أحببت فتاة ولم أتمادَ معها، فهل يمكن أن يوفقنا الله للزواج؟

2025-03-18 02:53:53 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سأدخل في الموضوع سريعاً.
أحببت فتاة منذ سنة، ويشهد الله أن كل ما في قلبي هو حب لها، وأنني أريد أن أعيش معها في حب وأمان، أعلم أن هذه العلاقة محرمة، وأصلي وأدعو الله أن يغفر لي ولها على هذه العلاقة.

المشكلة أنني لا أستطيع أن أبتعد عنها، أخشى أن يلتف حولها شاب غيري، وأشياء كثيرة، وأنا سوف أموت إذا حدث هذا، لا أريد أن أخسرها، خلقني الله غيورًا جدًا، وقلبي يحترق، لا أستطيع أن أتحمل فكرة أن تكون لها علاقة بأحد بعدي.

أخاف من هذه العلاقة، لكني أصلي وأستغفر لأجلها، أنا أهديتها للحجاب والصلاة لأول مرة في حياتها، أهلها لم يكونوا يعلمونها الصلاة كثيرًا، حاولت التواصل مع أهلها، ولكن لم أستطع، جدتها تعرف أننا نتحدث، وأنني أحبها جدًا.

تعلق قلبي بها كثيرًا، وليس بيدي، لم أوافق على مقابلتها أبدًا لأنني أعلم بحرمة ذلك، وأخبرتها أن علاقتنا أصلاً خطأ، لذا يجب ألا نتمادى في الأمر حتى يسامحنا الله ويبقينا معًا، ونتخطى الأمور، هل يمكن أن يسامحني الله ويوفقنا في هذا الأمر ويساعدنا؟

أرجو الرد؛ لأني حائر جدًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سيف الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب.

لقد أحسنت في سلوك طريق التوبة، فالعلاقات العاطفية قبل الزواج مما حرمه الشرع، حفاظاً على الأعراض، وصيانة لها من عبث العابثين وأصحاب الشهوات، وبفضل الله أن "من تاب تاب الله عليه"، لذلك عليك أن تحقق شروط التوبة الثلاثة بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم أن لا تعود إليه، فإن حققت هذه الشروط غفر الله لك وتقبل توبتك بفضله وكرمه سبحانه، يقول تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى). وتعتبر التوبة منقوصة وغير تامة إذا أصر الإنسان على الذنب ولم يقلع عن ارتكابه يقول تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ).

ثم اعلم -وفقك الله- أنك في سن اندفاع المراهقة وتأجج العاطفة، وهذا ما يزيد رغبتك العاطفية في العلاقات وفكرة الزواج، متجاهلاً مسؤولية الزواج والأعباء التي تترتب عليه؛ فالزواج ليس مجرد عاطفة وحب فقط، بل مسؤولية تحتاج إلى وعي وصبر وتحمل.

أخي الكريم: لا تزال في مقتبل العمر، والدخول في هذه العلاقات يشغل قلبك وعقلك عن تأسيس طموحاتك وأهدافك في الحياة، فالتفكير باندفاع العاطفة والمراهقة يعمي الإنسان عن واقعية الحياة، وما يترتب عليها من نتائج بعد ذلك، وكل هذا بسبب الإغراق في التعرض لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وما تزينه من منكرات تحت غطاء العلاقات البريئة وغيرها.

لذلك ننصحك أن تتوقف عن هذه العلاقة، وتقدم مراد الله وشرعه وما يحب على مراد نفسك وما تحب، وهذا يحتاج منك لصدق وصبر، ولتحقق ذلك يجب أن تجلس مع نفسك جلسة تساؤل في حياتك ومستقبلك بعيداً عن العاطفة، وتطرح على نفسك أسئلة منطقية وواقعية، هل أنت فعلاً في هذا السن قادر على أن تكون زوجاً وتقوم بالأعباء التي تؤسس لبناء بيت وأسرة وأبناء؟ هل تملك من الباءة، والاستطاعة المالية والنفسية والجسدية ما تحقق مقاصد الزواج ليكون سكن ومودة، ورحمة، وسعادة؟

من المهم جداً أن تترك مساحة من الواقعية حتى لا تعيش اندفاع العاطفة، ثم تصدم بالواقع الحقيقي، ودور هذا التساؤل العقلي أن يوقف اندفاع العاطفة، ويعينك على قرار التوقف عن هذه العلاقات، فأنت الآن تعيش حالة انفعال عاطفي كبير، تظن أنك لن تعيش بدون هذه الفتاة، ولا يوقف هذه الحالة العاطفية إلا تساؤل العقل بواقعية وحزم وصدق.

كما ننصحك بأن تشغل وقتك، وتستثمر شبابك، وأنت في هذا السن المبكر ببناء نفسك وتزكيتها، وتأسيس المهارات الحياتية المختلفة، حاول أن تجتهد في طاعة ربك، وبناء الإيمان والصلاح في قلبك، كحفظ القرآن والحفاظ على الطاعات.

حاول ألا تترك في حياتك فراغاً لهذه العلاقات والتفكير فيها، فمن أهم أسباب عجزك عن ترك هذه العلاقة: هو الفراغ الذي يدفعك للتفكير الدائم فيها والشوق إليها، وتذكر قول الله: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( إنك لن تدع شيئاً لله -عز وجل- إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه ) رواه أحمد.

أسأل الله أن يوفقك للخير، ويشرح صدرك لطاعته.

www.islamweb.net