أخشى من دعوات أمي رغم بري لها، فماذا أفعل لحماية نفسي؟

2025-03-16 03:14:21 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أعيش مع أسرتي حياة سيئة جدًا، حتى أصبح أكبر همي في الدنيا هو الخروج من منزلنا، فالمشاكل لا تكاد تهدأ، وأفراد الأسرة كلهم في حالة عداء، والجو مشحون وكأننا في حرب دائمة، أو نعيش في غابة، القوي يأكل الضعيف.

أريد أن أتزوج للخروج من هذا المنزل، وأدعو الله أن يرزقني الزوج الصالح، الذي فيه مواصفات معينة، حتى أعيش كما أتمنى، بعيدًا عن الشقاء -بعون الله-.

يضايقني كلام أمي لي ولإخوتي، حيث تقول: إن نصيبنا سيكون سيئًا، وأن زواجنا معجزة، وإن حدث وتزوجنا سنتطلق في اليوم التالي، كما تدعو علينا إن تزوجنا، بأن تكون حياتنا أسوأ من حياتنا بمنزلنا، وأن يكون أزواجنا هم سبب تعاستنا، وغير هذا الكثير من أمنياتها السيئة لنا.

أمي مثل جدتي تدعُو على أولادها بسبب أو بدون سبب، أما علاقتي بها فهي جيدة جدًا، لكن دعاءها علي لا يرتبط بالبر أو بأي سبب محدد، يمكن أن تدعو علي مع إخوتي، حتى لو لم أكن موجودة في المنزل وقت دعائها بدون مبرر.

أحيانًا عندما تدعو علي لا أتحمل، فأقول لها: ربي لن يستجيب، وأتضجر وأبكي من دعائها علي، وأخاف وأحزن وأيأس، وتسود الحياة في وجهي، أحاول الصبر وأن أكون بارة بها، حتى لا تستجاب دعواتها فأشقى، وأغلب دعواتها من العيار الثقيل وقاسية، وغالبًا ما تشملني مع غيري، دون أن يكون لي دخل بالسبب، أو لشيء عادي بيني وبين أحد من إخوتي، أو لسبب هين.

بعدما تدعو علي يمتلئ قلبي غيظاً عليها، وأحس بالكراهية تجاهها، بسبب اختيارها لتلك الدعوات، التي إن استجابها الله لا أدري أين سأكون، أحاول تجنب ما يغضبها، وأبادر بإرضائها لو أخطأت، وإن قصرت أحاول تعويضها، ومع ذلك لا ترضى عني.

عندما تدعو علي أدعو في نفسي: "اللهم إني أعوذ بك من دعوات أمي"، أو " اللهم نجني من دعوات أمي"، فهل دعواتي هذه تعتبر حصنًا لي من دعوات أمي؟ وهل عدم رضا أمي عني -مع أني أحاول إرضاءها- يمكن أن يؤثر على دعواتي فلا تستجاب؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جهاد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في الدنيا والآخرة، وجزاك الله خيرًا على برك بوالدتك، وعلى الاجتهاد في إرضائها فور غضبها، وعلى تحريك مواطن برها، وهذا هو المأمول في الأخت المسلمة التي تريد إرضاء الله عز وجل.

أختنا الكريمة: اعلمي قطعًا أنه لا يوجد على ظهر هذه الأرض أحد يحبك كوالديك، تلك فطرة قضاها الله تعالى فيهما، فلا يصرفك خطأ وقعا فيه عن هذه الحقيقة، ولا يحملنك ما فعلته الأم على الابتعاد عنها، فبرها واجب عليك، وفيه مرضاة الحق عنك.

اطمئني -أختنا- فمن رحمة الله تعالى أنه لا يستجيب دعاء الوالدين -أو أحدهما- على أولادهما إذا كانا في وقت غضب، أو ضجر، أو إذا كان هذا عادة اعتادت عليها الأم من بيئتها ولم تستطع تجاوزها، قال الله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [يونس11] يقول ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: "يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده، وأنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم، أو أموالهم، أو أولادهم؛ في حال ضجرهم، وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد بالشر إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم -والحالة هذه- لطفًا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم، أو لأموالهم، أو لأولادهم بالخير والبركة والنماء"، فاطمئني ولا تقلقي.

نريد منك -أختنا الكريمة-:
1- الاجتهاد في إرضاء الوالدة، والابتعاد عما يغضبها، والجلوس معها في وقت الرضا، والحديث إليها أن هذا لا يجوز شرعًا، وأنها يمكنها أن تستخدم أي وسيلة غير الدعاء، وإن كانت لا تقبل من الكلام، فابحثي عمن تحبهم والدتك من أهل التدين، كي يحدثونها عن ذلك.

2- كذلك نريد منك وإخوانك وأخواتك، أن تعملوا على تهدئة المشاكل في البيت، فهذا هو الدور المناط بكم، ما استطعتم إلى ذلك سبيلًا.

3- نرجو منك الرقية الشرعية في البيت، كما نرجو أن تقرئي سورة البقرة كل ليلة أو كل ثلاث ليال، أو على الأقل الاستماع إليها؛ فإنها حصن حصين من الشيطان.

4- اجتهدي في بذل أقصى جهد ممكن، لكي يحافظ الجميع على صلاتهم وأذكارهم، فإن غياب التدين قد يكون له دور في اشتداد حدة الغضب تلك.

5- مع كثرة دعاء الله عز وجل، أن يصرف عنكم ما أنتم فيه من بأس.

نسأل الله أن يحفظك ووالدتك، وأن يبارك فيكم، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تسعدين به في الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.

www.islamweb.net