مترددة في القبول به، لبروده العاطفي

2025-03-16 02:38:19 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا ابنتكم، جئتكم طارقة أبوابكم، بحثًا عن إجابة، لعلّها تريح قلبي، فأنا فتاة على أبواب الثلاثين، من عائلة محترمة ومتدينة، ومستواها المادي -بحمد الله- ممتاز، خُطبت منذ قرابة الشهرين لشاب من نفس البلد ونفس العائلة، لكنه من الأقارب البعيدين.

تقدّم لي قبل ذلك العديد من الخُطاب، وفي كل مرة كنت أجد سلبيات تدفعني لرفضهم. لكن عندما جاء هذا الشاب، كنت قد قطعت وعدًا على نفسي بأن من يتقدّم لي في المرة القادمة لن أرفضه، بحكم تقدّم عمري وكثرة رفضي للخُطّاب؛ مما قد يؤثر على سمعتي وسمعة عائلتي.

عندما تقدم هذا الشاب، رأيت أنه متعلم، يكبرني بعامين، محافظ على الصلاة، ويعمل بوظيفة حكومية. سألنا عنه عدة أشخاص، وأثنوا على أخلاقه، فتوكلت على الله ووافقت، وفاءً بوعدي لنفسي.

ولكن بعد التعامل معه لمدة شهرين، وجدت فيه جمودًا، فلا يعرف ثقافة المجاملة، ولا يلاطف والديّ ولا معارفي، ولا يحاول كسب محبتهم أو اهتمامهم. لا يسعى إلى كسب قلبي، وكان في البداية لا يبادر بإظهار الاهتمام، وحين انتقدته في ذلك، حاول إبداء اهتمام أكبر، لكن ليس بالقدر الكافي. يكتفي بزيارة أسبوعية ومكالمات هاتفية فقط.

كما أنني أشعر بأن أسلوبه مع والديّ وأفراد عائلتي غير لطيف، ويفتقر إلى الاحترام الكافي. أجده باردًا عاطفيًا، قليل المجاملة، وليس اجتماعيًا. بيئته جامدة وتخلو من العاطفة. لا يُكثر من إحضار الهدايا، بل غالبًا ما تكون شقيقته هي من تشتريها، وهو فقط يقدمها.

تحدثنا سابقًا عن مصاريف المنزل في المستقبل، فأخبرني بأنه من المفترض أن أساهم معه في دفع المصاريف بحكم عملي، كما أنه يشجعني على الاستمرار في العمل وعدم تركه. لكنه لا يسألني أبدًا عمّا إذا كنت بحاجة إلى شيء، سواء كان مالًا أو احتياجات أخرى، ولا أشعر بأنه يتحمل مسؤولية تجاهي.

أشعر بنفور منه، وأتخيّل مستقبلي معه بلا عاطفة، وبعيدًا عن التقرب إلى عائلتي أو كسب محبتهم، بماذا تنصحونني؟ هل أنهي الخطوبة في بدايتها، أم أصبر وأمنحه فرصة أخرى؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

نحن بلا شك لا ننصح بالاستعجال في إنهاء هذه العلاقة، فأنتم بلا شك في بداية الطريق، وتزداد أهمية الحرص على عدم إنهاء العلاقة والتمسُّك بهذا الشاب، الذي طرق الباب، وقابل أهلك الأحباب، يؤكد هذا المعنى ما حصل من ردٍّ كثيرٍ للخطّاب، وهذا يُلحق أضرارًا بالغة بالفتاة، بل قد يصل إلى درجة أنهم يحجمون جميعًا، خوفًا من أن يقعوا في مثل هذا الإحراج.

نؤكد لك أن الفتاة في مثل هذه الأحوال بحاجة إلى أن تُشارك وتشاور محارمها، وبحاجة إلى أن توسّع السؤال والمعرفة، فالخطبة ما شُرعت إلَّا ليحصل هذا التعارف، الذي يُوصل إلى التآلف، ومن حق المرأة وأوليائها أن يسألوا عن هذا الذي تقدّم ويتعرّفوا عليه، كما أن من حقه أن يسأل عنكم ويتعرّف عن أخباركم، حتى تُؤسس الحياة الزوجية على قواعد هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

نؤكد لك -ابنتنا الفاضلة- أن الفتاة لا يمكن أن تجد شابًّا بلا عيوب ولا نقائص، فنحن بشر والنقص يُطاردنا، وكذلك الشاب لن يجد امرأة بلا عيوب، ولذلك طوبى لمن تنغمر سيئاته القليلة في بحور حسناته الكثيرة.

إذا كان في هذا الرجل بعض الغموض وبعض السلبيات التي انزعجت منها؛ فلا شك أن عنده إيجابيات، تحتاج إلى أن تُشيري إليها، والإنصاف يقتضي دائمًا إذا ذكرنا سلبيات إنسان مُعيّن، أن نضع إلى جوارها الإيجابيات، حتى تتضح أمامنا الصورة، وحتى يكون الحكم صائبًا وواضحًا ومعتدلًا ومتوازنًا، وأهم الصفات في الخاطب الدين والخلق، كما أرشد إلى ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه).

نؤكد أيضًا أن اختبارات الكرم والبخل قد لا تكون دقيقة، فالفتاة وأهلها يريدون أن يغمرهم بالهدايا، والشاب وأهله يريدون التريث في مثل هذه الأمور، وأن يوفّر الشاب فلوسه وماله، حتى يُؤسّس حياته المستقرة.

وعلى كل حالٍ: نسأل الله أن يُعينكم على الخير، وتشجيعك للعمل أو مطالبته بالمساعدة له في المصروف؛ هذه كلها أمور قد تندرج في الأمور العادية، ولكن لا بد أن يُدرك أي رجل أن مسؤولية الإنفاق عليه، فهو الذي يتولى الإنفاق على الأسرة، ولا مانع من أن تُساعد الزوجة بما تستطيعه، وهذا لونٌ من حُسن المعاشرة لزوجها.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

www.islamweb.net