شكلي يوحي بصغر سني ولذلك يستصغرني الناس، فما الحل؟

2024-05-19 00:19:41 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب نشأت في ظروف اجتماعية صعبة؛ حيث تدهورت نفسيتي، وعمري الآن 28 سنة، ووزني 55 كيلوجرام، وطولي 181 سم، وأعاني من شكلي، حيث أظهر كأني أصغر من عمري، ولحيتي خفيفة جدًّا، بحيث إذا بدأت في عملٍ جديد أتعرض للتهميش من الزملاء، وعدم التقدير منهم، وهذا الشيء يؤذيني دائمًا.

جربت كل شيء، عملت تحليل (TSH) وكان التحليل عادياً، ومارست الرياضة إلَّا أني لم أتغير بتاتًا، والمشكلة أني أينما أذهبُ أعامل بنفس المعاملة دون أن أفعل أي شيء وهذا عقَّدني كثيرًا، وصرت لا أتحمل، ومع مرور الوقت أظهر وكأن عمري 20 سنة، وأني ضعيف البنية.

أجدني أحارب دومًا لفرض نفسي لكن دون جدوى، وأنا شخصيتي حساسة جدًّا، حتى في بيتنا أُعَامل معاملة المراهق بعمر 17 سنة، ومهما فعلت أبقى في نظرهم ذلك الصغير.

أتمنى أن يتم نصحي؛ ماذا أفعل حتى أظهر في مثل عمري؟ لأنه لو استمر هذا الأمر أكثر من ذلك -وأنا على أبواب 30 سنة- فإن نفسيتي ستدمر، خصوصًا وأنا مقبل على أمور مستقبلية -إن شاء الله- مثل: الزواج، وتكوين الأسرة.

بارك الله بكم.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أكرم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولًا: نحب أن نذكّرك بأن ربنا العظيم لا ينظر إلى صورنا، ولا إلى أجسادنا، ولا إلى أموالنا، ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، فعمّر قلبك بتوحيد الله، وأخلص في عملك لله، واتبع رسول الله، وأبشر بعد ذلك بالرفعة والمحبة، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: 96]، محبةً في قلوب الخلق، ويأمرُ الله جبريل أن يُنادي في السماء (إن الله يُحبُّ فلانًا فأحبُّوه) فيُحبُّه أهل السماء، ثم يُلقى له القبول في الأرض.

ثانيًا: أرجو أن تعلم أن الإنسان يُثبت نفسه بل يفرض نفسه بما عنده من عطاءٍ وإنجاز، فقم بما عليك أولًا تجاه ربّك، وأحسن إلى الناس، وأتقن العمل الذي تريد أن تتقدّم له، واجتهد في اكتساب خبرات ومهارات، واعلم أن الناس عند ذلك سيعترفون بك عندما تقدَّم هذه الإنجازات، ومقدار كل امرئٍ ما كان يُحسنه، والجاهلون لأهل العلم أعداء.

ثالثًا: أرجو ألَّا تنزعج من الشكل، أو من كونك تظهر أصغر من سِنّك، فإن العبرة ليس بعمر الإنسان، وقد كان ابن عباس - رضي الله عنه - يشترك مع أهل الشورى من كبار الصحابة في العمر -الصحابة الذين شهدوا بدراً- لأن الله قد رفع قدره بالعلم.

وإذا كنت أيضًا في البيت ويعاملك الأهل على أنك صغير؛ فهناك طُرفة تقول: (لا يزال الرجل طفلًا ما دامت أُمُّه حيّة، فإذا ماتت أُمُّه أصبح رجلًا). نحن الآن في أعمار كبيرة والأم ترى أنك لا تزال طفلًا، لا تزال صغيرًا، فأرجو ألَّا يأخذ الأمر أكبر من حجمه.

ونوصيك بالدعاء، ونوصيك بالاهتمام بمهاراتك الحياتية والعلمية والوظيفية، ونوصيك أيضًا بأن تستفيد من الذين سبقوك إلى ميدان العمل، ونتمنّى أيضًا ألَّا تتأثّر بكلام الناس، فإن رضاهم غاية لا تُدرك، الطويل لا يسلم منهم، والقصير لا يسلم، والنحيف لا يسلم منهم، والبدين لا يسلم كذلك، ولذلك مَن تابع الناس أتعبته الهموم، أو مات همًّا كما قيل.

فاجعل همّك أن تُطيع ربك، وتبرَّ والديك، وتنجح في حياتك، وأكثر من ذكر الله تبارك وتعالى، واعلم أن أصحاب النبي (ﷺ) لمَّا ضحكوا من دقّة ساقي ابن مسعود، وقد صعد نخلة أمامهم، قال النبي (ﷺ): (إنهما عند الله أثقل من جبل أحد). فالميزان كما قال ربنا العظيم: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ} لم يقل الطويل، أو صاحب المال، أو كذا، إنما قال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].

