار الآخرين، وذلك باجتياز العقبات التي تواجهه، كما يعرض في بعض الأفلام الخيالية.
وهنا لا بد أن نفرّق بين التصور الحقيقي الذي يضعه الشخص لإنجاز مهمّةٍ معيَّنةٍ، وما يتبع ذلك من خطط علمية تُساعد في تحقيق الغاية المرجوة، كتصور الطالب أن يمتهن مهنة معينة في المستقبل، فيقوم بجمع الوسائل التي تساعده في تحقيق ذلك، فهذا هو التفكير الإيجابي الطبيعي، ونفرّق بين الشخص الذي يتخيل بأنه قام بما هو مطلوب منه؛ دون السعي الجاد منه للوصول لمبتغاه، فيعيش على أوهام ويبني على ذلك كل آماله؛ فهذا هو التفكير الذي ينبغي الابتعاد عنه.
فينبغي عليك عدم تقمُّص أدوار الآخرين، فأنت مختلف عنهم في القدرات والمهارات والإمكانيات، بل نرجو منك تقييم ما لديك من إيجابيات أو قدرات أو مهارات، أو إمكانيات حباك الله بها، وينبغي تنميتها، وتسخيرها في تحقيق أهدافك الحياتية، فكلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلق له.
فللتخلص من ذلك لا بد من الاعتراف بالواقع، والعيش مع متطلبات الواقع، ولا مانع من إجراء بعض الاختبارات النفسية، لاكتشاف قدراتك وميولك الحقيقية؛ فهذا سيُساعدك كثيرًا، ويختصر لك الطريق، بل يضعك في المكان المناسب -إن شاء الله-، حتى ترسم لنفسك مستقبلًا زاهرًا، مبنيًّا على متطلبات الواقع -بإذن الله سبحانه وتعالى- ولا تنزعج، بل حاول أن تحوّل مثل هذه الخيالات أو هذا التخيُّل، إلى واقع ملموس.
والله الموفق.