لدي خوف شديد من الوحدة والموت والمستقبل، فما علاجي؟
2024-05-28 04:28:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتمنى أن تفيدوني وتساعدوني في حل مشكلتي، لأني لم أجد الحل في أي مكان، وهذا الأمر أرهقني.
أنا فتاة أبلغ من العمر 19 سنة، في رمضان 2024 أصبت بارتداد المريء، وتعافيت منه خلال 14 يومًا، ولكن بعد المرض لم تعد حياتي كالسابق، وأصبحت أخاف خوفًا شديدًا، ولا أسيطر على مخاوفي.
ذهبت إلى المستشفى وأجريت تحاليل الدم وغيرها، وكانت سليمة، وإصابتي بارتداد المريء شخصها الطبيب من خلال الفحص السريريّ فقط.
التزمت بصلاتي في رمضان، وعاهدت نفسي على الاستمرار عليها، والحمد لله إلى اليوم ملتزمة بها، ولكني شعرت بأن الأمر روحاني، وذهبت إلى أحد الرقاة، وقال: مصابة بالسحر، فلم أصدقه، فذهبت إلى آخر وقال: مس، وذلك بسبب الأعراض التي ذكرتها لهم، وهي: الخوف الشديد، وعدم القدرة على الأكل، والشعور بسرعة دقات القلب، والشعور المستمر بالألم في القلب، والنوم المتقطع، وعدم الشعور بالراحة أبدًا، والبكاء عند تشغيل الرقية الشرعية.
أبكي لأني أفكر بالأمور الإلهية والخوف من الموت والمستقبل، وأخاف من الوحدة كثيرًا، ولا أستطيع الجلوس لوحدي، حتى أني أنام مع والدتي كي يتبدد خوفي، ولا أحب الحياة، وأشعر كأنها رمادية اللون، وأشعر باكتئاب حاد، ولا أفرح بأي شيء أفعله، ولا أريد الذهاب للعمل؛ لكي لا أجلس لوحدي.
البعض يقول ما أعاني منه هو: الوسواس، والبعض الآخر يقول: مرض نفسي، أرجو منكم مساعدتي ودراسة حالتي جيدًا.
أسأل الله أن يجازيكم كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Eman حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق.
حالتك واضحة جدًا، ما حدث لك من شعور بالخوف الشديد، وأعراض تسارع في القلب، وكذلك الأعراض الجسدية؛ كل هذا جعلك في حيرة من أمرك، للدرجة التي بدأت في التفكير أن هذا الأمر قد يكون له علاقة بأمور روحية، وذهبت إلى الراقي.
أنا أقول لك: إن الحالة طبية نفسية واضحة جدًا، الذي حدث لك هو نوع من قلق المخاوف المصحوب بالأعراض النفسوجسدية، ويظهر لي أنه أيضًا قد حدث لك نوبة ما يسمى بالهرع أو الفزع، فهو نوع من القلق النفسي الحاد، الذي يكون مصحوبًا بمخاوف شديدة، وأعراض جسدية كتسارع في ضربات القلب، حتى أن البعض قد يشعر أن الموت قد اقترب، تبدأ الوسوسة والانشغال، وما يسمى بالقلق التوقعي، والتشاؤم، والتطير، وسوء التأويل، كل هذا يأتي مع هذه الحالات.
وأنا لا ألومك أبدًا في أنك اعتقدت أن هذا الأمر قد يكون عينًا أو سحرًا أو شيئًا من هذا القبيل، لأن هذا الاعتقاد شائع جدًا في مجتمعاتنا، ونحن نؤمن بوجوده، لكن ليس بهذه الكيفية، حالتك هذه حالة طبية نفسية، وإن استطعت أن تذهبي إلى الطبيب النفسي فهذا سيكون أمرًا جيدًا، وإن لم تستطيعي فيمكنني أن أصف لك أحد الأدوية الممتازة جدًا التي تعالج هذه الحالة.
الدواء يعرف باسم الاستالبرام هذا اسمه العلمي، ويسمى تجاريًا السيبرالكس، وربما تجدينه تحت مسميات تجارية أخرى في بلادكم، الجرعة هي أن تبدئي بنصف حبة من الحبة التي تحتوي على 10 مليجرامات، أي تتناولي 5 مليجرامات يوميًا كجرعة في البداية، واستمري عليها لمدة 10 أيام، بعد ذلك ارفعيها إلى 10 مليجرامات يوميًا لمدة شهر، ثم اجعليها 20 مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم خفضيها إلى 10 مليجرامات يوميًا لمدة شهرين آخرين، ثم 5 مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم 5 مليجرامات يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم التوقف عن تناول الدواء.
يتميز الاستالبرام بأنه دواء يعالج القلق والمخاوف والتوترات والوسوسة، كما أنه محسن فاعل جدًا للمزاج، وهو غير إدماني وغير تعودي، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، هذه كلها ميزات إيجابية جدًا، له أثر جانبي وحيد أنه ربما يفتح الشهية قليلًا نحو الطعام، مع شيء من الشراهة نحو الحلويات، هذا لا يحدث لكل الناس، لكن حوالي 50% من الذين يتناولون هذا الدواء يشتكون من هذا الأثر، وهو يحدث في بداية العلاج، وعمومًا إن حدث لك شيء من هذا فأرجو أن تتخذي التحوطات اللازمة، حتى لا يحدث لك زيادة في الوزن.
إذا ذهبت إلى الطبيب النفسي سوف يشرح لك أكثر عن هذا الدواء، أو الدواء الذي يختاره، بجانب العلاج الدوائي أريدك أيضًا أن تتجنبي السهر، أن تتجنبي تناول الكافيين الموجود طبعًا في الشاي والقهوة والشيكولاتة، لا تتناوليه ليلًا أبدًا، ولا كميات كبيرة أثناء النهار، ضروري جدًا أن تطبقي تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرج على وجه الخصوص مفيدة جدًا، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية هذه التمارين.
أشغلي نفسك بما هو مفيد، لا تتخوفي حول صحتك فالأمر بسيط وواضح بالنسبة لنا حتى وإن كان كبيرًا بالنسبة لك، -أيتها الفاضلة الكريمة-، بالنسبة للأمور الروحية فأنا أنصحك أن تحرصي على صلاتك في وقتها، وكذلك أذكار الصباح والمساء، وتحصني نفسك ويكون لك ورد قرآني يومي، وتؤمني بأن الله تعالى خير حافظاً وهو أرحم الراحمين، وهذا يغلق عليك باب الوسوسة حول السحر والعين وخلافه.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.