رفضت خالتي زواجي من ابنتها لخلافها مع أمي، فكيف أتصرف؟

2025-03-12 01:19:08 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أنا شاب 38 سنة، أحببت ابنة خالتي فتحدثت معها عبر وسائل التواصل، وبلغتها مشاعري فقبلت بعد إلحاح مني، وبعد أسابيع تقدمت لخطبتها مرتين، وفي المرتين أمها لا تريد أن تزوجها لي؛ بحكم خلافات بينها وبين أمي -أي أختها-، فبقيت أتواصل مع ابنة خالتي، وتعاهدنا على الزواج، وأن نصبر إلى أن يفرجها الله، والآن منذ خمس سنوات في علاقة دون محرمات -والحمد لله- إلا بعض الصور نادراً.

الأسبوع الماضي تقدم لها شخص يريد التحدث معها بغرض الزواج بها، ومن شدة غيرتي اتصلت به، وقلت له: إنها على علاقة معي منذ خمس سنوات فتركها، والآن هي تبكي، وحالتها النفسية متدهورة، ولا تريد الرجوع معي، مع العلم أنني استخرت الله عدة مرات منذ أن أحببتها، وقبل أن أخطبها وإلى اليوم، وهي تقول: إنها استخارت الله هذه المرة، وإنني أنا من تسبب في الوقوف أمام قدرها، عندما تحدثت مع الخاطب -لست متأكداً من كلامها-.

فهل أمها تأثم لعدم قبولها أن تزوجها لي؟ مع العلم أنني حسن الخلق والدين، ولا غبار عليّ -والحمد لله-، وسبب رفضها خلافها مع أمي، وهل آثم لأنني تكلمت مع الخاطب؟ وهل عليّ فعل شيء لأنني تكلمت معه؟

على الرغم من أنني صليت الاستخارة: هل تدخلت في أمر الله؟ وهل هو إثم؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن ييسّر لك الزواج، وأن يُعفّك بالزوجة الصالحة التي تقرُّ بها عينُك، وتسكنُ إليها نفسُك، وأن يُقدّر لك الخير حيث كان.

نحن ندعوك -أيها الحبيب- إلى أن تُجاهد نفسك لترضى بما يُقدّره الله تعالى لك، وذلك بأن تقرأ كتاب الله تعالى، والآيات الواردة في القضاء والقدر؛ فإن الإيمان بقدر الله تعالى جنَّةٌ عاجلة في هذه الدنيا، فإذا أيقنت وصدّقت بأن الله -سبحانه وتعالى- قد كتب لك كل ما ستلقاه وتجده في هذه الحياة، قبل أن تخرج أنت إلى هذه الحياة؛ هانت عليك الأمور، والله تعالى لطيفٌ خبيرٌ، يُقدّر لك الخير، ويسوق إليك المنافع بطريق اللطف، أي بالطرق الخفية، فربما تظنّ الشيءَ شرًّا ويكون الخير فيه، كما قال الله في كتابه: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُم} [البقرة: 216].

فإذا آمنت بقضاء الله تعالى وقدره هانت عليك الأمور، وسَهُلَ عليك تقبُّل الحال التي أنت فيها، فربما علم الله تعالى أن الخير في أن تتزوّج بغير هذه الفتاة، ولهذا صرَفك عنها، ولم يُقدّر لك الزواج بها، فتوجّه نحو ما يريده الله تعالى منك من الاستعفاف، والبحث عمَّن ترضى بك وترضى بها، وجاهد نفسك على صرف قلبك عن التعلُّق بهذه الفتاة؛ فإن التعلُّق مع عدم إمكان الوصول إليها مضرَّة خالصة، وليس فيه كبير فائدة لك، سوى عناء التعلُّق، وتعطُّل حياتك عن الإنجاز والمضي في ما هو نافعٌ لك.

ونحن نرى -أيها الحبيب- أنك أسأت إلى هذه الفتاة حين فعلت ما فعلت مع هذا الرجل الذي خطبها، وتسبّبت في إيذائها؛ ولهذا ننصحك بأن تُصلح ما أفسدت، وتحاول الاتصال بهذا الرجل وتُخبره بالباعث الذي بعثك على ذلك، وأنك تحرص على أن تتزوّج بها، فلعلَّ الله -سبحانه وتعالى- أن يجعل في هذا الاتصال منك ما يجبر الخلل، ويُصلح الكسر الذي وقع فيما مضى.

وليس من حقك أن تعتدي على هذه الفتاة وتُعطّل حياتها لمجرد أنك متعلِّقٌ بها، فلا يجوز لك إيذاء الإنسان المسلم، والتسبُّب في الضرر له، ولا يُبرّر لك موقف أُمِّها وممانعتها من تزويجك بابنتها، لا يُبرّر ذلك لك أن تعتدي على هذه الفتاة بهذا النوع من الاعتداء الذي فعلته.

وأمَّا هل تأثم أُمُّها لرفضك أو لا تأثم؟
فهذا أمرٌ لا نستطيع البتِّ فيه إلَّا بعد إدراك البواعث التي تبعثُها على هذا الموقف، وهل بقصد الإساءة إلى ابنتها أو الحفاظ على مصلحتها؛ فكلُّ هذه المبررات لها أثر في معرفة الحكم عليها.

نحن ننصحك أن تتوجّه نحو الشيء الذي ينفعك ويُفيدك؛ فالذي ينفعك ويُفيدك هو أن تتوجّه لبناء حياتك، وأن تُعرض عمَّا لا يمكن وصولك إليه، وأن تكون مُدركًا موقنًا أن الخير فيما يُقدّره الله تعالى لك.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يُقدّر لك الخير حيث كان، ويُرضّيك به.

www.islamweb.net