ولأن هذه الأشياء منح من الله، فالإنسان لم يُشاور في شكله: طويلًا، أو قصيرًا، أو نحيفًا، أو كذا، ولكن نعم الله مُوزّعة علينا، فقد تجد الإنسان له هندام جميل لكن عقله صغير، وتجد إنساناً عنده نقص لكن عنده كمال في العقل، عنده غزارة في المال، عنده توفيق في الحياة ... نعم الله مقسّمة، فنسأل الله أن يجعلنا وإيَّاك ممَّن إذا ابتُلي صبر، وإذا أُعطي شكر، وإذا أذنب استغفر.

_______________________
انتهت إجابة الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي، مستشار تربوي
وتليها إجابة الدكتور/ عطية إبراهيم محمد، استشاري طب عام وجراحة وأطفال
________________________

بالنسبة لمعدل كتلة جسمك فإنه يساوي 16.7 وهو معدل نحافة بالنسبة إلى طولك - ما شاء الله تبارك الرحمن -؛ حيث إن طولك أكثر من المتوسط بالنسبة لأقرانك، وكون أن وظائف الغدة الدرقية طبيعية؛ فمن السهل إذاً تناول وجبات أكثر من حاجتك اليومية مثل: عدة وجبات خفيفة ومتكررة، إذا كانت الشهية للطعام أقل من المعتاد.

على أن يكون البروتين الحيواني والنباتي والدهون الحيوانية - مثل: الزبدة والفواكه، وعلى رأسها التمر والعنب والتين - جزءاً أساسياً في الوجبات لكي يصل وزنك إلى ما بين 60 إلى 65 كجم، وهذا الهدف يمكن تحقيقه في عدة شهور، مع أهمية ضبط مستوى فيتامين (D) وفيتامين (B12)، والتأكد من أن فحص صورة الدم طبيعي، ولا يوجد فقر دم. ولا مانع أيضًا من فحص هرمون الذكورة (Total testosterone)؛ للتأكد من سلامة الهرمونات، وعرض النتيجة على الطبيب المعالج.

والنقطة الطبية الأخرى هي: اكتساب المزيد من الثقة بالنفس؛ ولذلك يجب أن تعلو نفسك على النقد، وأن تثبت للآخرين أنك لا تقل فهمًا ولا ذكاءً، ولا قدرة على إنجاز الأعمال، بل أفضل منهم حينما تتاح لك الفرصة، مع ضرورة تغيير نظرتهم عن ذلك الرجل الطويل النحيف الذي لا يحسن العمل، إلى ذلك الرجل الواثق من نفسه.

وتأثير هؤلاء المحيطين يُسمى بالانعكاس السلبي؛ حيث يؤثر النقد اللاذع، والتنمُّر على الصحة النفسية والعاطفية للأفراد، مثل: زيادة مستويات التوتر والقلق والاكتئاب؛ كما يمكن أن يؤدي الانعكاس السلبي إلى تدهور العلاقات الاجتماعية والتواصل، وتقليل الثقة بين الناس.

بالإضافة إلى ذلك: يمكن أن يؤثر الانعكاس السلبي على الأداء العام، والإنتاجية في العمل والتعليم، فقد يشعر الفرد بالإحباط والتشاؤم، وقد ينخفض مستوى الدافعية والتحفيز لديه، كما يمكن أن يسبب الانعكاس السلبي أيضًا تأثيرات سلبية على الصحة البدنية، مثل: زيادة مستويات التوتر، والإجهاد الجسدي.

وللتعامل مع النقد السلبي بشكل صحيح وبنَّاء، من المهم أولًا: أن تتذكَّر أن النقد ليس بالضرورة انتقادًا لشخصك، بل يمكن أن يكون فرصة للتحسين والنمو، ويمكنك أن تعيد التفكير في النقد والملاحظات، وتأخذ النقد الإيجابي بعين الاعتبار لتحسين نفسك أو عملك.

مع محاولة تحويل النقد إلى فرصة للتطوير والتعلُّم؛ لذلك يجب أن تستمع بعناية للنقد، مع استخلاص النقاط الإيجابية منها، وتحسين نقاط الضعف التي يشير إليها الآخرون، فقد يكون النقد فرصة لتطوير مهاراتك، وتحقيق تقدم في الحياة.

وعلى سبيل المثال: إذا كان النقد والتنمُّر خاصاً بوزنك من حيث النحافة؛ فيمكنك - كما ذكرنا - العمل على زيادة الوزن من خلال زيادة عدد الوجبات كمًّا وكيفًا، وسوف ينعكس ذلك على الجهد والأداء في العمل.

وإذا كان النقد والتنمُّر يعود إلى المجهود البدني في إنجاز العمل؛ فعليك بتنظيم وقتك، وأخذ قسط كافٍ من النوم ليلًا لتوفير الجهد والطاقة إلى وقت العمل، وإذا كان الأمر مرتبطاً بنوعية وكيفية العمل فلا بأس من البحث والتدريب في مجال عملك، واكتساب الخبرات.

والنصيحة المهمة جدًّا: يجب أن تكون علاقتك مع الله في أحسن حال بإتيان ما أمر الله به من فرائض، وتلاوة ورد من القرآن، والتزام الأذكار في الصباح والمساء، والتزام الاستغفار، والبعد عمَّا نهى الله عنه، لتكون راضيًا عن نفسك، وليرضى الله عنك.

وفقك الله لما فيه الخير.

www.islamweb.net