حزن وضيق يملأ صدري بسبب ذنب فعلته، فهل يحتسب لي عند ربي؟

2025-03-17 03:42:28 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

تعرفت على شاب، وكان يميل للتحدث خارج الحدود، ولكنه بالمقابل لديه صفات جيدة، وبسبب قلة خبرتي تركته يتكلم، فكنت أرفض، وأثور، ومع الوقت أدركت بأن الكلام أصبح خارج الحدود، مع أنه في بداية العلاقة كنا أصدقاء.

بدأت أنسحب قليلاً قليلاً، وسألت الله أن يغفر لي ذنبي، وصرت أشعر بالضيق والحزن في صدري، وبدأت حياةً جديدةً أطلب مرضاة الله فيها، وأنا أعلم بأن صداقتنا كانت خطأ منذ البداية، ولكن النفس أمارة بالسوء.

فهل الحزن، والضيق، وسوء الحال لأمر تركته احتسابًا لله، أؤجر عليه؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Noha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اعلمي -أختي الفاضلة- أن هذه الطريقة للتعارف بين الشباب تحتوي على العديد من المحاذير والمخالفات الشرعية، والتي تنتهي غالبًا بالوقوع في مزالق الشيطان، والوقوع في الحرام -والعياذ بالله-، لقد حدد الإسلام وسائل مشروعة لبناء الأسرة، تقوم على تقوى الله، والشعور بالمسؤولية؛ لذلك حرّم الإسلام العلاقات العاطفية بين الجنسين قبل الزواج، تحت أي مسمى، وجعل هناك حدودًا وضوابط تحمي عرض الرجل والمرأة، وفي نفس الوقت حدد لبناء هذه العلاقة، وحدوث التعارف مدخلًا للخِطبة لمن كان جادًا وصادقًا في قصد الزواج، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لم يُر للمتحابين مثل النكاح) رواه ابن ماجه.

ومن سؤالك يتضح أن هذا الشاب كان هدفه المتعة من خلال الحديث عن هذه القضايا الخاصة، مستغلاً اندفاعك، وتعلُّقك به، وطموحك الصادق في بناء بيت، وتكوين أسرة، ليصل إلى تحقيق تلك المتعة المنحرفة في نفسه.

استجابتك له جعلته يتدرج ويطمع بالكثير، ولم يكن ليتوقف عن ذلك، حتى أصبح حديثه كله في هذه القضايا التي لا تكون إلا بين الأزواج، ولو كان جادًا في الزواج لجاء لخطبتك، وسعى للاجتماع بك كما يرضي الله تعالى.

لقد أحسنت بالتوبة إلى الله تعالى من هذا الفعل، وأحسنت أيضًا بالانسحاب من هذه العلاقة، وإن كان الأفضل في مثل هذه العلاقات السامة أن لا يتم التدرج؛ حتى لا يتم ترك فرصة للتلاعب، أو ضعف المشاعر، أو تهديد الطرف الآخر، وكان الأفضل عدم الدخول في هذه العلاقة من الأساس، وإذا زلّت القدم فيجب الخروج من ذلك فورًا متى ما تبين لك تحريم الشرع لها، وعواقبها الخطيرة على نفسك، ودينك، وعرضك؛ لذلك عليك -أختي الفاضلة- بالاجتهاد في تحقيق شروط التوبة النصوح: من الندم عن فعل الذنب، والإقلاع عنه، والعزم على عدم الرجوع إليه.

واعلمي –وفقك الله– أن الحزن، والألم، والضيق لا يكون مع التوبة الصادقة أبدًا؛ فالتائب الصادق يُبدّل الله همه فرحًا، وحياته سعادةً، ولكن قد يكون الهم بسبب شعورك بالتقصير في حق الله، أو تضييع العمر في تجارب تغضب الله تعالى، ولا فائدة منها، وهذا الشعور طبيعي بعد التوبة؛ لأن النفس تريد أن تعوض ما فاتها من خير، وتتدارك الأخطاء في حق الله، كما قد يكون الهم بسبب ترك ما اعتادت النفس عليه من انحراف وخطأ، وهنا يجب الصبر، ومجاهدة النفس، والالتجاء إلى الله، يقول تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)، ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (.. إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا أبدَلك الله بما هو خيرٌ لك منه) رواه أحمد.

فما يصيبك من الهم والحزن ليس لكونك تبت إلى الله، أو تركت هذه المعصية، وإنما لما يعقبها من حسرة، وألم المعصية، وسرعان ما يزول هذا الهم والحزن بالإكثار من ذكر الله، وتلاوة القرآن، والتقرب إلى الله تعالى بالطاعات والنوافل.

أخيرًا -أختي الفاضلة-: عليك بالاجتهاد في الأعمال الصالحة، والدعاء أن يختار الله لك الزوج الصالح التقي الذي يعينك على الخير، ويدلك عليه، واجتهدي في إحاطة نفسك بالرفقة الصالحة الناصحة، وعليك بالانشغال بكل مفيد، حتى يزول أثر هذه التجربة الصعبة من حياتك، وتتعلمين منها في مستقبلك.

وفقك الله وسدد خطاك.

www.islamweb.net