مغترب وزوجتي تخرج في الليل دون علمي!
2025-03-17 03:35:22 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا متزوج، وسافرت من أجل مستقبل أفضل بموافقة زوجتي وإصرارها إلى أوروبا بصفة لاجئ، ولكن زوجتي أصبحت تخرج دون علمي، وأهلي أصبحوا يشكُّون بها لخروجها في الليل وهي متعطرة.
حين عُدت من السفر للزيارة كان هناك مبلغ مالي مودع لديها، والمبلغ مشترك بيننا؛ حيث كنا نعمل في السابق لشراء منزل قبل أن أسافر، وحين سألتها عن المبلغ، قالت صراحة: (لن أعطيك، هذا حقي، وأنت أخذتَ حقك قبل السفر)، علمًا أني أسعى لجمع شمل الأسرة في الأيام القريبة.
وبعد السؤال والاستفسار اكتشفت أنها اتصلت بعدة أشخاص لكي تستدين منهم، وأوصتهم بعدم إخباري، وتقول إنها استدانت من أجل صديقة لها وليس لها، وحين أصررت أن أعرف أين المبلغ طلبتْ الطلاق.
أنا أعتقد أنها تكذب، وتصرفت بالمبلغ، وأنا في حيرة من أمري: هل أقوم بجمع الشمل معها في أوروبا، وأخاف من ضياع الأسرة (الأطفال في حال حدوث مشاكل بيننا) في أوروبا، أم لا أقوم بذلك؟ وهل أبقيها على ذمتي أم أطلقها؟ لأن الشك والحيرة سيطر على عقلي وقلبي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ibrahim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير، وأن يعينك على القيام بحق أسرتك والحفاظ عليها.
ونحن أولًا نُذكِّرُك بحق أسرتك عليك، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا}، وأخبر النبي ﷺ بأن الرجل راعٍ في أهل بيته ومسؤول عن الرعية، فقال: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ ومسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ).
فهذه مسؤوليات يجب القيام بها -أيها الحبيب- وأن نحرص على مستقبل هذه الأسرة، ومن المستقبل -وهو المستقبل الأهم- المستقبل الأخروي بعد الموت، وهذا يكون بحفظ دين هذه الأسرة، والسعي نحو تجنيبها الوقوع في معاصي الله سبحانه وتعالى، ومخالفة أمره، وتضييع حدوده، وزوجتك أمانة، وأنت راعٍ ومسؤول عنها، وينبغي أن تكون حافظًا لها وحارسًا لها من أن تقع في المخالفات والمعاصي، وهذا كله يستدعي أن تكون حاضرًا بين أسرتك، غير غائب عنهم، تُحقِّق لهم مصالحهم ومقاصد حياتهم بما تقدر عليه.
أمَّا الابتعاد عن الأسرة والاغتراب عنها دون تأمين مَن يقوم بهذا الدور من التوجيه والتربية والرعاية والحفظ؛ فإنه بلا شك سيجرُّ الأسرة إلى خطر عظيم.
ولهذا نحن ننصحك -أيها الحبيب- بأن تُعيد النظر في مسألة الاغتراب والابتعاد عن الأسرة، أو تحويل الأسرة أصلًا إلى المجتمع الغربي بما يَحُفَّ الحياة هناك من الأخطار، ويبدو من كلامك أنك لست مضطرًا للعيش في تلك الدول الغربية، وأنه يمكنك العيش في بلادك التي أنت فيها، وإن كان ذلك مع نوع إقْتَار وتضييق، فإن بقاءك في البلد مع أسرتك، واستطاعتك القيام على توجيههم وحفظهم من الزلل والضياع، أهم بكثير ممَّا يمكن أن تجنيه من زيادة في الرزق لتعيش -كما قلت- مستقبلاً أفضل.
فليس هناك أفضل من أن يكون الإنسان حارسًا لدينه، محافظًا عليه، مع قيامه بما يحتاجه من شؤون الدنيا، فالخسارة الحقيقية هي حين يخسر الإنسان رضا ربه سبحانه وتعالى ويقع في معاصيه، وقد أخبرنا الله في كتابه الكريم عن الفوز الحقيقي، فقال: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَاّ مَتاعُ الْغُرُورِ}، فينبغي للإنسان المؤمن أن يكون هذا هدفه.
ولا شك -أيها الحبيب- أن ما مضى معك من تجربة مع زوجتك يؤكد لك هذه الحقيقة، وأنه لولا غيابك عن الأسرة لما حصلت هذه الأمور التي جعلتك تعيش هذا النوع من الشك والاضطراب، فالآن نحن ننصحك بأن تُعيد رقابتك على أسرتك، وألَّا تتعجل بطلاق زوجتك؛ فإن هذا الطلاق سيهدم الأسرة ويُعرِّضُك لمصاعب كثيرة في حفظ الأبناء والبنات، والقيام عليهم، والأسهل من هذا أن تَلُمَّ أسرتك أولًا في البلد الذي أنت فيه، فتحاول كسب لقمة العيش التي تحقق لكم الكفاية، ولو كان مع نوع تقتير وتضييق؛ فهذا خير من السعة مع ضياع الأسرة، ووجودك بجانب أولادك وبجانب زوجتك سيدفع الكثير من المفاسد الواقعة لهذه الزوجة.
وما سبق من الأموال إن كنت قد أخذت نصيبك فعلًا قبل السفر، وما بقي من المال كان نصيبها وتصرفت فيه؛ فإنه لا حرج عليها في ذلك، ولا ينبغي أن تُضيِّق عليها أنت بسببه، وإن كانت أخذت شيئًا من أموالك أنت؛ فينبغي أيضًا أن تتغاضى في سبيل إصلاح حال هذه الأسرة والحفاظ عليها.
أمَّا مجرد الظن السيئ بالزوجة، فإنه لا يفيدك الآن، بغض النظر عمَّا وراءه، لكن لا يفيدك شيئًا ولا يغني شيئًا في مصلحتك ومصلحة الأسرة، فينبغي أن تُحسن التعامل مع زوجتك الآن بحفظها ومنعها من الخروج، وأن تُحقِّق حاجات الأسرة، وأن تقوم عليها، فهذا هو الخير لك ولهم.
نسأل الله تعالى أن يُقدِّر لك الخير حيث كان.