وسواس النظافة أصابني بحكة في وجهي، هل من علاج؟

2024-05-21 03:47:30 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أعاني من شيء، وأدركت أنه ليس طبيعيًا، وأطلب النصيحة واستشارتكم.

أظنُّ أن عندي وسواس النظافة، فعندما أنام في منزل أحد أقاربي أعاني من تفكير شديد في الجراثيم، لدرجة تمنع عني النوم، وعندما أنام وأستيقظ تصبح لدي حكة في وجهي، وأصاب بحبوب، حتى إن وجهي أصبح كثير الحبوب!

كان هذا ينطبق على كل منزل غير منزلنا، ولكن في الآونة الأخيرة أصبحت تصيبني في منزلنا، وأظنُّ أن لدي إدراكاً أن هذا الأمر غير طبيعي.

أرجو نصحي بكريمات تخفف الحكة والحبوب، وهل هناك طبيب مختص بهذه الحالات؟

وشكرًا مسبقًا.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب.

الذي تعانين منه بالفعل وساوس، وهي وساوس النظافة والخوف من الجراثيم، وهذه شائعة طبعًا، والحالة بدأت لديك بأن المخاوف هذه كانت تأتيك حين تنامين في منزل أحد أقربائك، وبعد ذلك أصبح الأمر يحدث حتى في منزلك.

وأنا في رأيي أن موضوع الحكة هو موضوع ثانوي، وحين يُعالج الوسواس بصفة تامّة وعلميّة - إن شاء الله تعالى - هذه الحكّة ستختفي، والعلاج - أيتها الفاضلة الكريمة - يعتمد على ما نسميه بالعلاج السلوكي، ويوجد برنامج سلوكي مفيد جدًّا لمثل حالتك هذه، لأن الوسواس لديك وسواس محدّد جدًّا، لذا نعتمد على ما يُسمّى بالتعريض مع منع الاستجابة، أي أن يتعرض الإنسان لمصدر وسواسه دون أن يستجيب استجابة سلبية، كأن ينسحب مثلًا من الموقف.

هنالك تمرين بسيط جدًّا، أريدك أن تُطبقيه، إن شاء الله تعالى يكون نافعًا لك، أريدك أن تجلسي داخل الغرفة مثلًا ويكون المكان هادئًا، وتحضري كوبًا من الماء ومعه قطعة من الصابون، وبعد ذلك تُلامسي كفّ يدك بأسفل حذائك، وتمسحي الكف بأسفل الحذاء، ويجب ألَّا تكون الملامسة سطحية، إنما يكون هنالك ضغط على أسفل الحذاء، وهذا الحذاء يكون متسخًا بالطبع.

هذه العملية يجب أن تستمر دقيقة إلى دقيقة ونصف على الأقل، والهدف هو أن نعرّضك لمصدر الخوف وهو الجراثيم، والجراثيم موجودة في الأحذية وأسفل الأحذية، وكذلك الأوساخ، وبعد أن تتم هذه الملامسة طبعًا سوف تحسين بقلق شديد، هنا يجب أن تمسكي كفّك هذا بكفّك الآخر، وتلامسي ما بين الكفين، وتمسحي بقوة حتى تنتشر الأوساخ أو الجراثيم بالكف الآخر - إذا كانت موجودة أو غير موجودة - لكن الهدف هو تطبيق التمرين. وبعد دقيقتين تقومين بغسل يديك بالماء الذي وضعته في الكوب، والغسل يكون بالماء والصابون، غسلتين فقط، ولا تستغرق أكثر من دقيقتين.

هذا التمرين ممتاز، وبعد ذلك يجب ألَّا تغسلي أبدًا، مهما كان استحواذ وشدة وإصرار الوسواس عليك وما يأتيك من قلق وخوف. نحن نريد أن يحصل لك القلق والخوف، وتصبري على ذلك. ثم تُكرري هذا التمرين مثلًا في فترة المساء، وبعد يومين أو ثلاثة سوف تجدي أن القلق ابتدأ يقلُّ تمامًا.

وهذا التمرين يتم تطبيقه أيضًا بطرق أخرى، بمعنى أن تُغيري مصدر الخوف، بأن تضعي يدك مثلًا في سلة الأوساخ لمدة دقيقة، وإذا صعب عليك ذلك استعيني بوالدتك أو أختك لتمسك بيدك وتضعها داخل سلة الأوساخ، وتمرري يدك، لا تكون ثابتة، إنما تحرّك داخل هذه السلة لتنتشر الأوساخ أو الجراثيم أو أيًّا كان، ثم بعد ذلك تمسحين بين كفيك كما فعلت في المرة الأولى، ليحصل تلامس تام ما بين الكفين، ثم تنتظرين لمدة دقيقتين، ثم تقومين بغسل يديك ليس بماء الصنبور، إنما بنفس الطريقة التي ذكرناها لك، وهي عن طريق الماء القليل الموجود في الكوب، وهكذا، في كل مرة تُغيّرين مصدر الأوساخ.

هذه تمارين علمية مفيدة جدًّا، وإن طبقتها بالصورة التي أتوقعها -في ظرف أسبوع- سوف تحسين أن الوساوس بدأت تتفتت وتتلاشى إن شاء الله تعالى.

وحتى ندعم العلاج السلوكي أريدك أن تستعملي أحد الأدوية المفيدة جدًّا، الدواء يُسمَّى (سيرترالين) الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدئي بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة يوميًا - أي خمسين مليجرامًا - لمدة أسبوعين، ثم اجعليها حبتين يوميًا - أي مائة مليجرام - لمدة شهرين، ثم اجعليها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

السيرترالين من الأدوية المفيدة والفعّالة، وغير إدمانية، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، طبعًا لو تمكنت أن تذهبي إلى طبيب نفسي، هذا أيضًا سوف يكون جيدًا.

هذا الدواء يُصرف في كثير من الدول دون وصفة طبية، لكن بعض الدول تتطلب وصفة طبية من الطبيب، ولا أعرف كيفية الوضع في بلادكم.

موضوع الحكة والحبوب - إن شاء الله - سوف تختفي بعد أن تختفي الوساوس، وأرجو أن تعيشي حياتك طبيعية، وبفعالية، وتحقري الوسواس تمامًا، وطبقي التمرين السلوكي البسيط الذي ذكرته لك، وأنصحك أيضًا بالتخلص من الفراغ، الفراغ الزمني والفراغ الذهني يستجلب هذه الوساوس، ويجعلها تستحوذ، لكن الإنسان الذي يُنظم وقته، ويحسن إدارته ويستفيد منه على الأصول الصحيحة؛ لن يجد الوسواس أبدًا مجالًا لكي يستحوذ عليه، أو يكون شاغلًا له.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والتوفيق.

www.islamweb.net