أحب شخصاً وأريد الزواج به لكن أهلي رفضوه، فما الحل؟
2024-05-16 03:28:14 | إسلام ويب
السؤال:
أنا فتاة بعمر ١٦ سنة، أحببت شخصاً ذا خلق ودين، ولكن أهلي يرفضونه بسبب أني صغيرة، ولكن قبل ذلك تقدم لي أشخاص وقبلوا بهم!
الآن أنا موافقة على زواجي من الذي أحبه، ولكن أهلي يرفضون، هل لهم حق في ذلك؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ هديل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه.
قد ذكرت أنك في السادسة عشرة من عمرك، وهذا سن مبكر فيه الحديث عن الحب، أو التقرير بأن هذا أفضل لك أم لا، فأنت -يا ابنتي- لا زلت صغيرة جداً على معرفة بواطن الأمور، ومن يصلح ومن لا يصلح.
حدثينا كيف علمت أنك تحبين رجلاً صاحب دين وخلق، وأنت لم تحدثيه؟ كيف تعرفين صدق مشاعرك تجاهه وأنت لم تخبريه؟ إلا إذا كنت تتواصلين معه من وراء أهلك، وهذا أمر محرم، وعاقبته إلى وبال، بل اعلمي أن الرجل إذا حدث فتاة من وراء أهلها فالغالب أنه لن يتزوجها لأنها عنده خائنة، والقليل من يتزوج ممن حدثها قبل الزواج، ولكن تصلني رسائل منهم شديدة القسوة والخطورة لحياة قائمة على الشك الدائم، فاتقي الله وابتعدي عن فعل ما حرم الله من الكلام، إن كان هذا يحدث.
ثانياً: ثقي أننا نتفهم معاناتك، ونستشعر معاناتك التي تحمل صراعاً من نوع خاص، صراع بين رغبة تريدينها وتجهلين ما فيها مع عدم القدرة على تحقيقها، ولكنّا هنا نحب أن نطمئنك، فلن يكون إلا ما قدر الله وقضى، فلا تخافي ولا تجزعي، وأملي في الله خيراً، إذ كيف يخاف أو يحزن أو يقلق أو يضطرب، من يعلم أن الله كتب عليه كل شيء، وأن الله قد قدر كل شيء قبل أن يخلق السموات والأرض.
روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، في الوقت الذي لم تكن السماوات والأرض قد وجدتا، بل بينهما خمسون ألف سنة كتب الله لك وعليك كل شيء، إذا آمنت بذلك واقتنعت تماماً علمت قطعاً أن الأمور بيد الله سبحانه، يقلبها كيف يشاء.
إن قضاء الله هو الخير لك، نعم -يا ابنتي- ما قدره الله خير مما أردته لنفسك مما لم يقدره الله لك، فاطمئني وتذكري أن الله يختار لعبده الأصلح والأوفق له، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمني الشر وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير ولا يعلم أن فيه نجاته، قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم)، فكوني على يقين بأن اختيار الله لك هو الأفضل دائماً، وهنا سيطمئن قلبك ويستريح.
ثالثاً: كوني على ثقة يا ابنتي أن أحداً لن يحبك كأبويك، هما فقط من يحبونك بلا ثمن، يحبونك بلا مقابل، يتمنيان لك الخير وإن كان على حساب سعادتهما، هذا أمر فطري قد فطرهما الله عليه، لا يملكان من الأمر فيه شيئًا، فاجلسي -حفظك الله- إلى أمك وحدثيها عما يدور بخلدك وأنت هادئة؛ لأن الأمور كما أوضحنا لك تسير بقدر الله.
رابعاً: الاستشارة والاستخارة عنوان الفلاح في الاختيار، فقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم، أن نفزع إلى صلاة الاستخارة عند إرادة فعل ما، وهذه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنا نشير عليك بها، فما ندم من استخار، وقد كان جابر رضي الله عنه، يقول: كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، وكان يقول صلى الله عليه وسلم: (إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ -هنا تسمي حاجتك- خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ -هنا تسمي حاجتك- شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ، وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ).
لذا نريد منك الاستخارة على من يرضاه أهلك لك زوجاً، فإن كان فيه الخير وفقك الله له، وإن كان غير ذلك فسيصرفه الله عنك.
احذري أن تفعلي شيئاً من وراء أهلك، أو تثقي في مخلوق غير أبويك، وعليك بالدعاء، واعلمي أن العبد ضعيف بنفسه قوي بربه، وأن الله قريب مجيب الدعاء، وأن الدعاء سهم صائب لا يخيب طالبه، فلا تيأسي -ابنتي- وعلى الله توكلي، والله الموفق.